أتيحت لي الفرصة للمشاركة في الفريق الدولي لمراقبة المرحلة الأولى من الانتخابات النيابية المصرية التي جرت في سبع محافظات مصرية يومي 28 و29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، وتشكل الفريق الدولي من نحو 40 من المراقبين الميدانيين والإداريين من 15 جنسية من العرب وغير العرب، مع مرافقين مصريين، ونظم المعهد الوطني الأميركي (NDI) هذه المهمة، التي هي من ضمن العديد من مهمات الإشراف على الانتخابات في المنطقة العربية التي قام بها المعهد طوال عشرين عاماً.
وكما تقتضي أصول الحيادية والمهنية، فقد كان ممنوعاً على المراقبين الإدلاء بأي تعليق عن الانتخابات التي يشاركون فيها حتى انتهائها وصدور تقرير عن المعهد بشأنها. المحافظات التسع التي شهدت الجولة الأولى من ثلاث جولات لمجمل المحافظات المصرية لانتخاب مجلس الشعب وثلاث جولات إعادة شملت محافظات القاهرة وكفر الشيخ والبحر الأحمر، وبور سعيد والإسكندرية، وأسوان والسويس وأسيوط والمنوفية، وتوزع مراقبو الفريق الدولي على المحافظات التسع، حيث أقيمت شبكة اتصالات تلفونية تربطهم بغرفة عمليات في المقر بفندق سوفيتيل بالقاهرة. وزود المراقبون بنماذج يملأونها لكل مرحلة من مراحل العملية الانتخابية بدءاً بفتح الصناديق وانتهاءً بالفرز.
كما تمت تهيئة المشاركين من خلال دورة مكثفة وندوات مع ممثلي أهم الأحزاب المتنافسة وخبراء وأكاديميين على امتداد ثلاثة أيام.
يستند نظام انتخابات مجلس الشعب إلى النظام المختلط من القوائم لثلثي الأعضاء والفردي لثلث الأعضاء، بحيث يكون 50 في المئة منهم من العمال والفلاحين.
وبالتالي على الناخب الذي يتسلم ورقتي اقتراع، الأولى تضم الأحزاب أو الكتل المتنافسة، والأخرى تضم قائمة المرشحين الفرديين والتي هي بدورها تضم قائمتين، قائمة الفئات، وقائمة العمال الفلاحين، وعليه أن يؤشر على واحدة من قوائم الأحزاب المتنافسة وعلى اثنين (فئات/ عمال وفلاحين) من قائمة الفردي.
وبموجب قانون الانتخابات فإن كل مواطن مصري/ مصرية بلغ 18 عاماً يوم الانتخابات له الحق في الانتخاب وكل مواطن مصري/ مصرية بلغ 30 عاماً له حق الترشح لانتخابات مجلس الشعب. مع استثناءات للمحرومين من حق الانتخابات أو الترشح مؤقتاً لأسباب يبينها القانون أنيط باللجنة العليا للانتخابات والمشكلة من كبار القضاة من المستشارين، والتي وضع بتصرفها عشرات الآلاف من المنتسبين لسلكي القضاء والنيابة العامة بمختلف درجاتها بحيث يشرف قاضٍ أو نائب عام على كل لجنة فرعية. كما وضع تحت تصرف اللجنة العليا للانتخابات عشرات الآلاف من المنتسبين للقوات المسلحة ووزارة الداخلية، لتأمين سلامة الانتخابات وحفظ النظام العام في محيط ومراكز الاقتراع ولكن من دون التواجد داخل حيز الاقتراع، وكذلك حراسة صناديق الاقتراع ونقلها، إلى مراكز الفرز وحماية عملية الفرز، ثم حراسة أوراق الاقتراع ووثائق الاقتراع حتى انتهاء عمليات الطعون. وخصصت مراكز اقتراع للنساء منفصلة عن مراكز اقتراع الرجال. يبلغ العدد الكلي لأعضاء مجلس الشعب 498 نائباً منهم الثلث 166 يتم انتخابهم بنظام الانتخاب الفردي، والمرشحون هنا يمكن أن يكونوا حزبيين أو مستقلين والثلثان 332 نائباً يتم انتخابهم بحسب النظام النسبي للقوائم المتنافسة أي أن نصيب كل قائمة يتحدد بحسب نسبة الأصوات التي حصلت عليها، ويتحدد الفائزون من القائمة بحسب ترتيبهم في القائمة، وليس هناك حد أدنى من الأصوات لحصول قائمة ما على التمثيل.
