العدد 3396 - السبت 24 ديسمبر 2011م الموافق 29 محرم 1433هـ

الآنسة ياسمين

عدنان الموسوي comments [at] alwasatnews.com

صحافي بحريني

لقد مضى على وصوله إلى البحرين 4 أيام ولم يحضر لقاءنا المعتاد عصر الخميس، والذي التزم به شأن باقي أفراد الشلة لقرابة عشرين عاماً. في صباح اليوم التالي تفاجأ أبوهشام بوجودي عند باب منزله من دون سابق إنذار فاستقبلني بحفاوة شديدة ودعاني إلى الدخول بل وأصر على أن أتناول معه وجبة الفطور ... يا إلهي أيعقل هذا الأمر؟ لقد مضت مدة طوية وأنت بعيد عن الوطن حتى خلنا أنك بدأت تستعذب هذا الأمر، لا أخفى عليك لم أستطع الانتظار إلى الخميس المقبل لذا أتيت للسلام عليك .. ألف أهلاً وسهلاً بيتك ومكانك، رد عليّ.

كانت جلسة ودية أشاد فيها أبوهشام وهو يستعرض صور الرحلة وملاحظاته عن متعة السفر مع أبي نبيل، وأبي حسن والعائلة... وفيما نحن على هذه الحال شعرت لوهلة أن شخصاً ما فى الجوارفتلفت يميناً وشمالاً فلم أر إلا طائراً أبيض جميلاً، من نوع الكوكتيل قد حط للتو على مسند الكرسي المجاور لي. لقد صعقت للحضور الكبير لهذا الطائر فبادرت صديقي: أيعقل أن يكون لهذا الطائر الصغير كل هذا الحضور؟ فرد عليّ: لا تستغرب أعرفك على الآنسة ياسمين لقد أحضرتها منذ ثلاث سنوات، وبالتدريج أصبحت واحدة من أفراد هذا المنزل فهي تحسن فتح باب القفص والتنزه في جميع أرجاء المنزل، وغرفه، والتجوال بين الطوابق الثلاثة دون الحاجة لاستخدام السلالم هل تصدق ذلك؟ فضحكت وقلت: والله إنها ميزة. أرجو أن ننعم ببعض منها. أما أغرب ما في هذا الطائر والحديث لصاحبنا أبي هشام: أنني عندما أعود إلى البحرين في نهاية كل أسبوع تستقبلني ياسمين بتغريدها الجميل على نحو لم أره من قبل! فقلت: وكيف ذلك؟ قال: في إحدى المرات كنت متعباً وفي مزاج غير جيد، فمررت بياسمين وهي واقفة على حافة السلم (الدرابزين) المواجهة لغرفتي فأخذت تغرد بنبرة غير مألوفة وإيقاع غير الذي عهدناه منها، وكأن لسان حالها يقول: ما بالك تمر من أمامي دون أن تلقي التحية؟ يقول: لقد صعقني هذا الأمر كثيراً وشعرت بخجل شديد بسبب نظرتنا الدونية إليها على أنها لا تتعدى كونها طائراً أليفاً بالمنزل، وخصوصاً بعد أن تعززت علاقاتها بأم هشام وجميع أفراد المنزل وأصبحت بدون تحفظ أو خوف تحط على الأكتاف وتصر على حضور وجبة الإفطار لتناول طبقها المفضل من صفار البيض والذي أصبح من واجبات أم هشام كما لو كانت أحد أفراد الأسرة، وأصبح مع الوقت من ضمن واجباتها المنزلية. على هذا النحو يتحدث أبوهشام عن ياسمين وفيما نحن كذلك التفت إليّ أبوهشام وقال: انظر خلفك؟ فرأيت طائراً آخر من الفصيلة نفسها فقلت: ومن يكون؟ فقال:إنه جعفر زوج الآنسة ياسمين فقلت بدهشة: وكيف تكون آنسة وهي زوج لجعفر؟ فرد بعد أن اعتلت محياه لمحة حزينة.

