العدد 3397 - الأحد 25 ديسمبر 2011م الموافق 30 محرم 1433هـ

المجتمع المدني الأفغاني ينادي بالسلام العادل

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

تستضيف قاعة بيتهوفن في العادة عازفي الكمان والتشيلو والآلات الموسيقية الأخرى. ولكن في الفترة من 2-3 ديسمبر/ كانون الأول 2011 استضاف المسرح مهندسين وأساتذة جامعيين وإعلاميين مهنيين وقادة في مجال حقوق الإنسان وحقوق المرأة ومنظمات أفغانية غير حكومية، تناغمت أصواتهم في منتدى المجتمع المدني الأفغاني.

تباينت هذه الأصوات الأفغانية المطالِبة بسلام عادل مع أنباء مأساوية من أفغانستان عن تفجيرات مروعة استهدفت المؤمنين من الشيعة، إضافة إلى الغارة الجوية الأميركية على جنود باكستانيين، وانسحاب الباكستان الذي تلا ذلك من مؤتمر بون الخاص بأفغانستان الذي عقد يوم 5 ديسمبر والذي حضره أعضاء من المجتمع الدولي للحديث عن مستقبل الدولة.

انتخب مئات من قادة المجتمع المدني من كل أنحاء أفغانستان 34 أفغانياً لتمثيل مصالحهم أمام الدبلوماسيين الدوليين المشاركين في منتدى المجتمع المدني في مدينة بون. وقد عبّر أعضاء الوفود الأفغان عن شكرهم لدعم المجتمع الدولي، مشيرين إلى النجاحات الكثيرة التي حققها المجتمع المدني الأفغاني والحكومة الأفغانية والمجتمع الدولي. كما امتدحوا إنجازاتهم الشخصية في التوسط في نزاعات عبر الدولة وبناء نظام إعلامي مستقل ورعاية وصول الجمهور إلى التعليم والرعاية الصحية.

ولكنهم قاموا كذلك بتحليل المشاكل في أفغانستان: التنمية القصيرة المدى والمتسرعة الزائدة على حدها والفساد المستشري ووجود أمراء الحرب في مراكز حكومية والحاجة لعملية سلام شاملة.

قالوا، باختصار: «لا يمكن أن يكون هناك سلام واستقرار في غياب العدالة».

ماذا تعني العدالة في أفغانستان؟ قبل عقد من الزمان، استثنى مؤتمر بون الخاص بأفغانستان العام 2001 حركة «طالبان»، وفي الوقت نفسه شمل أمراء الحرب الذين كانوا يرتكبون فظائع بشكل مماثل والذين كانوا يحاربون ضد «طالبان». سمح المجتمع الدولي للحكومة الأفغانية بمكافأة أمراء الحرب هؤلاء بمناصب حكومية. أرست هذه العملية المتسرعة لإيجاد سلام سريع العام 2001 قواعد غير مستقرة للسلام وساهمت في إيجاد عقد من الفساد والمزيد من العنف وانعدام العدالة.

يتطلب السلام العادل مفاوضات بين جميع أصحاب المصالح والاهتمامات، بمن فيهم الجماعات المسلّحة مثل «الطالبان»، وكذلك جماعات المجتمع المدني غير المسلّحة. وهو يعني أيضاً آليات المساءلة لضمان مساءلة الجميع عن جرائم سابقة. ولكن السلام العادل لن يؤدي إلى المقايضة على الحماية التي يوفرها الدستور الأفغاني في مجال حقوق الإنسان والمرأة. كما يتطلب السلام العادل عملية تشتمل على الجمهور الأفغاني.

طالب المجتمع المدني الأفغاني، أثناء الاجتماع، بتوفير الدعم الدولي لجهوده في مجال بناء السلام للتعامل مع النزاعات، بما فيها الخلافات الطائفية التي ظهرت في تفجيرات هذا الأسبوع، وهذا النداء هو بالذات الذي يتوجّب علينا كمجتمع دولي الإصغاء إليه.

لا يشكّل مجتمع دولي منهك يتوق لمغادرة أفغانستان ويدعو إلى استراتيجية «قاتِل وحاوِر» وصفة لسلام عادل ودائم. مازال عدد كبير من أمراء الحرب الذين عيّنتهم الحكومة يحكمون من فوهة البندقية المرعبة والتهديد بدلاً من القيادة من خلال الشرعية التي تأتي من توفير خدمات عامة. لقد اعتمدت برامج المجتمع الدولي لتحسين الحوكمة أحياناً كثيرة على مقاولين يفتقرون إلى الخبرة ويتقاضون أتعاباً خيالية ويفتقرون إلى معرفة اللغات والتقاليد المحلية، بدلاً من دعم وتمكين المجتمع المدني المحلي من مساءلة حكومتهم.

يشكّل صوت المجتمع الدولي في عملية السلام أساساً للنجاح، وليس إضافة كمالية. ولكن هناك عدد كبير من المناهضين لمشاركة المجتمع المدني الأفغاني في مؤتمر بون وعملية السلام. ويقول المسئولون الحكوميون إنهم يمثلون مصالح المجتمع المدني، أو يقولون: «يعتبر إشراك المجتمع المدني فكرة جميلة، ولكننا ببساطة لا نملك الوقت لإشراك الجمهور قبل آخر موعد في 2014».

إلا أن المفاوضات توقفت. ويبدو حسب ما يذكره معظم المراقبين أن أحداً لا يتحدث مع «طالبان». ليست استراتيجية «فاوض وقاتل» التي تتبعها الولايات المتحدة موجودة سوى نظرياً فقط. فهي من حيث الممارسة لا تشمل عبارة «فاوض». ومازالت خطة الحكومة الأفغانية للسلام والتسوية مجمّدة. وإذا أخذنا هذه الأجواء بعين الاعتبار، فإن انخراط المجتمع المدني بعملية السلام لا يشكل رفاهية وإنما ضرورة.

يُظهِر لنا التاريخ أن النصر العسكري لا ينهي سوى نسبة صغيرة من الحروب، فمعظم الحروب تنتهي من خلال المفاوضات. إلا أن نصف اتفاقيات السلام يفشل بالدرجة الأولى نتيجة لكون العملية تستثني الجمهور. ويتفق عشرات الباحثين على أن عمليات السلام التي تشرك المجتمع المدني تكون أكثر نجاحاً وتؤدي أحياناً كثيرة إلى حوكمة مستقرة ودائمة.

تحتاج الأصوات التي يُسمع صداها من قاعة بيتهوفن لأن تصل بطريقة أو بأخرى إلى آذان من هم في السلطة.

يعتبر تصميم عملية تشمل الجمهور الأفغاني وتتوصل إلى أسلوب للتعامل مع قضايا العدالة الصعبة أمراً أساسياً لنجاح أي صفقة سلام في أفغانستان

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3397 - الأحد 25 ديسمبر 2011م الموافق 30 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً