قال رسول الله (ص) عجزت النساء أن تلد مثل عُمَر، فما أحوجنا اليوم الى عُمر بن الخطّاب (رض) والى الخلفاء الراشدين، لأنّهم كانوا خيرَ مثال لهذه الأمّة المتضعضعة في العدالة والأمانة والصدق والانسانية والزهد.
يكفينا فخراً نحن أمّة محمد (ص) بأن نستذكر عدالة الفاروق وقصصه المشهورة، عندما اشتكى ذلك المصري لدى عُمر بن الخطّاب (رض) فقال له: يا أمير المؤمنين عائذ بكَ من الظلم، فقال عُمر عذتَ بمعاذ! فقال المصري: سابقت ابن عَمرو بن العاص فسبقته فجعل يضربني بالصوت ويقول: أنا ابن الأكرمين، فكتب عمر الى عَمرو (رضي الله عنهما) يأمره بالقدوم ويقدم بابنه معه، فقدِم، فقال عُمر: أين المصري؟ خذ الصوت فاضرب، فجعل يضربه بالصوت، ويقول عُمر: اضرب ابن الأليَمَين –اللئيمَين-، قال أنس: فضرب، فوالله لقد ضربه ونحن نحبُّ ضربه، فما أقلع عنه حتى تمنّينا أنه يرفع عنه، ثم قال عُمر للمصري: ضع على صلعة عمرو، فقال: يا أمير المؤمنين انّما ابنه الذي ضربني، وقد اشتفيتُ منه، فقال عُمر لعَمرو: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امّهاتهم أحرارا؟!
يا الله... ماذا قال هذا الفاروق العظيم عندما وضع الأسس بعد هذه الجملة، حتى تتجرّعها الأمم الى يومنا هذا، وأصبح ميثاقاً بعد عُمر في الأمم المتّحدة، وهذه قصّة من مجموعة قصص عن الفاروق عُمر.
لا ننسى أن نضع هذه القصّة العجيبة من قصص ابن الخطّاب، فعندما اعتلى المنبر الحق وليس منابر «مشايخ الفلوس»، وقال أيها الناس اسمعوا وأطيعوا، فقام سلمان من بين الصفوف، وقال: يا أمير المؤمنين «لا سمع ولا طاعة»، فالتفت اليه عُمر وقال: لمَ يا سلمان؟ فقال: يا أمير المؤمنين انّكَ تلبس ثوبين ونلبس ثوباً واحداً! يا الله... ثوب وليس أراضي أو فساداً ماليّاً أو سرقات أو حقوقاً أو أو أو... على ثوب حوسِبَ أمير المؤمنين، ونعلم علم اليقين بأنّ لديه خزائن الأرض، وخصوصا بعد فتح فارس والشام ومصر، فقال عُمر: يا عبدالله ابن عُمر، يا عبدالله ابن عمر وهو ينادي ابنه، فقال لِمَن هذا الثوب؟ فردّ عبدالله ابن عمر: انّه لي يا أبتاه، وقد أعطيتك إياه، فالتفتَ عُمر الى الناس وقال: أيها الناس إنّي رجل طوال ولا يكفيني ثوبٌ واحد، فأحتاج الى ثوبين فأخذتُ ثوبَ ابني. فقال سلمان: الآن نسمع ونطيع يا أمير المؤمنين.
ونحن نعلم اليقين بأنّ سلمان لم يطرح موضوع الثوب تشفّياً في عمر أو متصيّدا عليه هفوات، وانّما ليعلّم «مشايخ الفلوس» على مر الأزمان عِظَم النصح والأمانة فيها، وعدم السكوت على حقوق المسلمين من أجل إرضاء أحد.
أما القصّة الثالثة والتي يقشعر منها البدن فهي قصّة تلك المرأة الفقيرة، عندما رأى الفاروق (رض) في ليلة شديدة البرد في الظلام ناراً، فذهب اليها وبرفقته الصحابي الجليل عبدالرحمن ابن عوف (رض)، فرأى أمام النار أمّا وثلاثة أطفال يبكون، فذهب الى تلك الأم وسألها: ممّن تشكين يا أمة الله؟ فردّت: إنّهم يبكون من الجوع، وإنّ القدر الذي على النار ليس به سوى ماء وحصى، حتى يظن الأطفال أنّ أمهم تطبخ لهم طعاماً فيسكتون عن البكاء حتى يغلبهم الجوع والتعب والنوم. بكى (رضي الله عنه) لحال المرأة وأطفالها وذهب الى بيت المال، وقال لحارس البيت افتح أنا عمر بن الخطّاب، وحمل على كتفه بعض الدقيق وأشياء أخرى لزوم صنع الطعام، فقال له الحارس: يا أمير المؤمنين دعني أحمل عنك هذه الأشياء، فرد عمر: أتحمل أوزاري عنّي يوم القيامة، يوم يُعرض على رب السماوات والأرض عملي فيحاسبني الله على الرعية ويقول لماذا تركت هذه المرأة وأبناءها. وبعدها توجّه عمر الى المرأة وصنع بنفسه لها ولأطفالها الطعام، وكان ينفخ النار بنفسه حتى امتلأت لحيته الطاهرة بالدّخان، وأوقظت المرأة أبناءها وأكل الأطفال حتى شبعوا وشكرت المرأة عُمر وهي لا تعرف من هو، وقالت له: أنت أحقُّ بالخلافة من عُمر! فسألها أوتعرفيه، فقالت لا. وفي اليوم التالي أحضر عُمر المرأة وعرّفها بنفسه، وفرض -الله أكبر- لها ولأطفالها ولجميع أطفال المسلمين ونسائهم من بيت المال ما يكفل الحياة الكريمة.
