يقول عالم الاجتماع الفرنسي ألان تورين: «اعتاد الأوروبيون على المواقف السياسية المتطرفة، فهم يعتقدون أن الديمقراطية ينبغي أن تكون كاملة ناجزة، وأن الأنظمة التوتاليتارية لابد أن تتجه نحو ذروة التسلط: فالباب عندهم إما مفتوحاً وإما مغلقاً، أعتقد أن هذه قناعة موروثة من كون السلطة إما أن يمارسها (الحاكم)، وإما أن تمارسها الأمة، غير أن الحياة السياسية تظل عبارة عن دراما... إلخ، انظر كتاب: «ما هي الديمقراطية»، (دار الساقي ص 236).
كما أنقل عن أبرز فلاسفة السياسة الأميركيين جون راولز، وهو ممن تركزت أبحاثهم بشأن العدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية قوله: «ينبغي قيام النظرية الحقوقية على أسس سياسية لا فلسفية، حيث العدالة لا تقوم على توافق عام بل على تسوية يُعاد طرحها دائماً على بساط البحث من قبل القوى المجتمعية أو السياسية الفاعلة عبر التعديلات التي تُدخل على الحقوق، كما أنها تحتاج إلى شروط تعاقدية يتوافر في شخوصها ملكتان أخلاقيتان هما: قدرة على تشكيل تصوّرٍ للخير والسعي إلى تحقيقه، وإحساس بالعدالة وفهم مبادئها وتطبيقه».
من المنطلقات أعلاه، يمكن قراءة زاوية من المشهد السياسي بعد تقرير «لجنة تقصي الحقائق» الذي وضع البلاد بحق في إطار التزامات متبادلة محليّاً ودوليّاً والأهم تجاه الأمم المتحدة. كما يضعنا قبالة معضلة الشروط التعاقدية المعقدة لتحقيق العدالة، إذ ثمة ضجيج واضح من ردود الأفعال وهياج من بعض التصريحات المتضاربة وطبيعة الخطوات المتخذة التي تنتج مشهداً سياسيّاً دراميّاً بامتياز، بل ويخشى من أن ما ورد في التقرير وعلى لسان البروفيسور محمود شريف بسيوني، لن يضع البلاد على سكة الخروج من حالة التأزيم بالسرعة التي يتطلع إليها المواطن وغالبية أطراف اللعبة السياسية وقواعدها... لماذا؟ لنقاط عدة نركز على أبرزها:
أولاً: صحيح «تقرير بسيوني» أقر بحدوث انتهاكات بدنية ونفسية، وباستخدام القوة المفرطة ضد المحتجين وعمليات قبض تمت من دون أوامر وأحياناً في أوقات متأخرة من الليل أو فجراً من قبل أشخاص ملثمين ومصحوبة ببث الرعب وإتلاف للممتلكات وإهانات موجهة إلى طائفة المنتهكة حقوقهم، فضلاً عن ممارسة تعذيب متعمد وانتزاع اعترافات من المعتقلين، إلا إنه لم يشر إلى متورطين بالانتهاكات، ما يجعل الباب مفتوحاً للإفلات من العقاب. كما أن هناك ضبابية بشأن الإجراءات المأمول اتخاذها، وخصوصاً مع السجال المحتدم بين قوى المعارضة والدولة بشأن تشكيل كل من «اللجنة الوطنية المستقلة» المكلفة وضع مقترحات لمتابعة توصيات «التقرير»، إلى جانب «فريق عمل آخر» لدراسة التقرير ورفع خطة عمله المقترحة إلى مجلس الوزراء، وهو ما تحفظت عليه المعارضة. علماً بأن توصية التقرير الأصلية دعت إلى تشكيل اللجنة من جهات رسمية وجمعيات حقوقية وسياسية «معارضة»، والأخيرة، وبحسب مصادرها، لم تتسلم دعوة رسمية للمشاركة، كما ترى أن اللجنة استشارية غير متوازنة ولا تملك صلاحيات. وقد اتفقت المعارضة والحقوقيون - في بيانات متفرقة - على المطالبة برقابة دولية مختصة لتنفيذ التوصيات، والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين وإلغاء محاكماتهم التي استندت إلى اعترافات منتزعة بالإكراه تماماً كما ذُكر في «التقرير».
ثانياً: بحسب تجارب دول العالم غالباً ما تتحمل الحكومة مسئوليتها أدبيّاً وأخلاقيّاً ومعنويّاً تجاه أي انتهاكات كالتي وردت في «تقرير بسيوني»، لاسيما أن هناك شواهد حية من الضحايا، والرد بأن «الحكومة شرعية بنص الدستور ولن تستقيل». واعبتار موقف المعارضة من «اللجنة الوطنية» خروجاً عن دائرة التوافق الوطني، ما يزيد الموقف تعقيداً، والمحصلة العملية لذلك، لا تمثيل رسمي للمعارضة في «اللجنة الوطنية»، كما سجلت جمعية «الوفاق» في السياق تحفظها مجدداً على هدم دور العبادة التي أشار إليها بسيوني قائلاً: بأن الحكومة لم تلتزم باشتراطات الهدم وخصوصاً أن 5 منها كانت مستوفية للشروط القانونية والإدارية، وعليه فحالة التجاذب هذه تجعلها مفتوحة على كل الاحتمالات، إلا احتمال الحلول الجذرية للأزمة السياسية.
