العدد 3382 - السبت 10 ديسمبر 2011م الموافق 15 محرم 1433هـ

هل يستمر النزاع الديني في إندونيسيا؟

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يصل العنف ضد المسيحيين أحياناً كثيرة إلى عناوين الأخبار. إلا أن أعمال العنف التي تستهدف المسيحيين يجب ألا تبعد أنظارنا عن حقيقة أن الغالبية العظمى من الجاليات المسيحية في إندونيسيا تعيش وتمارس شعائرها الدينية بحرية من دون خوف أو تدخل في دولة ذات غالبية مسلمة، وأنه لم يجرِ أبداً منع التحول من دين لآخر.

إلا أن مستوى الحرية الدينية انحدر في السنوات القليلة الماضية. يجب أن تمتلك الحكومة الشجاعة لوقف هذا التوجه وحماية الأقليات الدينية الإندونيسية لتستمر في الدفاع عن الحرية الدينية.

خلال الشهور التسعة الأولى من العام 2011، أحصى «منتدى جاكرتا للتواصل المسيحي» وحده 31 حادثة تدخّل في الكنائس المسيحية. أحصوا في العام 2010 عدد 47 حادثة مماثلة. من المستحيل على ما يبدو في الكثير من الأقاليم بناء كنائس جديدة، وعندما تحتفل الجاليات المسيحية بقداس يوم الأحد في أماكن غير مصرّح بها، فإنهم يضطرون أحياناً للوقوف تحت تهديدات العنف. وتحولت بعض هذه التهديدات المحفَّزة دينياً بالتأكيد إلى أحداث عنفية.

تبدو الحكومة على رغم نجاحها الكبير في محاربة الإرهاب مترددة في اتخاذ إجراء عندما يجري تهديد الأقليات. وعلى رغم أن الحكومة تدين استخدام العنف، إلا أن ذلك لا تدعمه دائماً تصرفات حازمة. على سبيل المثال، عندما قتل ثلاثة من أتباع الطائفة الأحمدية (وهي طائفة أسسها ميرزا غلام أحمد، وهو قائد ديني ادّعى أنه المهدي المنتظر الذي بشّر به النبي محمد (ص)، في بلده سيكيوسك، لم تتدخل الشرطة المحلية، وحصل المجرمون فيما بعد على أحكام لا تتجاوز الثلاثة إلى سبعة شهور في السجن).

يشجّع التناقض بين التصريحات التي تدين العنف ونتائجه، تشجع السكان المحليين على الانخراط في سياسات عرقية عدوانية ضد الأقليات. لمدة تزيد على السنة، تتعرض جالية مشيخية (Presbyterian) في بوغور بجاوا الغربية إلى التحرش من قبل جماعات غير مسيحية أيام الأحد لأنها اضطرت لإقامة صلواتها على رصيف الشارع بعد أن أغلق عمدة البلدة كنيستهم. وعلى رغم أن المحكمة العليا في إندونيسيا أعلنت فيما بعد أن الإغلاق غير قانوني، تبقى الكنيسة مغلقة من قبل عمدة البلدة، الذي يخاف من وجهات نظر بعض الناخبين المسلمين في بلدته.

ويمثل ذلك تراجعاً في التسامح والنظام الاجتماعي. في الماضي كان يجري تبرير منع بناء الكنائس أحياناً بالجدل بأن هذه الكنائس تسعى لتحويل المسلمين عن دينهم. وكانت هذه الأقوال تجابَه أحياناً بالجدل والحوار، أو يتم حلها في المحاكم.

لم يعد الناس اليوم يأبهون بمبررات كهذه، ويقولون ببساطة إنهم لا يريدون كنيسة في حيهم. في الوقت نفسه، تقوم السلطات المحلية في الكثير من الأماكن بسن قوانين محلية مبنية على الشريعة الإسلامية تعوق وتمنع بشكل إضافي نشاطات الأقليات الدينية، وكذلك حقوق المواطنين، وخاصة النساء.

تحتاج الحكومة لأن تعلن أن هناك مساحات – مثل الحرية الدينية وحقوق الإنسان – لا تقع تحت حكم السلطات المحلية، المعرضة لمصالح سياسية خلافية، ولكنها تدار وتتمتع بحماية الحكومة المركزية.

إلا أنه على رغم الأخبار المزعجة، لم تكن هناك أي تطورات إيجابية يجب أن نأخذها بالاعتبار وأن نحاول البناء عليها. خلال السنوات الخمسة عشر الماضية، تحسّنت العلاقات بين المسيحيين ومسلمي التيار الرئيس بشكل متواصل. إذا كان المسيحيون قبل خمسة عشر سنة ينزعون للنظر إلى الجيش الوطني للحماية عندما تبرز المشاكل، فإنهم يتحوّلون اليوم إلى «نهضة العلماء»، أكبر منظمة مسلمة في إندونيسيا، ليس فقط للحماية وإنما كذلك للإثبات أمام الجمهور أن علاقات الأديان على مستوى الجذور مازالت قوية.

جرى بناء الثقة بالعلاقات في الكثير من الأماكن بين المسيحيين ومسلمي التيار الرئيس على المستويات المحلية. ينظم طلبة العلوم الدينية الكاثوليكية بشكل منتظم مناسبات ويقيمون في المدارس الدينية الإسلامية، وفي بعض الحالات يقوم شباب الميليشيا التابعون لحزب نهضة العلماء بحماية المساجد أثناء أعياد الميلاد والفصح، ما يساهم في إظهار الروابط القوية بين الأديان.

أما على مستوى القيادة فقد أصدر الكثير من القادة الدينيين المعروفين من كل الديانات في العاشر من يناير/ كانون الثاني هذه السنة بياناً مشتركاً ينتقدون فيه الحكومة لفشلها في تنفيذ وعودها التي قطعتها للجمهور. وتظهر هذه الأمثلة الثلاثة جميعها أن الحفاظ على علاقات جيدة وتفاهم هي أمور أساسية في بناء علاقات فضلى عبر الديانات.

هل يواجه مسيحيو إندونيسيا إذاً مستقبلاً أكثر تحدياً؟ الحريات الدينية متأصّلة في الثقافة الإندونيسية وتتمتع باحترام إسلام التيار الرئيس. التحسّن الملموس في العلاقات بين المسيحيين ومسلمي التيار الرئيس خلال السنوات الخمسة عشر الماضية هي على الأرجح أقوى ضمانة لمستقبل التسامح الديني والنظام الاجتماعي في إندونيسيا

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3382 - السبت 10 ديسمبر 2011م الموافق 15 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً