جاءت النتائج المعلنة للقاء وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وتصريحاته التي أعقبت ذلك، لتؤكد صحة ما توصلنا إليه بالمقالة السابقة، عن صعوبة إقدام إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، على قيادة تحالف عسكري بمشاركة الكيان الصهيوني، بهدف توجيه ضربة إلى المنشآت النووية الإيرانية.
أوضح الوزير الأميركي، أن أي ضربة عسكرية توجه إلى إيران، سيكون من شأنها تهديد الاقتصاد العالمي. وقد اتسقت هذه التصريحات مع تصريحات المسئولين بالجيش الأميركي لشبكة «سي.إن.إن» عبروا فيها عن قلق أميركي متزايد من هجوم إسرائيلي محتمل ضد إيران، وأن الاستخبارات الأميركية ضاعفت مراقبتها للأنشطة العسكرية في تل أبيب وطهران.
تهدف إدارة أوباما، بتكرار هذه التصريحات، إلى البروز بمظهر الحياد، فيما يتعلق بأي هجوم عسكري إسرائيلي قد تقدم عليه ضد إيران، في محاولة للتنصل من شبهة التنسيق مع الإسرائيليين، بشأن الملف النووي الإيراني. لكن ذلك لا يغير كثيراً من الحقيقة التي يعرفها الجميع، عن الترابط الاستراتيجي بين الإدارتين الأميركية والإسرائيلية. إن هذا الترابط الاستراتيجي يجعل من الصعوبة التسليم بإمكان عدم معرفة الأميركيين لخطط واستراتيجيات حلفائهم الصهاينة، خاصة أن هذه التصريحات، تتزامن مع الإعلان عن استعداد لتدريبات عسكرية أميركية - إسرائيلية مشتركة، يشارك فيها 5 آلاف جندي من جيشيهما.
وحسب تصريحات لمساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشئون السياسية - العسكرية أندرو شابيرو، فإن الغاية من هذه التدريبات هي محاكات سقوط الصواريخ البالستية، وسبل الحماية منها، في حال حدوث حرب بالمنطقة. وهذه التدريبات العسكرية من وجهة نظر خبراء عسكريين، هي الأكبر في تاريخ علاقات الدولتين.
يبدو أن جميع الأطراف المعنية بقضية الملف، تعمل على خلط الأوراق، وأن الأميركيين ليسوا في وارد الدخول في مغامرة عسكرية أخرى، بعد فشل مشاريعهم في العراق وأفغانستان. فهم الآن في وضع مشابه لحالهم بعد هزيمتهم في الهند الصينية في نهاية الستينيات من القرن الماضي. فقد سادت آنذاك ما عُرف في حينها بعقدة فيتنام، العقدة التي تسببت في امتناع المؤسسة العسكرية الأميركية لعقدين من الزمن، عن الدخول في أي حرب على مستوى العالم، والاكتفاء بالمكاسب التي حققوها، بعد الحرب الكونية الثانية، في صيغة قواعد وأحلاف ومعاهدات. وكانت حرب الخليج الثانية، التي قادها الرئيس الأميركي، بوش الأب والنصر السريع الذي تحقق للأميركيين فيها، مفتاحاً للتخلص من تلك العقدة.
لن تعكر الإدارة الأميركية فرح شعبها، لمناسبة انسحابها من العراق وعودة جنودها إلى وطنهم، وسيكون على المؤسسة العسكرية الأميركية، الانتظار طويلاً، كي تمتص نتائج فشلها في أفغانستان والعراق، قبل أن تقرر الدخول في مغامرات عسكرية جديدة.
وبالنسبة إلى أيّ تحليل سياسي، ليس من المعقول الركون إلى أي تسريبات إسرائيلية عن اقتراب موعد توجيه ضربة عسكرية إلى طهران، فالمشاريع الساخنة والحساسة، كهذه لا تطرح علناً، بل يجري التخطيط لها سراً في الغرف المغلقة، وغرف العمليات العسكرية، وأمام الخرائط، وتأخذ دائماً في الحسبان حسابات الأرباح والخسائر.
ولعل الهجوم الإسرائيلي، على مفاعل تموز النووي في بغداد في مطالع الثمانينيات من القرن الماضي، هو خير دليل على صحة قراءتنا. فلم تتحدث إسرائيل آنذاك عن مشروع للهجوم على العراق، بل خططت له في الظلام، وحين أعطى رئيس الحكومة الإسرائيلية، مناحيم بيغن الأمر بالتنفيذ، انطلقت الطائرات الإسرائيلية في تعتيم شامل، وكانت مؤامرة التنفيذ دقيقة وكاملة. وكان على الكيان الصهيوني أن يخوض معركة إعلامية شرسة لتبرير هجومه على بغداد، بعد التنفيذ وليس قبل ذلك.