ونستذكر هنا قصيدة حافظ بيك ابراهيم في موقف عمر مع هذه المرأة:
ومن رآهُ أمام القدر منبطحاً
والنار تأخذُ منه وهو يذكيها
وقد تخللّ في أثناء لحيته
منها الدخّان وفوهُ غاب في فيها
رأى هناك أمير المؤمنين على
حالٍ ترُوع –لعمر الله- رائيها
يستقبل النار خوف النار في غده
والعين من خشيةٍ سالت مآقيها
لقد أسّسَ الفاروق (رض) أركان الدولة الاسلامية، بثلاثة مواقف، أوّلها: حرّية الفرد، وثانيها: العدالة، وثالثها: المحافظة على كيان المجتمع بالنزول الى الرعية والعمل على سد الثغرات، ومن هذه المواقف يستطيع الحكّام قياس مدى عدالتهم لأنفسهم قبل شعوبهم انعكاساً لمواقف عمر ابن الخطاب مع رعيّته!
ولكن في زماننا هذا فإنّنا نظلم الحكّام عندما نتملّقهم ولا ننصحهم نصيحة الأخ لأخيه، والصاحب الحق لصاحبه، فدعاة الوطنية يظنّون أنّ الخائن من لا يوافق كلام الحاكم ورأيه، ناسين أنّ الدين النصيحة الحقّة وهو أوّل معيار للوطنية الصادقة والنابعة من قلب المواطن الى قلب الحاكم، وليس الشعارات الفضفاضة الملفوفة بالتملّق والنفاق البواح.
إن لم تطبّق أركان الحكم الثلاثة التي تبنّاها الفاروق عمر بن الخطّاب (رض)، تسقط الأمم كما شاهدناه مثالاً حيّاً في أوروبا الشرقية والربيع العربي، الذي ظنّ الجميع أنّ شعوب الدول العربية بعيدة كل البعد من أن تنال هذه الأركان
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 3389 - السبت 17 ديسمبر 2011م الموافق 22 محرم 1433هـ
ابوحسين
سلمتِ على هذا المقال. عند ظهور الحق فإن المنصب والجاه والأموال لا قيمة لها. رسول الله صلى الله عليه وآله أمر أن يُقتصَّ منه إذا كان قد اعتدى على أحد وهو أفضل البشر. للأسف فإن البعض في الحاضر يرى نفسه أرقى من رسول الله، كمن ينظر الناس من أعلى الجبل.
العدل
هل يصح أن يزاد موظف بنفس الوظيفة وغيره لا يعطى شئ .
سلمت يداك يابنت الشروقي
ولكن هل من معتبر ............
كلام صحيح 100 %
بيض الله وجهك يا بنت الشروقي ولكن بهذا المقال بزعلين كثير من قرائك الفاروق عمر هو والخلفاء الراشدين حكموا بقوة الدين ولكن حكام المسلمين والله يهديهم ويهدى كل مسلم لم يقتفوا الأثر.
الله يهديك يا اخت بنت الشروقي
رحم الله الفاروق فحتى لقبه تمت المتاجره به
مع الأسف اننا في العالم الأسلامي نكرر مثل هذه المواقف العضيمة والمقولات الرائعة للرسول العظيم واهل بيته واصحابة الميامين بل لكتاب الله القران المبين كانها اغنيات وطلاسم او امور انقرضت . ولا نتمثل بها ..ولا نأخذ بها. فاين الجهاد الأكبر في قول كلمة الحق ... المنبر اصبح وسيلة للدخل والجاه بل للفتنة ..فكل جمعة اطلع على خطب المكتوبة في احد الجرائد فأحمد الله اني لا اصلي وراء هؤلاء
ما شاء الله عليج
السلام عليكم
والله لقصص الخلفاء الراشدين لعبر لو زين يتعظون الناس من قصص الاولين " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"
اين المتعضين
ان لنا في الحياة عبر كثيرة و لكن اين المعتبرين فمن قصص الرسول الى الخلفاء الى الأءمه هناك الكثير و الكثير من القصص و الحكم و العبر للحكام و السلاطين قبل الناس و لكن اين من يتعض. شكرا اختي مريم على المقال
ابن البلد
اهم شي نيتك.
سلام الله على امير المؤمنين (ع)
من يريد القذوة فهي موجودة له في كل عصر ومكان
لطالما تكرر ذكر الظلم والظالمين كما ذكر الجبابرة والفراعنة في القرآن وجاء سرد لكثير من القصص وتكرار لبعض القصص بهدف تناول جوانب مختلفة من حياة الحكام.
هذا كله لم يأتي عبثا ولم يذكره القرآن للتسلية
حاشى ان يكون كتاب الله كتاب قصص وتسلية
ولكن كما قال الله تعالى هو عبرة لأولي الالباب
ولكن المقصود اولي الالباب فالقرآن إنما ذكر اولي
الألباب لأنهم فقط هم من يستمع الى القرآن فيتبع احسنه وما أقلّ هؤلاء وأنذرهم على ارض الواقع