ماذا تفعل إذا تعرضت لاعتداء من رجال الضبط؟ هل ستدافع عن نفسك؟ وهل حقك في الدفاع عن نفسك بمواجهة رجال الضبط مطلقا، أم ان هناك قيودا تحد من ذلك الحق؟ ما مدى حقك في الدفاع عن نفسك؟ تتجلى أهمية الإجابة على تلك التساؤلات عندما تعلم أن فعلا ما يمكن أن يكون جريمة تزج بأحد الأفراد خلف القضبان، قد يعتبره القانون فعل دفاع شرعي ويخرج منه صاحبه بلا أي مسئولية مدنية أو جنائية.
إن فكرة الدفاع الشرعي ليست وليدة اليوم بل إن لها جذورا تاريخية متأصلة في كثير من التشريعات القديمة، فالدفاع الشرعي يعد أحد مبادئ القانون الطبيعي التي عرفتها اليونان قديما، وهو يمحو الجريمة عند الرومان، وكان يعفى من العقوبة في أوروبا المسيحية في القرون الوسطى، وقد أقرت الشريعة الإسلامية منذ نشأتها حق الدفاع الشرعي وأباحت للأفراد الدفاع عن أنفسهم ضد أي اعتداء.
حيث يطلق عليه في الفقه الإسلامي بالدفاع الشرعي الخاص أو يطلق عليه اسم «دفع الصائل» ويعرف على أنه واجب الإنسان في حماية نفسه أو نفس غيره، وحقه في حماية ماله أو مال غيره من كل اعتداء غير مشروع وبالقوة اللازمة لدفع هذا الاعتداء.
ويرى كثير من الفقهاء المسلمين أن أصل إباحة فعل الدفاع الشرعي قوله تعالى في كتابه الكريم: «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم» (البقرة: 194)، وما روي عن الرسول (ص): «من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد».
والدفاع الشرعي بات حقاً مهماً وضمانة مهمة لكل فرد في المجتمع، حيث انه يكفل له مقاومة الاعتداء لحماية نفسه وغيره دون أن يترتب على دفاعه أي مسئولية جنائية طالما كان دفاعه معقولا وغير خارج عن الحدود التي رسمها القانون لهذا الدفاع.
وفي وقتنا هذا أصبحت معظم قوانين العالم تنص على حق الأشخاص في الدفاع الشرعي عن أنفسهم وعن أموالهم وكذلك عن نفس الغير وماله.
وقد نص المشرع البحريني في معرض بيان ذلك الحق بمواجهة رجال الضبط، بالمادة 19 من قانون العقوبات على ما يلي: «إذا جاوز أحد رجال الضبط حدود وظيفته أثناء قيامه بواجباته ونشأ عن ذلك خطر يجيز الدفاع الشرعي فلا يجوز دفع ذلك الخطر إلا إذا كان الموظف العام سيئ النية أو كان يخشى أن ينشأ عن فعله خطر جسيم على النفس».
وبالرجوع لشرح النص السابق نجد أن المشرع البحريني قد أجاز الاحتجاج وممارسة حق الدفاع الشرعي بمواجهة رجال الضبط، رغم قيام الأخير بأداء واجبه في اقتياد الأشخاص إذا ما ثبتت سوء نيته أو أن فعله كان يخشى أن ينشأ عنه خطر جسيم على النفس.
وحيث ان مسألة التحقق من سوء نية رجل الضبط تتأتى من خلال ظروف وملابسات واقع الحال، والتي قد تكون صعوبة إثباتها أمام النيابة العامة ومن ثم المحاكم تفوق إثبات الخشية من وجود الخطر الجسيم، والتي تتسع لأي فعل أو تعرض قد قام به رجال الضبط بمواجهة المراد القبض عليهم وقد استشعر الأخير، ونما في اعتقاده وقوع خطر جسيم على نفسه، حتى وإن كانت تلك الخشية مفترضة أي نمت في اعتقاد المراد القبض عليه فقط ولا تمت للحقيقة بصلة، كأن يثبت مثلا أن رجال الضبط كانوا يستخدمون الهراوات في الضرب في مقتل كالضرب على الرأس أو الوجه أو الاعتداء على سلامة الجسم بأي وجه كان أو المساس بالحق في الحياة كاستخدام الرصاص مثلا، والحكمة من ذلك تكمن في حقيقة يفترضها العقل والمنطق قبل أن تقرها الدساتير والتشريعات هي أن المساس بسلامة الجسم أو الحق في الحياة من شأنه أن يصطدم مع الفطرة البشرية والمبادئ الإنسانية في التعامل مع أفراد المجتمع بشكل مباشر.
