«ما رأيت إلا جميلا»، كان هذا رد السيدة زينب ابنة علي ابن أبي طالب (ع) على ابن زياد حين سألها متشفياً في قصره: «كيف رأيتِ فعل الله بأهل بيتك»؟. في كل مرة نحيا ذكرى عاشوراء، نستلهم من زينب (ع) ثباتاً وعزيمةً وقوةً، فهي كانت مؤمنة بحقها الإنساني، ترى أن كل ما يصيبنا في سبيل لله فهو جميل، والجمال عنوان لا يوصف، لذلك؛ فإن أصحاب الحق عبر التاريخ لا يرون في ما يصيبهم من انتقام وتشفٍّ إلا جمالاً يزيدهم قوة وإيماناً وصبراً يعينهم على تحمل تلك المصاعب لأنهم موقنون بأن الصبح مقبل، يأتمرون بقوله عز وجل «فاصبر صبراً جميلاً. إنهم يرونه بعيداً. ونراه قريباً» (المعارج: 5 - 7).
«ما رأيت إلا جميلاً»، هذا الخطاب كان جزءًا من المحادثة التي دارت بين السيدة زينب وأمير الكوفة عبيدالله ابن زياد في دار الإمارة بالكوفة أيام خلافة يزيد بن معاوية، بعد استشهاد أخيها الحسين (ع). كانت هذه الإمارة قبل عشرين سنة هي مركز خلافة أبيها العادل الإمام علي (ع)، وفيها كانت تعيش بعز وكرامة، كما كانت الأمة بأسرها تعيش بعز وأمن وكرامة. واليوم تدخل فيها وهي أسيرة، وتدخل القصر وتنحاز في إحدى نواحيه. لم تبدأ الحديث لأنها لا ترى في مالك القصر شيئاً ولا تقيم له وزناً، هي صاحبة حق وترى أن أمرها بيد ربها عز وجل وحده، بينما هو يمتلئ حقداً وشماتةً، بل كان حديثه ينم عن بذاءة لسان، وحقارة نفس، ودناءة روح... حين قال لها: «لقد شفى الله قلبي من طاغيتك الحسين»، فردت عليه قائلة: «لعمري لقد قتلت كهلي، وقطعت فرعي، واجتثثت أصلي، فإن كان هذا شفاؤك فقد اشتفيت». لكن السيدة تبرهن له أن هذا التشفي آني سيزول: «وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاجون إليه وتختصمون عنده، فانظر لمن الفلج يومئذ»، مصداقاً لقوله تعالى «هل يهلك إلا القوم الظالمون» (الأنعام: 47).
إن قتل الإمام الحسين (ع) بالصورة الشنيعة وإنزال أنواع العذاب في أهل بيته، لهي حالة تنم عن روح الحقد والضغينة ومقدار الكراهية التي فاقت حدود الإنسانية، وليت هذه الحالة تقف أو تعرف الحرج أو الشبع، فهي تزيد ولا تنقص، ولا يعرف لها سبب سوى الشر الدفين، فهو (ع) كما قال: «ويلكم أتطلبوني بقتيل لكم قتلته؟ أم بمال استهلكته؟ أم بقصاص من جراحة؟ لكنهم كانوا أكثر إجراماً في قتله، فقد كتب عبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد: «فازحف إليهم وقاتلهم، وإذا قتلت حسيناً فأوطِئ الخيل صدره وظهره». وقد كانوا على عجلة من أمرهم، إذ جاء شمر بن ذي الجوشن بكتاب ابن زياد ودخل أرض كربلاء يوم التاسع من المحرم عصراً، فقدم الكتاب إلى عمر بن سعد فلما قرأه قال: «يا شمر لعنك الله ولعن ما قدمت به، إني والله لأظن أنك أنت الذي حثثته على هذا. لا والله إن الحسين لن يستسلم أبداً، إن نفس أبيه علي لبين جنبيه»، فقال له الشمر: «يا بن سعد أقصِر. أتمضي بأمر أميرك أو تعتزل وتخلي بيني وبين العسكر؟».
حالة التشفي لم تنته ولم تخمد، إذ حاول ابن زياد قتل زين العابدين علي بن الحسين (ع)، فتعلقت به عمته زينب وقالت موبّخة ابن زياد: «يا ابن زياد! حسبك من دمائنا ما ارتويت وسفكت، وهل أبقيت أحداً غير هذا؟ والله لا أفارقه، فإن قتلته فاقتلني معه».
قتلوا الإمام الحسين (ع) بأبشع أساليب القتل وسبوا نساءه وأطفاله وداروا بهم من بلد إلى بلد لأنه أبى أن يركع لغير الله، وكان شعاره «هيهات منا الذلة، يأبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون، وحجور طهرت، وجدود طابت، وأُنوف حميّة، ونفوس أبيّة أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام».
هو الحسين يهون على نفسه ما لاقاه: «هوّن علي ما نزل بي أنه بعين الله». هو هكذا يرى ما أصابه جميلاً لأنه في سبيل الله، فالحسين(ع) في ساحة القتال والقتل، كان يتكلّم مع اللّه بلسان الحبّ والرضا والعرفان، فهو القائل:
فلو قطعتني في الحب إرباً .... لما مال الفؤاد إلى سواكا
فأهل البيت ميزانهم في أعمالهم رضا الله وشرعية حكمه، ولا يقيمون وزناً لسواه مهما بلغ خطره وعلا مقامه بين الناس وخصوصاً إذا كان خصماً للحق وعدوه، ولا يدفعهم في جهادهم روح التشفي والانتقام، مهما بلغ ظلم الناس لهم، وهذا يتضح جليّاً في خطاب السيدة زينب (ع) ليزيد «ولئن جرّت علي الدواهي مخاطبتك، إني لأستصغر قدرك واستعظم تقريعك، وأستكثر توبيخك، لكن العيون عبرى، والصدور حرى»
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 3378 - الثلثاء 06 ديسمبر 2011م الموافق 11 محرم 1433هـ
ماقرأت الاجميلا يااختي رمله
نعم هكذا هن نساءنا امهات الشهداء زوجات الشهداء اخوات الشهداء بنات الشهداء يجب ان يكون منطقهم زينبي حسيني اذاكانوا يحبون الحسين وانا اقول ماكتبتي ياختي الاجميلا من مدرس الحسين لك مني تحية وسلام
صبرت
صبرت السيده زينب و أحتسبت فكيف يكون الصبر؟؟؟