ثالثاً: احتوت الممارسة الإعلامية لغة مهينة وتغطية مثيرة للأحداث بل إن بعضها مسيء للسمعة وتسبب في مضايقات وتحريض.
هذا غيض من فيض، وخلاصة الأمر، التقرير مسهب ومتشعب والتصريحات المتبادلة نارية وطريقة تشكيل آليات الحلول «اللجان» على ما يبدو لن تؤدي إلى نهاية النفق المظلم، وصدقاً قال رئيس تحرير صحيفة «الوسط»: «إن اللجان في بلداننا تتشكل لشراء الوقت وتضييع الهدف عبر الوعود والتصريحات وبالتالي عدم تنفيذ المهمة، اللجان أصبحت عنواناً لعدم تنفيذ الوعود... إلخ». وصدقاً مجدداً ما ذكره جون راولز، كون تحقيق العدالة يحتاج إلى تسوية ترتكز على شركاء حقيقيين من قوى المجتمع، لكن في المقابل وحتى يحين وقت التسوية (الاستحقاق)، على المعارضة استلهام دروسها ودروس غيرها التاريخية ونتائجها، ألا تضع بيضها في سلة واحدة، أن تتخلى عن الطيبة المعهودة تحت ضغط حاجات الشارع، كما عليها استمرار بلورة شروطها في إطار «وثيقة المنامة» والنظر إليها دائماً كخطة طريق نحو مشروع إصلاح سياسي لن يتم إنجازه إلا عبر مراحل انتقالية تراكمية، تطبيقاً لمبدأً العدالة الانتقالية والإنصاف والمصالحة. والأهم من كل ذلك إدراك سر قوتها. أجل سر قوة المعارضة يكمن في وحدتها وتراص قواعدها
إقرأ أيضا لـ "منى عباس فضل"العدد 3372 - الأربعاء 30 نوفمبر 2011م الموافق 05 محرم 1433هـ
أوصى بسيوني بلجنة متابعة وتنفيذ وليست لجنة دراسة توصيات بسيوني
أولاً: تكوين لجنة وطنية مستقلة ومحايدة تضم شخصيات مرموقة من حكومة البحرين والجمعيات السياسية والمجتمع المدني لمتابعة وتنفيذ توصيات هذه اللجنة، على أن تعيد اللجنة المقترحة النظر في القوانين والإجراءات التي طُبقت في أعقاب أحداث شهري فبراير ومارس، بهدف وضع توصيات للمشرّع للقيام بالتعديلات الملائمة للقوانين القادمة، ووضع تشريعات جديدة حسب ما هو وارد في هذه التوصيات.
تقرير ام فضيحه
لم يكن تقرير سوى فضيحه للمسئولين فاثبت بسيوني بان فصل العمال جاء بتوجيهات مباشره من مسئولين في الحكومه لقطع ارزاق الناس مع علمهم وقناعتهم بان فصلهم من العمل يعتبر عربده وفساد في حياة ومقدرات العمال ومع ذلك تم الفصل والان بدم بارد يقراءون التقرير
ويضحكون لانهم اغتصبوا عذريه الوطن .
نواب المجلس وآخر الزمان..
يناقشون اعضاء مجلس النواب المشاكل الفرعية ولا يناقشون المشاكل الاصلية في مملكتنا الغالية يناقشون : غزارة الامطار والمسرحين والدعارة وغيرها وتركوا المشاكل الأصلية وهي حكومة منتخبة ومجلس كامل الصلاحيات ودوائر انتخابية عادلة وانتهاك حقوق الانسان الجسيم الذي انتهكته الحكومة في تلك الاشهر الغابرة....وهذا ما ذكره لهم تقرير اللجنة الملكية لتقصي الحقائق لجنة بسيوني.. لماذا لا يناقشون الاعضاء هذا ؟ لأن المجلس صوري وشكلي.
شكراً لكي معلمتي على هذا المقال الرائع
من أهالي سترة والمعامير والنويدرات والعكر
المفصولون عن العمل .. انتهاك جسيم لحقوق الانسان
كفوا عن المطالبة بإرجاعكم.. قطعتم قلبي يا من معدتهم خاوية ونفسهم منكسرة وعينهم تفيض بالدموع المنهمرة من أجل عيالكم.. فوالله أنتم بعين الله سبحانه وتعالى.. وسيمن عليكم بالخير والأمان لأنكم المستضعفون في هذه الجزيرة.. طالبوا بحقوقكم لا أن تطالبوا بالذل والهوان و كونوا أحراراً في دنياكم وطالبوا بالعزة والكرامة.. فمطالبتكم بإرجاعكم شرط ومشروط بالتعويض الكامل وإذا لم تطالبوا بهذا الشرط فالذل والهوان ينتظركم في أعمالكم فبقائكم مفصولون أفضل بكثير..
أي حل لا ينصف المظلوم ويحاسب الظالم فهو منقوص
أي حل لا ينصف المظلوم ويحاسب الظالم فهو منقوص ولا يخدم الوطن والمواطن
شكرا جزيلا
" إلا إنه لم يشر إلى متورطين بالانتهاكات، ما يجعل الباب مفتوحاً للإفلات من العقاب " ....
ما أجملها من عبارة في هذا المقال الرائع
فلسفة الفقه
العاصفه التى تنزع الجذور من بعد اتمام الحجه لا تضع فى موقع الأكراه .
شكرا لكم2
لقد أسمعت لو ناديت حيا - ولكن لا حياة لمن تنادي.