أمومة مبكرة وفطرة لا تخطئ التوقيت

منذ أن حضرت ياسمين إلى هذا المنزل وهي تضع بيضة كل شهر وتواظب على احتضانها ساعات طوال كل يوم، ولكن لم يكن هناك سبيل إلى رؤية فرخ صغير من بيضة غير ملقحة؟ لذا جلبنا لها زوجاً أسميناه جعفر، وكلنا يحدونا الأمل فى رؤية أطفال ياسمين في القفص، عندما وضعت بيضتها الأولى بعد اقترانها بجعفر لم يحالفها الحظ لا ندري ما السبب لعل جعفر ليس فتى الأحلام فقد فرضناه عليها فرضاً. قلت: والله لقد أدهشني حديثك أتعني أن ...؟ قال: نعم أعرف سؤالك ولكن من أين لي أن أعرف ماذا تريد ثم إني لا أملك حديقة طيور مثلاً حتى تختار ياسمين منها من تحب أن يكون لها زوجاً. قلت: ما الذي دفعك إلى هذا القول؟ اسمع يا صاحبي: الحيوانات تتبع فطرتها التي لا تخطئ أبداً وهي تدرك بالفطرة الذكية جداً متى وأين ومن الشريك؟ وهي (الحيوانات) راقية جداً فى هذا الأمر، ثم صمت برهة وجال بنظره بعيداً ثم قال: تكرر وضع البيضة ولكن لم تأتِ بالكتكوت المرتقب حتى كان أحد الأيام وجدنا مكوثاً غير معهود فى القفص، وتغيب غير مسبوق عن حضور وجبة الإفطار يقول: فساورني الشك في أن مكروهاً قد حصل للزوجين فاتجهت للقفص ووجدت ياسمين واقفة على باب العش داخل القفص بينما جعفر ينتظر فى الخارج، فيما يشبه طقوساً لم نعهده منهما، فتحت باب القفص وأدرته لأرى ما بداخل العش، وكانت المفاجأة الكبرى، وجدت فرخاً بالغاً في العش كساه الريش ولكنه ميت حديثاً ... منذ ذلك اليوم تركت الطبيعة تأخذ مجراها، وعليه غيرنا لقب الآنسة ياسمين إلى الكاعب ياسمين فقلت: وكيف تعود كاعباً بعد أن كانت أماً فقال: لا أدري! أما جعفر فقد بقى دوره مكملاً ولكن مع الأيام وجدنا فيه استقلالية لم نعهدها، وهي في عدم الالتزام بحضور وجبة الافطار أو اختيار المكان المناسب للمكوث فيه، كما رأينا جفاء غير خفي بينه وبين ياسمين ... الحديث يطول عن علاقات الطيور والحيوانات ببعضها البعض وخصوصاً عندما يتعلق الامر بالتكاثر، نجد على سبيل المثال عندما يهاجر السرب من مكان إلى آخر يتقاتل الذكور البالغون للفوز بإحدى إناث السرب ولكن لم هذا القتال وأعداد الإناث ربما يفوق عدد الذكور في السرب؟ والجواب بين الألف أنثى فى القطيع ليس هناك أكثر من اثنتين أو ثلاث مستعدات للتزاوج، فالذكور يعرفون هذا الأمر جيداً وهكذا يحظى الفائز من الذكور في القتال بإحدى هؤلاء الإناث للتزاوج، في المقابل تكون المنازلة في أغلب الأحيان شديدة لدرجة أنها قد تكلف أحد الذكور حياته؟! إنها غرائز ليست مكتوبة، ولا مفروضة بحكم الشرع أو القانون منها على سبيل المثال الأكل على قدر الحاجة والنوم والاستيقاظ في وقت مبكر، وعدم الاعتداء على الغير إلا عند الحاجة للطعام، في حالة الحيوانات المفترسة كل هذه الغرائز وغيرها، أهمل معظمها الإنسان ولكن مازالت الحيوانات تحسن اتباعها بدقة وذكاء شديدين تجعلنا نحن البشر ننظر إليها بالكثير من التأمل والاحترام.

عندما يبلغ عندك القط عامين كاملين فاعرف انه أكمل العام الثامن عشر

الحديث لمحبي الحيوانات والقطط على وجه التحديد يطول ويطول ...في العام 2003 ولدت لنا قطة أربع قطط صغيرة تفرق ثلاثة منهم فى أرض الله الواسعة وبقي الأخير معنا منذ يوم ولادته في مارس/آذار حتى يوم مماته إثر حادث.الغريب في القطط على رغم استقلاليتها وعاداتها التي لم تتخلَ عنها وهي أنها تقصد منازلنا وتحب العيش بيننا في توافق وانسجام على أن تفرض عاداتها بدون تحفظ أو خجل.هذا القط تربى بيننا وألف الجلوس في أحضان الأطفال وبين أيديهم ولكن بقي يحترم رغبتنا في عدم دخوله المنزل حتى يوم مماته، من العام نفسه لقد بكاه الأطفال جميعاً كما لو كان صديقهم وعلى رغم أن السنة من عمر الإنسان تعادل 9 سنوات من عمر القط، والحديث لأحد لبيطريين: عندما يبلغ عندك القط عامين كاملين فاعرف أنه أكمل العام الثامن عشر، وهو فى أواخر المرحلة التوجيهية إن لم يكن في الجامعة ...أما أشد ما أحزنني في قطنا الأليف أنه شهد جمال الطقس فى مارس، وحر الصيف في أغسطس/آب، واعتدال الطقس في أكتوبر/تشرين الأول إلا أنه مات للأسف الشديد دون أن يشهد فصل الشتاء.. هذه الكلمات لها وقع خاص ومؤثر جداً عند محبي القطط والحيوانات الاليفة لأنك يوم أن تفقد أحد الحيوانات تكون قد أخذت معها قطعة من فؤادك... لا أعرف سبب حب الأجانب للحيوانات واستئناسها حد توريثها من البعض، ولكن أعتقد أنهم وجدوا في صحبتها (الحيوانات) خليلاً صافي القلب ليس فى قاموسه الكراهية ولا الغدر

إقرأ أيضا لـ "عدنان الموسوي"

العدد 3396 - السبت 24 ديسمبر 2011م الموافق 29 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 1:38 ص

      قصة معبرة

      بطبيعة الحال لا يختلف عن حال الانسان في تالفه وانسجامه مع شريك حياته الذي هو يقرر المناسب له في مسيرة الحياة قد نعيش تجربة غير ناجحة بسبب سوء الاختيار كحال ياسمين وجعفر

    • زائر 2 | 1:35 ص

      غيبتم الانسان واحضرتم الحيوان

      الانسان أولى باهتمامكم ياسادة أم أنتم ممن يعيش في عالم أخر بعيد كل البعد عما يعيشه الانسان أو ما يتمنى أن يعيشه

      تبدلون من أجل الحيوان ما يحتاجه الانسان حولكم أم أنتم عنه بعيد

      ارحموا الانسان كما ترحمون الحيوان

    • زائر 1 | 12:58 ص

      موضوع جميل

      شكرًا لك يا اخ عدنان قصص الحيوانات فعلا جميلة ونحتاج ان نغوص فى معالمها

اقرأ ايضاً