تشترك الكثير من مناهج اللغة العربية والإنسانيات عموماً في هدف بعيد هو تربية المتعلم على قيم التسامح والحلم والعفو، وهي من القيم الأخلاقية الأصيلة في تراثنا العربي والإسلامي منذ الجاهلية ومع الإسلام وحتى يومنا هذا ولنا على ذلك شواهد من تاريخنا لا يحصرها العدّ.
وعلى سبيل المثال لا الحصر؛ نأخذ منهج اللغة العربية (عرب 201) للمرحلة الثانوية، نصوص أدبية غاية في الأهمية لكونها ترسخ هذه القيم: قيم التسامح التي يحتاج إليها كل مجتمع فسيفسائي التشكيل. وهي نصوص تتوجه بها المدرسة إلى طلاب الثانوية أي إلى جيل المستقبل وعماد البلاد فهم في أمسّ الحاجة إلى ثقافة التسامح والحوار.
ولمّا كانت مادة اللغة العربية تحظى بنصيب وافر من الزمن المدرسي؛ فإن تبليغ هذه المفاهيم وترسيخها في أذهان الطلاب ممكن جدا، لكنّ عوائق كثيرة ربما تعوق دون ذلك حيث إن اعتماد بعض المدرسين الحرفي على الشروح المقترحة في الكتاب المدرسي جعلهم والطلاب يستنفدون كل قواهم الفكرية وكل المدى الزمني في استقصاء الأبنية اللغوية والتركيبية والإيقاعية على حساب المضمون. وإننا لا نقلل بكلامنا هذا من قيمة المنهجية الجديدة المعتمدة في مقاربة النصوص مع طلاب الثانوي، وإنما خشيتنا كبيرة على ضياع وقت طويل من الحصص من دون أن نناقش وبعمق مع الطلاب مثل هذه الأفكار:التسامح العفو الاعتذار... وغيرها من خلال النص الشعري الأول في المقرر وهو قصيدة للنابغة الذبياني أو النص الشعري الثاني وهو قصيدة أيضاً لكن للشاعر الأندلسي محمد بن عمار، وكلتا القصيدتين من أدب الاعتذار وهو غرض أصيل في الشعر العربي من أغراض الشعر الوجداني يقوم على ترفق الشاعر في الاحتجاج على براءته مما نسب إليه متوسلاً بمختلف الحجج الممكنة.
ففي القصيدة الأولى انتهى الشاعر إلى الرضا بما سيقرره الملك، فما كان من هذا الأخير إلا أن عفا وقبل اعتذار الشاعر فضربا لنا مثلا منذ الجاهلية على التسامح وهو ما يذكرنا بموقف الرسول (ص) حين عفا عن كعب بن زهير بعد أن أخطأ في حق الإسلام وهو بعدُ في الجاهلية، فما كان من الرسول الأكرم (ص) إلا أن عفا عنه وقبل إسلامه.
أما النص الشعري الثاني في كتاب (عرب 201) ففيه معنى أخلاقي عظيم يا حبذا لو يركز عليه المدرسون: إنه إقرار الشاعر المخطئ بخطئه فمحمد بن عمار معترف بذنبه معتذر بشعره منتظر عفو الأمير بفارغ صبره حيث يقول للمعتمد بن عباد:
نعم، لي ذنب، غير أن لحلمكم صفاة
يزلّ الذنب عنها فيسفح
مما يعلمنا أن الاعتذار فضيلة تدل على شجاعة في المعتذر على اتّباع منهج المراجعة الذاتية وتصحيح خطئه بنفسه وسعيه نحو الإصلاح فضلاً عن كون الاعتذار يستل الأحقاد من الصدور ويبني جسور الثقة بين الناس وينمي مفهوم الحوار وتقبل الآخر.
والإنسان عموماً، والشباب خصوصاً مهما بلغوا من قوة الفكر محتاجون - لا محالة - إلى التحلّي بالتسامح والتخلّي عن التباغض: ذلك أن المجتمع المبنية أسسه على الحوار والنقد البناء والمراجعة الذاتية والاعتذار حال الخطأ والعفو عند المقدرة ... مثل هذا المجتمع يعمّر ولا يتأثر بالأحداث العارضة.
إنّ مثل هذه النصوص الأدبية في مقررات اللغة العربية تحتاج إلى مزيد العناية بمحتواها القيمي ومناقشة أفكارها وسماع الطلاب والتحاور معهم وخاصة أنهم في سن حساسة. ولا يخفى على أحد أن الوظيفة التربوية للمدرس في حدود المسموح به من خلال نصوص البرنامج المقرر لا تقل أهمية عن الوظيفة التربوية للأسرة والمجتمع بمختلف مؤسساته بل لعل المدرس الحكيم بأسلوبه التربوي وقربه من طلابه يمكن أن يساهم في نحت السمات الإيجابية المرجوة لمواطن الغد.
أما الاستغراق في تتبع الجزئيات اللغوية والتركيبية والإيقاعية، كما أسلفنا، وبشكل ميكانيكي حرفي فهو إهدار لفرص محققة في المساهمة - من خلال هذه النصوص - في بناء جيل من الشباب على قيم التسامح والحلم والعفو والاعتراف بالخطأ والمراجعة الذاتية
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"العدد 3391 - الإثنين 19 ديسمبر 2011م الموافق 24 محرم 1433هـ
التسامح
موضوعك لمن توجهه؟ للوزارة التي لم تترك حيزا زمنيا للمدرس ليتناول فيه القيم وأثقلت كاهله بأعباء ورقية ثم إنه لا يعرف حدود الحرية عنده ليعلق عن مقاصد النصوص أم للمتسامح نفسه الذي سيراجع مفهوم التسامح حسب العرف الجاهلي!!!
كيف؟؟؟؟؟؟؟؟
ولا يخفى على أحد أن الوظيفة التربوية للمدرس في حدود المسموح به من خلال نصوص البرنامج المقرر لا تقل أهمية عن الوظيفة التربوية للأسرة والمجتمع بمختلف مؤسساته بل لعل المدرس الحكيم بأسلوبه التربوي وقربه من طلابه يمكن أن يساهم في نحت السمات الإيجابية المرجوة لمواطن
كلام جميل لكن كيف نحدد حدود المسموح به يا أستاذ؟؟؟؟؟؟؟؟
شكرا على هذه الحكمة
التحلّي بالتسامح والتخلّي عن التباغض
فعلا احيانا يصير ممل
صح لسانك يا استاذ :
أما الاستغراق في تتبع الجزئيات اللغوية والتركيبية والإيقاعية، كما أسلفنا، وبشكل ميكانيكي حرفي فهو إهدار لفرص محققة في المساهمة - من خلال هذه النصوص - في بناء جيل من الشباب على قيم التسامح والحلم والعفو والاعتراف بالخطأ والمراجعة الذاتية
التسامح العفو الاعتذار
إنت فين والكلام ده فين يا استاذ
الله يستر الحال
ويصلح الناس
صدقت مجتمعنا في حاجة
هذه القيم: قيم التسامح التي يحتاج إليها كل مجتمع فسيفسائي التشكيل.
هكذا بلادنا
أنعم الله عليها نعمة التسامح
يحتاج يا أستاذ والله يحتاج
قيم التسامح التي يحتاج إليها كل مجتمع فسيفسائي التشكيل
نعم مجتمعنا محتاج لقيم التسامح
التسامح
يا ليت قومي يعلمون بما لدينا من جميل القصص في العفو والتسامح لعلهم يرشدون