هروباً من الواقع البائس، شديد القسوة، قرر أن يتظاهر بالهبل، علَّ ذلك يريحه، ويزيح عن كاهله أعباء الحياة المترتبة عليه. تعرض في البداية لنظرات الشفقة، لكنها سرعان ما تحولت إلى العطف والحنان والتسامح تجاه شخص ذهب ضحية تعقيدات الحياة التي لا ترحم. شعر بالراحة فعلاً، وتكشفت له أسرار كبيرة كانت خافية عليه، وتعرف على أمور وموضوعات وعوالم لم يكن يدري كنهها. أرهقت روحه وعذبت ضميره كل تلك الأسرار والخفايا التي اطلع عليها، وكل واحد منها قادر لو انتشر أن يحطم أسرة أو يهدم بيتاً أو يشعل فتنة. حاول أن يهرب من هبله ويعود إلى حياة العقل، ولكنه فشل بامتياز، فقد كانت محاولاته للعودة إلى العقل تستقبل بالسخرية والتندر كونها تصنف في باب الهبل المركب، وإدعاء العقل، فانسحب من حياة الناس، وسكن بيتاً مهجوراً، يعيش على فتات الناس وحسناتهم!!
مصيبة
انقطعت الكهرباء فجأة، فصرخت الصبية بعصبية : لا .. لا .. غير معقول أن تنقطع الكهرباء هذه اللحظة بالذات، وارتمت في حضن أمها باكية تنتحب كمن فقد عزيزاً أو حبيباً. هدَّأت أمها من روعها وحاولت أن تعرف سبب كل هذا الحزن والبكاء. وبعد جهد جهيد تكلمت الصبية من بين دموعها الغزيرة: كنت أتابع مشهداً مهماً جداً بين البطل والبطلة، فقد خانها حبيبها، واتصل معها، وكنت أنتظر كيف ستجيب عليه، هل ينتصر الحب على رغم كل ما حدث؟ أم ستثأر لكرامتها وكبريائها؟ تصوري يا ماما ... (مو) حرام تقطع الكهرباء هذه اللحظة بالذات؟!
إقرأ أيضا لـ "موسى أبورياش"العدد 3396 - السبت 24 ديسمبر 2011م الموافق 29 محرم 1433هـ
قصتان جميلتان
أنا عاجزة تماما عن الكتابة بهذا الأسلوب المختصر و المحكم، فعندما أبدأ تجدني أسترسل في الكتابة ولا أنتبه إلا وقد ملأت الصفحات!
أغبطك على هذه الموهبة وهذا القلم الهادف، وأتمنى لك التوفيق أستاذي.
د هارون الطورة
يا موسى أنت مبدع ،وتدرك الواقع ، وتقرأ المستقبل فكن بقلمك عونا للأمة بالضرب على ما يحيي أملها، ويشد من عزيمتها،ويستنهض همم شبابها والله معك