كان من نصيبي أنا وزميلتي اللبنانية الأميركية ريبيكا أبي شديد ومرافقنا المصري محمد مراد دائرة جنوب القاهرة (4) والتي تشمل المعادي، ومصر القديمة، والسيدة زينب والبساتين والخليفة والمقطم وحلوان، وهي منطقة كبيرة جداً ويقارب سكانها مليونين. الدائرة متنوعة جداً من حيث التركيبة الاجتماعية والدينية والطبقية، وتتدرج في ذلك حيث المعادي عبارة عن حي مديني عريق يضم بأغلبية قسمين للطبقات العليا والمتوسطة، وهو مختلط يضم مسلمين ومسيحيين، أما السيدة زينب فهي تضم منتمين للطبقتين الوسطي والصغيرة من المسلمين فقط، في حين أن حي البساتين والخليفة من العمال وصغار الكسبة والمعدمين ومسكنة المقابر، أما حلوان فهي مدينة عالية بامتياز، إلى جانب صغار الكسبة والمتوسطة وقليل من أبناء الطبقات العليا. أما المقطم فغالبية سكانها من الطبقة المتوسطة والصغيرة والعمال وهي منطقة مختلطة من المسلمين والمسيحيين وبها أيضاً إسكان عشوائي. وفي حين تعتبر المعادي والمقطم وحلوان مناطق منظمة وبها خدمات عامة معقولة، فإن أحياء البساتين وخليفة مناطق منكوبة، تفتقر إلى التنظيم والشوارع المعبدة والكثير من العشوائيات وتتداخل فيها المساكن والمصانع بما في ذلك مصانع الرخام والسيراميك والأثاث وبجانبها مكبات الزبالة ومخلفات الكسارات، تعكس مراكز الاقتراع الفرعية في المدارس الحكومية هذه الصورة حيث تتباين المدارس من مدارس حديثة وواسعة ونظيفة في المقطم، إلى مدارس آيلة للسقوط وضيقة في البساتين وخليفة.
يمكن بسهولة تمييز المستوى المعيشي والتعليمي للناخبين عن الوهلة الأولى ويمكن معرفة مستواهم الثقافي والفكري والانتماء أو التوجه السياسي من خلال مناقشة سريعة معهم في طوابير الانتظار للاقتراع.
المستوى المعيشي لسكنة المعادي والمقطم وحلوان هو فوق خط الفقر ويتدرج في حين أن غالبية سكنة البساتين والخليفة ومصر القديمة هم من الفقراء والمعدمين، ويتناسب ذلك مع مستوى التحصيلي العلمي والمهني والثقافة، ففي حين ترتفع نسبة المتعلمين في المعادي والمقطم فإنها متدنية في أحياء البساتين والخليفة ومصر القديمة ومتوسطة في حلوان. وبحسب ما ذكره لنا ناظر مدرسة فإن الأمية في الأحياء الثلاثة تصل إلى 60 في المئة وترتفع إلى 70 في المئة بين النساء. طلب من فريقنا زيارة 8 مراكز اقتراع (أي 8 مدارس) حيث يتراوح عدد المراكز الفرعية في كل منها من 2 إلى 8 في اليوم الأول وتكرار ذلك في اليوم التالي.
ومن خلال تحليل القوائم الحزبية والمرشحين الفرديين المتنافسين، واستطلاع آراء الناخبين واستطلاعات الرأي وما تنشره الصحافة، ولقاءاتنا مع ممثلي الأحزاب يمكن وضع تحليل أولي لاتجاهات الناخبين، وبالتأكيد فإن النتائج النهائية التي أعلنت عنها اللجنة العليا للانتخابات يوم الجمعة 2/12/2011 كشفت الصورة النهائية وعكست التركيبة الاجتماعية والطبقية والدينية والثقافية
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 3378 - الثلثاء 06 ديسمبر 2011م الموافق 11 محرم 1433هـ
م ابو حشيكه
هو اننى ضد التخريب الذ ىيفعلونه البعض فى مصر وفى الاثار المصريه لانه تراث اجدادنا المصريين ان هذا كله الذى يحصل فى مصر فى الان هو الخطا نفسه