صادفت يوم الأربعاء الماضي ذكرى استشهاد الإمام علي بن الحسين(ع) والذي رحل شهيداً بعد دس السم إليه في العام 94 بعد الهجرة، ولقب بين عامة المسلمين بزين العابدين لكثرة ما اشتهر به من عبادة، وترك الإمام الكثير من الآثار ومن بين تلك الآثار التي تركها للناس الصحيفة السجادية التي تحوي من الأدعية التي تربط الإنسان بالله وتجعله إنساناً عارفاً بحجمه، وأنه مهما كبر فإنه يظل الضعيف المحتاج إلى الله، وأن عليه أن يعرف أن ظلمه سيرجع عليه، لأن ظلمه ناتج عن ضعفه، وكما ورد في الدعاء «إنما يحتاج إلى الظلم الضعيفُ».
وترك الإمام زين العابدين (ع) أيضاً رسالة الحقوق التي تحتوي بشكل متكامل على الحقوق التي على الإنسان أن يؤديها سواء إلى أعضاء بدنه أو لأسرته أو إلى الحاكم والمحكومين أو إلى من يعيشون معه والخصوم وغيرها من الحقوق، وهذه الرسالة دليل واضح على أن الإسلام متقدم كل التقدم في مجال حقوق الإنسان وهي ليست الوحيدة بل هناك أدلة كثيرة أخرى.
ومن بين الحقوق التي وردت في رسالة الحقوق «حق من تحكمهم عليك»، يقول السجاد (ع) فيه «وأما حق رعيتك بالسلطان؛ فأن تعلم أنهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك، فيجب أن تعدل فيهم، وتكون لهم كالوالد الرحيم، وتغفر لهم جهلهم، ولا تعاجلهم بالعقوبة، وتشكر الله عز وجل على ما آتاك من القوة عليهم».
كما تناول حق من تعيش معه بقوله «وحق الخليط ألا تغره ولا تغشه ولا تخدعه، وتتقي الله تبارك وتعالى في أمره (ولا تكذبه، ولا تغفله، ولا تخدعه، ولا تعمل في انتقاضه، عمل العدو الذي لا يبقي على صاحبه)، وإن اطمأن إليك استقصيت له على نفسك وعلمت أن غبن المسترسل ربا».
لكن من تسلطوا على رأس المسلمين لمئات السنين غيبوا تلك الحقوق، وغيبوا كل معالم الدين الأصيلة فضلا عن الإنسانية التي تتعارض مع استمرار تسلطهم وتجبرهم على الناس، ومنها الحقوق والواجبات التي أقرها الدين والعقل والإنسانية، ولم يكتفوا بذلك، بل حرفوا في الأحاديث عبر وعاظ السلاطين من أجل إبقائهم في مناصبهم.
وبدل أن تكون الدول العربية والإسلامية مثالاً في التقدم ورعاية حقوق الإنسان، أصبحت مثالاً لانتهاك حقوق الإنسان والفساد الإداري والمالي، وتحتاج إلى رعاية كبيرة في هذا المجال.
وما الربيع العربي إلا صرخة للعودة إلى الدين، إلى الفطرة الإنسانية، وهذه الصرخة لن تتوقف ولن تتراجع، فالربيع عندما يأتي فإنه فصل يعمُّ جميع الدول والمناطق من دون تفريق بين منطقة وأخرى وإن اختلفت الأجواء بين منطقة أخرى، «واحنا غير» لم يعد لها مكان في ربيع الثورة العربية
إقرأ أيضا لـ "مالك عبدالله"العدد 3395 - الجمعة 23 ديسمبر 2011م الموافق 28 محرم 1433هـ
رسالة الحقوق للسجاد (ع)
نتمني ان تتطرقوا الى رسالة الامام في الحقوق وان تجعلوا لها باب في جريدتكم الحبيبة
لتعم الفائدة للجميع