ولا يتعارض حق الدفاع الشرعي، بحق استعمال القوة اللازمة الذي قُرر لرجال الضبط إلا أن ما يجدر ذكره هو أن ذلك الحق قد قيد «باللزوم» والذي يعني عدم الإفراط في استخدام القوة، والاكتفاء باستخدامها في اقتياد الشخص وتقييد حريته فقط دون المساس بسلامة جسمه أو حقه في الحياة كما أكدت ذلك المواثيق الدولية والتشريعات.
ومن الطبيعي بمكان أن كثرة رجال الضبط ساعة القبض على أحد الأشخاص كفيلة بتقييده واقتياده دون الحاجة للقيام بممارسة وسائل القوة المفرطة كالضرب بالهراوات أو الأسلحة البيضاء أو استخدام الغازات السامة والمسيلة للدموع والمحظور استخدامها دوليا بموجب «معاهدة حظر استخدام الأسلحة الكيماوية»، والتي صدقت عليها غالبية دول العالم كمملكة البحرين، نظرا لأن استخدامها من شأنه التأثير المباشر على سلامة الإنسان في جسمه وحياته لما تسببه من أضرار جسيمة جدا كالغثيان والاختناق بل حتى الوفاة.
قصارى القول ان وجود حق الدفاع الشرعي بمواجهة رجال الضبط ووجود حق استعمال القوة اللازمة لرجال الضبط، من شأنه أن يكرس موازنة بين القيود التي تحد إطلاق الحقين السابقي الذكر، وبالتالي واجب كل من رجال الضبط والأفراد في الحفاظ على ما أقرته المواثيق الدولية والدساتير والتشريعات من الحق في الحياة والحق في سلامة الجسم وما إلى ذلك من حقوق
إقرأ أيضا لـ "نفيسة دعبل"العدد 3399 - الثلثاء 27 ديسمبر 2011م الموافق 02 صفر 1433هـ
يا ريت تطبق ...
للأسف ما يطبقون هالشي عندنا في البحرين
تشوفونهم وهم يجرون الواحد بعد اعتقاله ويضربونه
ضرب اخو الموت .. لكن الى الله المشتكى
هاي المجود
وضعة القوانين لتسير حياة البشر
كثري من هالكتابات رحم الله والديكِ
مقال يلامس الواقع الذي نعيشه.. ونحتاج إلى مثل هذه المقالات لتثقيف شريحه كبيره من المجتمع وبالخصوص الشباب منهم حتى نعرف حقوقنا و واجباتنا.. شكراً لكـِ
القوانين جميلة وهي مكتوبة وهي تدرس ولكن
ما اسفه القوانين اذا ضربت بها الدول عرض الحائط بعد
تكرس لها جامعات تدرسها ولجان تصوغها وقضاة يقومون عليها واموال تصرف عليها بدون حد ولكن
فجأة وتصبح هذه القوانين بعد هذا كله لا قيمة لها
امام جهة تنفيذية لا تعترف بها ولا تأخذ منها الا بقدر
ما تنتقيه
من يقوم على تطبيق القوانين هي الجهات التنفيذية
والتي يجب ان تكون تحت المساءلة وإلا أصبحت القوانين حبر على ورق والجهات التنفيذية غالبا
ما يكون لديها انتقائية اي تطبق ما يروق لها وتضرب
بعرض الحائط ما لا يعجبها
رحم الله والديك
والله خوش مقال، فالناش بحاجة لتوعيتهم بحقوقهم القانونية، شكرا لكم.
مجرد فكرة ...
نخرج بشكل سلمي ولنا حق أن ندافع عن أنفسنا أن أترينا لاكن ليس في كل وقت
نص المشرع البحريني في معرض بيان ذلك الحق بمواجهة رجال الضبط، بالمادة 19 من قانون العقوبات على ما يلي: «إذا جاوز أحد رجال الضبط حدود وظيفته أثناء قيامه بواجباته ونشأ عن ذلك خطر يجيز الدفاع الشرعي فلا يجوز دفع ذلك الخطر إلا إذا كان الموظف العام سيئ النية أو كان يخشى أن ينشأ عن فعله خطر جسيم على النفس».
عبد علي البصري
شكرا جزيلا فالمقال فيه من البلاغه ما يكفي لايصال المعلومه ، و فيه من الشواهد القانونيه والشرعيه و الانسانيه مايدعم الموضوع . علاوه على التسلسل الموضوعي ، وخير الكلام ما قل ودل
القانون معطل والشرع معطل والانسابية معطلة
اذا كان القانون معطل والشرع معطل والشعور الانساني معطل فالى من يلجأ المواطن
لا ملجأ الا اليه لا الى سواه نعم المولى ونعم النصير
القانون يعطل ولا يلغى وكذلك الشرع ويبقى الحق لا يسقط بالتقادم كما يقول فقهاء القانون وسأطلبه واوصي من سيأتي بعدي بالمطالبة به