هذه القراءة ستصطدم بسؤال ملح ومنطقي، لماذا إذاً، قرع طبول الحرب؟ وما هو الهدف من عودة الحديث عن احتمال الهجوم على طهران في هذا الوقت بالذات؟
هنا تبرز عدة فرضيات، تسعفنا بها قراءة المشهد السياسي في المنطقة بأسرها، تقدم لنا أجوبة منطقية ومعقولة لكنها تبقى بحاجة إلى التدقيق والتمحيص، لعل أهمها عقدة خروج الأميركيين من العراق وأفغانستان التي تحدثنا عنها.
نرصد في هذا الاتجاه، تزامن الانسحاب الأميركي من العراق تحديداً بأمرين يبدوان غريبين في سلوك إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، أولهما تصاعد التهديدات العسكرية بحق إيران، والثاني، إعلان أوباما نيته توسيع دائرة الحركة العسكرية الأميركية لتشمل شرقي آسيا، وأن الخروج من العراق وأفغانستان سيجري التعويض عنه في أماكن أخرى.
إن إدارة أوباما تسعى إلى التعويض عن الفشل باستعراض عسكري غير مكلف للقوة، بما يحقق بعضاً من التوازن النفسي للمؤسسة العسكرية ويعيد إليها الاعتبار. هذه قراءة رغم منطقيتها، لكنها تبقى في خانة الفرضية.
الفرضية الثانية، أن المنطقة حبلى بعواصف وبراكين، بعضها يتعلق بالتحولات الدراماتيكية التي أخذت مكانها في الواقع العربي، منذ مطلع هذا العام، وبعضها الآخر يتعلق بالملفات الدولية الشائكة المفتوحة منذ سنوات عدة.
ولإيران في هذه الملفات حصة الأسد، إذ إن لها صلة مباشرة بملفات ثلاثة، على الأقل: الملف النووي، وملف المحكمة الدولية ضد قتلة رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، وملف محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن، وكلها ملفات ساخنة. والأهم أن إيران تتحالف مع القيادة السورية التي أصبحت موضع هجوم من قبل أطراف دولية عدة، ولاشك أن من بين أهم الأوراق التي تملكها القيادة السورية، تحالفها مع حزب الله اللبناني وإيران، وبالتأكيد لدى سورية أوراق أخرى مهمة، لكنها خارج سياق موضوع هذا الحديث.
هذه الملفات لاتزال مفتوحة، وجميعها مطروحة أمام مؤسسات دولية، فالملف النووي مُودع لدى وكالة الطاقة الذرية، وقد جاء تقريرها الأخير في غير مصلحة إيران، يما يرجح زيادة الضغوط على طهران، لفتح منشآتها أمام هذه الوكالة للتيقن من سلمية المشروع النووي الإيراني. وبالمثل، يجري التعامل مع قتلة الحريري، والاتهامات موجهة إلى أفراد من حزب الله بارتكاب جريمة الاغتيال. وتطورات الأوضاع في لبنان لا تشي بأن حزب الله على استعداد للخضوع للضغوط الدولية، والقول هذا ينطبق على اتهام إيرانيين بمحاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن، إذ لا يوجد حتى اللحظة ما يؤكد استعداد إيران للتجاوب مع التحقيقات التي يقترحها مجلس الأمن، بذريعة إجلاء الغموض المرتبط بهذه القضية.
الضغط على إيران للتعامل إيجابياً مع هذه الملفات الساخنة، بما يتماهى مع الرغبات والمصالح الأميركية، وأهمها فك التحالف الإيراني مع سورية، والامتناع عن دعم وتأييد «حزب الله»، يمكن أن تكون فرضية صحيحة، لتبرير عودة الملف الإيراني مجدداً إلى واجهة الحوادث. لكن ذلك لا يجيب بشكل كافٍ وحاسم عن السؤال: أزمة الملف الإيراني إلى أين؟ ليس هذا فصل المقال، فالأبواب لاتزال مشرعة للمزيد من القراءة والتحليل في محطات مقبلة
إقرأ أيضا لـ "يوسف مكي "العدد 3373 - الخميس 01 ديسمبر 2011م الموافق 06 محرم 1433هـ
لماذا؟
واضحه الازمه الماليه خانقتهم ويبون فلوس فيخلقون لنا اوهام ومخاطر اقليميه وهم ملائكة الرحمة المنقذيين هههه على من لاتشرع ابواب ولاهم يحزنون الابواب مفتوحه وكل من يشوفها حسب مصلحته.
ملف ايران النووي بقره الغرب الحلوب
كلام كثير وفوبيا الخوف من ايران وبرنامجها اخذ يخيم على اجواء الموتمرات الخليجيه بلذات ولنكن واقعيين ماذا يخيفنا من هذا البعبع ايران اولا لم نتحارب خلال الخمس مائه سنه الماضيه الا حربه مع العراق وهذه الحرب فرضت على ايران والعراق تمشيا لاجنده شيطانيه للتخلص من قوه البلديين الاقويين في المنطقه بعد سقوط الشاه والشك في سلوك صدام بلنسبه للغرب بانه لم يعد الولد المطيع اما بلنسبه لحكومه ايران الحاليه واضح ان اي من بلدان الجوار لم تكن على اجنده ايران العسكريه
ماذا لو تغير النظام في ايران واتى شاه اخر