يرى الخبراء أنه بعد شهور من الثورة الشعبية التي أطاحت بحكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك في 11 شباط/فبراير الماضي، فإن الحقيقة المؤكدة هي أن الاقتصاد المصري تضرر بشدة. يقول جيرهارد كراوس رئيس إدارة الإصلاح الاقتصادي في مفوضية الاتحاد الأوروبي بمصر إن "مصر وصلت إلى المرحلة التي يصعب معها التنبؤ (باتجاهات الاقتصاد) حيث تجاوزت المخاطر التي يواجهها الاستثمار أي عائدات محتملة".
وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) أن "الأمن القانوني (للاستثمار) يمر بمرحلة حرجة". وفقا للمسئول الأوروبي فإن الكثير من الشركات الأوروبية تشعر بالقلق من احتمال أن تبادر القيادة الجديدة في مصر بالإطاحة بالإصلاحات الاقتصادية المواتية لمصالح الشركات تحت ضغط الشعور المتزايد بخيبة الأمل من القطاع الخاص. وقد تضرر الاقتصاد المصري من سلسلة إضرابات عمالية واضطرابات سياسية والغياب الأمني والتدهور الحاد لقيمة العملة المصرية منذ سقوط مبارك. من ناحيته قال السيناتور الأمريكي جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي في القاهرة قبل يومين إن إعادة مستوى معين من الأمن أمر حيوي لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مصر مرة أخرى. وأضاف إن التحدي الأكبر الذي تواجهه مصر الآن هو التحدي الاقتصادي، في إشارة إلى وصول إجمالي خسائر مصر الاقتصادية منذ بداية الثورة حتى الآن إلى 5ر7 مليارات دولار.
أما وزير الاقتصاد الألماني فيليب روسلر فقال الأسبوع الماضي إنه بدون استقرار سياسي في مصر فسيكون من الصعب عودة الاستثمارات الأجنبية إليها. وقال روسلر خلال اجتماع اقتصادي بالقاهرة إن "الشروط المسبقة لعودة الاستثمارات الأجنبية هي وجود هياكل ديمقراطية وحماية حقوق الإنسان وسيادة القانون وإدارة فاعلة". وقال محمد المهدي المدير الإداري لشركة سيمنس الألمانية بمصر إن شركته المتخصصة في صناعة معدات الاتصالات والتي تعمل في مصر منذ 110 أعوام لديها خطط للتوسع فيها. وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) "لكن يجب أن يكون الإطار السياسي والقانوني في البلاد مساير لقواعد السوق الحرة". وكان البنك المركزي المصري قد أعلن في تشرين ثان/نوفمبر الماضي تراجع التدفقات الاستثمارية الخارجية إلى مصر خلال النصف الأول من العام المالي الحالي بنسبة 20%.
يبدأ العام المالي في مصر أول تموز/يوليو. ويقول الخبراء إن الاقتصاد المصري المتعثر لا يبشر في الوقت الراهن بالأمل في أي تعاف سريع. يقول راينر هيرت رئيس غرفة التجارة والصناعة الألمانية في القاهرة إنه يجب أن يكون إنعاش الاقتصاد المصري على رأس أولويات الحكومة إلى جانب وضع القواعد القانونية الواضحة للنشاط الاقتصادي. وأضاف أنه إذا لم يتعاف الاقتصاد المصري بسرعة فإن المبيعات في السوق المصرية ستتراجع بصورة أكبر وهو ما يفتح الباب امام تقليص عمليات الشركات الأجنبية العاملة فيها. يأتي ذلك فيما ارتفع معدل البطالة في مصر خلال الربع الثالث من العام الحالي إلى 9ر11% بحسب الإحصاءات الحكومية في حين فقدت الأسهم المصرية نحو نصف قيمتها خلال 11 شهرا مضت. علاوة على ذلك فإن معدل الجريمة ارتفع بشدة في مصر منذ سقوط مبارك رغم كل الوعود الحكومية بإعادة سد الفراغ الأمني كل أنحاء البلاد. ورغم كل ذلك فإن وزير الصناعة والتجارة الخارجية المصري محمود عيسى يبدو متفائلا حيث قال إن إتمام المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشعب التي ستجري على 3 مراحل بسلاسة خطوة جيدة في اتجاه استعادة الثقة الدولية في استقرار البلاد.وقال عيسى أمام مؤتمر اقتصادي بالقاهرة إن فرص الاستثمار في مصر وفيرة وواعدة.