مرَّت الساحة البحرينية وتمر بمنعطفات كبيرة، وبعض تلك المنعطفات تخص جهات بعينها، ومن بين تلك الجهات إدارة الأوقاف الجعفرية، إذ شكَّلت قضية المساجد التي جرى هدمها، إحدى أهم النقاط التي أنيط بلجنة تقصي الحقائق العمل على التحقق منها.

ولكن الغريب في الأمر أن هذه الإدارة يبدو أنها غائبة عن الوعي أو مغيَّبة عنه، إذ شهدت الأسابيع الماضية مواضيع عدة تمس جوهر هذا الموضوع، ما يعني مساساً بأصل عمل هذه الإدارة -التي لايزال الناس يطالبون بإجراء تعديلات كبيرة على عملها- إلا أن أحداً لم يسمع صوتاً من تلك الإدارة أبداً وكأن الأمر لا يعنيها.

ففي الثالث والعشرين من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني كشفت اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق عن محتوى تقريرها الذي خصص جزءٌ منه عن المساجد المهدومة والمعتدى عليها، إلا أن الأوقاف الجعفرية لم تعلِّق ولو بكلمة واحدة بالسلب أو الإيجاب، وكأن الأمر لا يعنيها من قريب أو من بعيد.

أما الحدث الثاني فهو تصريح بعض الأعضاء البلديين بوجود أنباء عن أن الجهات الرسمية تنوي تحويل أرض مسجد الصحابي أبوذر الغفاري (رض) إلى حديقة، على رغم تأكيد الأهالي وقفية الأرض كمسجدٍ منذ عشرات السنين سبقت تأسيس الدولة الحديثة. وعلى رغم كل اللغط الجاري، لم تتحفنا إدارة الأوقاف بكلمة تنفي أو تؤكد أو تندّد، بل كان صمتها المطبق سيد الموقف.

وفي الفترة نفسها وفي عاشوراء الإمام الحسين (ع) تم الاعتداء على موكب عزاء المحرق والهجوم على حسينية الولاية النسائية التي تعرضت للتكسير والتخريب، ولم نسمع عن وجود إدارة الأوقاف الجعفرية في هذا الموقف أبداً، ولا أعلم هل أصبحت الأوقاف غير معنية بالمساجد والحسينيات، أم أن عملها تم تقنينه ليصبح إدارة الأراضي التابعة للمساجد والحسينيات، ولا أعتقد ذلك.

ومن الممكن أن يخيل للإنسان أن الإدارة لا تمتلك دائرة علاقات عامة تكتب لها بياناتها لذلك غابت عن هذه الأمور المهمة تماماً، ولكن ذلك يختفي تماماً عندما ترى الإدارة أتحفتنا ببيان لها بمناسبة يوم المرأة البحرينية، الذي لا أعتقد أن من اختصاصات الإدارة التحدث بشأنه أو حتى متابعته، بل إن من شأنها متابعة المساجد والحسينيات، فهي في بيانها في يوم المرأة البحرينية تذكّرنا بالمثل القائل «حشرٌ مع الناس عيد»، وليس لهذا البيان والغياب في ما يخص الأوقاف غير هذا التفسير