قبل ثلاثين عامًا ألقى الزعيم الليبي المقتول معمّر القذافي خطابًا مخيفًا، سمعه الليبيون والعالَم. قاله وقد كان للتو، قد أطلق حملة أمنيَّة شعواء، ضد خصومه أسماها «تصفية الكلاب الضالَّة» في ليبيا. في ذلك الخطاب، حذَّر خصومه «الكلاب»وتوعدهم قائلاً «سنقتلكم. وسَنسْبِي نساءكم. ونيتّم أطفالكم. ونرمّل زوجاتكم». سمع خطاب القذافي ملايين من الناس، وكان الرعب قد أكل قلوبهم.
اليوم، بدا أن الرجل كان ضحيّة خطابه. فهو الذي قتِل، وترمَّلت زوجته، وسُبِيَت نساؤه، ويُتِّمَ أطفاله. بالتأكيد، فهذا منطق أعوج في الحالتيْن بالسواء، على مَن يقوله ومن يُطبقه. فلا فضل في الإثم ما خلا تركه من الأصل.
سياسة الإلغاء المادي والفكري لا يُمكنها أن تستمر. يستطيع جميع قادة العالَم القمعي، أن يُقرِّروا إلغاء وجود الآخرين في مجتمعهم وداخل دولهم، لكنهم غير متأكدين، من أن ذلك ممكن المنال أم لا. بل إن تلك السياسة، قد تأتي بما هو عكسي تمامًا. فهي وفي الوقت الذي لا تؤتي بنتائج مفيدة؛ فإنها أيضًا، قد تسمح بعملية ارتجاع مضادة تقضي على منْ أوقد نار تلك السياسة، وهو أمر تكرَّر لدى نظام القذافي في ليبيا، وزين العابدين بن علي في تونس، وقبله نظام صدام حسين في العراق، والآن تذوقه الولايات المتحدة الأميركية في أفغانستان.
قبل شهر من الآن تقريبًا، سُئِلَ زعيم التيار الصدري في العراق السيد مقتدى الصَّدر من أحد أتباعه: هل يؤيد إجراءات اجتثاث البعثيين في الجامعات العراقية التي أقرها وزير التعليم العالي والبحث العلمي العراقي علي الأديب بحق 140 أستاذًا جامعيّاً استنادًا إلى قانون المساءلة والعدالة؟ الصَّدر ردّ قائلاً: «لست أعرف إلاَّ قاعدة واحدة. لا مكان للبعث بيننا. ويجب أن تسقط كل أقنعة البعث الصدامي الملعون. هم أعداء العراق والإنسانية والسلام». مطالبًا الأديب، بأن يتطرف أكثر في تطبيق تلك السياسة، وكأننا أمام أسلوب أغراري كمبودي جديد.
باعتقادي، هذا الخطاب لا ينفع العراق أبدًا، وهو خطاب تأزيمي. صحيح أن الكثير من العراقيين كانوا ضحايا نظام البعث في العراق، لكن ما نعرفه من مشاريع التغيير السياسي، هو أنها تحصل لتجديد بُنية الدولة، من حيث بيروقراطيتها وممارساتها وأدبياتها السياسية والاقتصادية والثقافية، وليس الهدف من ذلك هو كَنس كل ما كان عالقًا بتلك الدولة المتهالكة والمنهارة من شخوص؛ لأن ذلك يعني، مشروع قطع يبدأ من الصفر، وليس مشروع وصْل، يراكم مشروع الدولة القائم، وإنهاضها بشكل صحيح، ومتوازن وديمقراطي.
دعونا نلاحظ التجربة الأوروبية في هذا المجال. فالأوربيون، كانوا ضمن مشروع رأسمالي مناهض للشيوعية العالمية التي قادها الاتحاد السوفياتي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. لكن تمثلهم ذاك، لم يمنع من أن تنشأ بداخل مجتمعاتهم وحراكهم السياسي والثقافي كانتونات شيوعية حزبية نشطة، كانت الأبرز في شمال أوروبا ووسطها، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية. لكن ذلك الغرب الرأسمالي، الذي أنفق 16 تريليون دولار لكي ينهي الحرب الباردة لصالحه، لم يحوِّل هؤلاء الشيوعيين بعد انهيار الكتلة الشرقية، إلى سُخرة سياسية وفكرية واجتماعية، أو يضطهدهم، فيفعل بهم الأفاعيل ويقول فيهم الأقاويل، بل العكس.
ليس ذلك فحسب، وإنما سمح لهم بالتدريس في أعرق جامعاته المترعة بالرأسمالية فكرًا وسياسة. في جامعة بيربك ولندن والمدرسة الجديدة للبحوث الاجتماعية في نيويورك، كان مفكرون يسار يُدرِّسون فيها، أهم نظريات الدولة. وهو حالهم كذلك في روسيا. فاليوم غينادي زوغانوف يقود الكتلة الشيوعية في مجلس الدوما. ولم يمنع ترهل المفهوم الشيوعي واضمحلاله من أن يحصل الرجل على 40 في المئة من أصوات الناخبين في العام 2006. وعلى 29 في المئة من انتخابات الرئاسة في العام 2000، وعلى المرتبة الثانية في سباق الرئاسة في العام 2008، ومن دون أن يكون هناك أدنى حساسية من تقدمه. هذا ما يجري مع الخصوم في بلاد الغرب.
لكن هذا الأمر لم يكن ليحصل في العراق مع الأسف، على رغم كون البعثيين وقد أصبحوا في مهب الريح. فمجاميع البعث هناك، لا تلوي على شيء. فلا نموذج دولة متاح لهم. ولا يوجد نظام يتبنى أفكارهم. كان القذافي ولفترة وجيزة يمنحهم دعمًا ماليّاً، ثم انتهى. وسورية التي كانت تشكل يمين البعث، هي في وضع لا تحسد عليه الآن، ليبدأ التساؤل من جديد: فلماذا الخوف منهم إذاً؟!جميع أجهزة الدولة العراقية، من جيش وأمن ومخابرات ووزارات سيادية وخدمية وتشكيلات حزبية كلها خارج سيطرتهم، فلماذا الخشية إذاً؟! هذا الأمر غير مفهوم بالمرة.
كان يُمكن للدولة العراقية الجديدة، أن تمنحهم جزءًا من الأمان الشخصي والفكري، الذي يجعلهم قادرين على الانخراط بالأفكار ذاتها داخل فضاء الدولة الجديد. بالتأكيد؛ فإن حركة ذلك الانخراط ستنتظم لاحقًا في الإطار الشرعي لمفهوم الدولة القائمة مثلما جرى في أوروبا. وعندما تتحدد أولوياته، وتصبح مصالح الحكم والثروة والعلاقات الدولية هي الناظمة له، سينعكس ذلك بشكل أساس على سلوك البعث وممارساته. أما أن يُحشر في زاوية الاتهام، والترصد به صباح مساء، فإنه بالتأكيد، سيتحوّل إلى خصم، حيث إن أصل وجوده مهدّد بالكامل.
المشكلة التي لم يستطع إدراكها الساسة العراقيون إلى اليوم، هو أن ما تركه البعث ليس خيالاً. هو ترك أفرادًا ومجموعات ومؤسسات، والأكثر من ذلك أفكاراً، وبالتالي فإن هناك حيّزًا تعتمل فيه كل تلك الأمور. وهذا الأمر هو أساس الإشكال
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 3395 - الجمعة 23 ديسمبر 2011م الموافق 28 محرم 1433هـ
غربي اسلم
اسلم رجل غربي وذهب لاحد البلاد الاسلاميه ودخل المسجد ووضع حقيبته بما فيها من جهازه الخاص بجانب المسجد وعندما اتم صلاته لم يجد الحقيبه قال الحمد لله انني اكتشفت الاسلام قبل اكتشاف المسلمين
خط في التشخيص
حيث ان القارة الاروبية حاربة الفكر النازي الدموي وكذلك البعث الدموي الصدامي
الخوف من البعث هراء
وماذا يعمل البعثيون الآن في العراق؟ هل لديهم جيش؟ هل هم حلفاء لأحد؟ بالتأكيد هم ليسوا كالخوارج الذين كان لديهم جيش وعتاد هم خارج الدولة والمجتمع وبالتالي الخوف منهم هراء
لا
ان صدام هو المجرم وليس الحزب
سين سؤال
كيف يمكن للعراقيين ان ينسوا جرائم البعث بحقهم لكي يعفوا ويصفحوا؟؟؟؟؟؟
منطق الجاهلية الجهلاء ونحن ندعي الاسلام فأين نحن
لا ادري هل نحن اتباع الجاهلية ام اتباع الاسلام! لماذا لا يتمثل الاسلام لدينا في طريقة تعاملنا؟
الاجابة بسيطة وهي المقولة المتداولة نحن مسلمون بلا اسلام بل وابعد ما نكون عن الاسلام
إذا دخل احد منا المنتديات فلا يرى الا السبّ والشتم والتكفير من كل الاطراف وكأن مهمتنا في الاسلام هي تصويب سهامنا على بعضنا البعض للحكم على هذا مسلم وهذا كافر وهذا يدخل النار وذاك يدخل الجنة
ماذا ابقينا ليوم الحساب إذا؟
رب حاكم على غيره بالكفر هو نفسه من حطب جهنم فلندع الخلق للخالق
سيروا في الأرض
الكاتب محمد.. خلال قراءتي لمقالك أخذني فكري للخوارج مع الامام علي بن أبي طالب عليه السلام، فالخوارج كانوا موجودين ويمارسون حياتهم ويعتنقون مبادئهم بل وقد يدعون لها، في حين الامام لم يتعرض لهم، وذلك بسبب ان الامر كان على مستوى الكلام و المفاهيم والأفكار ، ولكن عندما تطور أمرهم وصاروا يعيثون في الأرض فسادا وصار تحركهم من أفكار الى أعمال على ارض الواقع حاربهم وقتلهم ولم يبق منهم الا تسعة، مع انهم تسعة ولم يكن في يدهم سلطة او مواقع الا أنهم عملوا على قتل الامام عليه السلام. فتأمل. وفقنا الله واياك
يبو عبدالله الصدر معذور
اولا صدام حسين اختزل العراق بكل اطيافه ومكوناته في ما يسمى حزب البعث واذا قرائت التاريخ الاجرامي لهذا الحزب وجدت انه طوال حكمه للعراق لم يستثنى احدا من البطش لاسني لاشيعي لا مسيحي بمعنى اخر كان اقرب للعبث من البعث واخر جرائمه النكراء غزو دوله الكويت الشقيق الذي ليس له مبرر غير العبث السياسي وجنون العظمه واما الصدر فلا يلام لان عائلته نالت نصيب الاسد من التصفيه والتنكيل من البعث وزلامه فقدت عائله الصدر المئات من ابنائها وهم من خيره ابناء العراق علما وفكرا وادبا
وازلامه فلايلام الصدر اذا ا