العدد 3372 - الأربعاء 30 نوفمبر 2011م الموافق 05 محرم 1433هـ

بعد انقضاء عمل بسيوني ورفع توصياته... ما العمل؟

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل الولوج في التوصيات المهمة، نعترف بأنه لا مجال للريبة، أن عمل لجنة تحقيق بسيوني على مدى 5 أشهر عمل مضن ومفيد للبحرين، كان خلالها البروفيسور بسيوني يجول في بحور من الحزن عاتية الأمواج، وطرق ملغمة غير معبدة تحتاج لعابر (قاض) متمرس في تفادي التأثيرات العاطفية والمداهنة والرشا.

حاول السيد محمود شريف بسيوني كشف اللثام عن أمور في غاية الخطورة في بلد كان يسوده الأمان ومحبة بين الناس قل نظيرها، منها انتقامية كالتي تحدث في السجون من أشكال تعذيب للمحتجزين بشكل مفرط سواء بدني أو نفسي أو عقائدي، والعقاب الجماعي في كثير من المناطق (بؤر التوتر)، وكشف عن عمليات قبض على المتظاهرين وغير المتظاهرين خارج إطار القانون- من غير إذن ضبط قضائي - مما آل الى تدهور الحالة الأمنية في كثير من المناطق، وإخفاقات جسيمة في مجال حقوق الإنسان.

توصل رئيس اللجنة بسيوني الى أنه كان هناك، استخدام القوة المفرطة من قبل رجال الأمن في التصدي للمحتجين ومنعهم من التظاهر الذي كفله الدستور والميثاق، ما أدى الى موت المدنيين، وكذلك أفصح عن سخط شعبي عارم نتيجة استخدام القوة.

في نهاية كلمته واستخلاص اللجنة، وضع كثيرا من التوصيات نستخلص منها أهمها وهي كالتالي، إعطاء الحق لأهالي الضحايا وتعويض المعذبين، إرجاع الطلبة المفصولين الى كراسي الدراسة، وضع برنامج يطبق بشكل قوي لاستيعاب أفراد من جميع الطوائف في قوى الأمن، تدريب وتثقيف جهاز الأمن والقضاء والنيابة العامة على ضرورة ان يكون عملهم المساهمة في منع التعذيب وسوء المعاملة للمتظاهرين والمحتجزين واستئصال هذا السلوك من عمل الشرطة، وطالب بتعديل المرسوم الخاص بتأسيس جهاز الأمن الوطني حيث يكون عمله استخباراتيا وجمع المعلومات دون تنفيذ القانون أو التوقيف، واتخاذ إجراءات تشريعية للحيلولة دون التحريض على العنف والكراهية والطائفية التي تؤول الى خرق حقوق الإنسان المكفولة دوليا، وإدخال برامج تربوية في التعليم لتشجيع التسامح الديني والسياسي، وتشكيل لجنة محايدة من الحكومة والجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني لمتابعة تطبيق توصيات اللجنة.

نحن هنا لسنا بصدد وضع تقييم نتائج تحقيق بسيوني ونسبة نجاحه، إلا أن هناك طبعا قضايا لم يتم التطرق إليها.

بعد هذه المقدمة المستقاة من خلاصة واستنتاج وملاحظات توصيات لجنة التحقيق، لنرجع لصلب الموضوع الذي يهدف الى السير على الطريق الصحيح في السؤال الحتمي... ماذا بعد؟ ما العمل؟

دعونا نبدأ بداية صحيحة، ووضع الحلول التي تصب في مصلحة بلدنا والتي تخدم شعبنا بجناحيه، بعيدا عن أي تأثيرات داخلية تدعو الى التشدد وتزيد من الاحتقان، أو خارجية إقليمية كانت أم دولية، وعدم الإصغاء الى أي نصائح لا تؤدي الى الاستقرار فمصلحة البلد هي الأهم في هذا الظرف الحرج.

باعتقادي المتواضع، كما هو رأي كثير من المحللين والقوى الوطنية والجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، وكذلك الشعب، بأن من أهم ما يهدئ احتقان الشارع، وينزع فتيل الأزمة هو إرجاع المفصولين الى أعمالهم وإطلاق سراح جميع المعتقلين كمبادرة حسن نية للإصلاح والتسامح. بالمقابل نطالب المعارضة بهدنة تمتد الى أسبوعين، ولاسيما ونحن في موسم محرم كمبادرة إيجابية لتهدئة النفوس وترجيح العقل والجلوس على طاولة المفاوضات، ونحن إذ نطرح هذا الاقتراح لعلمنا ويقيننا بأن المعارضة ستكون يدها ممدودة وقلبها مفتوح إذا ما رأت تطبيق توصيات بسيوني على الأرض.

بعد هذه الإجراءات الأولية، ننطلق نحو وضع خريطة طريق كوثيقة للتحاور في الإشكالية الدستورية، لأن كما هو معروف بأن مشكلة البلد نشأت من أزمة دستورية معروفة للجميع، والتي عرج عليها البروفيسور في تقريره، وتتحدث عنها المعارضة في كثير من بياناتها.

إضافة الى ذلك، ندعو الدولة، إلى تحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع الحقائب الوزارية، والمناصب العليا في الدولة، كالوكلاء والمديرين وغيرها من الوظائف التنفيذية، من أجل ألا يشعر المواطن بالغبن عندما تقتصر هذه الوظائف على مجموعة معينة وتحرم أخرى.

نقول ذلك بكل صراحة وشجاعة، وصدق وأمانة بأن سياسة الحكومة في هذا الموضوع له آثار سلبية على استقرار الوطن. هذه السياسة التفضيلية كانت سببا في تهييج الاستقرار وكانت كالنار يكسوها الركام ويغطيها، لذا فكلما تغاضينا عن هذه السياسات السلبية ستنفجر المشكلة تباعا إذا لم نعالجها من جذورها، أو نستأصلها من ثقافتنا السياسية، التي حتما تعقد المسار وتزيد من نسب الحفر في الطريق غير المعبد أصلا.

كذلك يجب تطبيق العدل والمساواة على الجميع وعدم التدخل في شئون القضاء، إذ يجب استقلال القضاء نهائيا فيما يعرف بالفصل بين السلطات من أجل تحقيق ما نصبو إليه من مصالحة وطنية.

أيضا وقف التداول الطائفي في الإعلام المرئي والمسموع والمقروء وملاحقة كل من يتعرض أو يسيء الى الطائفة الأخرى قانونيا، أي تجريم كل من يتعرض لمعتقدات الآخر أو الشخوص سواء بالقذف أو السب أو الازدراء.

قبل الختام، نريد أن نوصل رسالة - استقيناها من المواطنين البسطاء - واستخلصناها من آرائهم مفادها، أن الناس تريد أن تلتمس أمورا مطبقة على أرض الواقع حتى تأتمن على حياتها وحقوقها المدنية والسياسية.

يا إخواني... ويا من يهمه الأمر... المعارضة في هذا الظرف ليست كالسابق (زمن الربيع العربي)، فهي واعية، ولديها المؤشر الحقيقي للإصلاح. لهذا وضعت ثرموترها لتقيس درجة الإصلاح المطبقة من توصيات بسيوني المذكورة أعلاه.

ما تناوله عاهل البلاد في كلمته السامية بعد تقرير بسيوني، أنه يريد تطبيق ما جاء من توصيات، لذا طالب الحكومة بأن تتابع كل توصيات اللجنة والعمل على حلها بشكل كامل، وذلك عندما أمر جلالته بتشكيل لجنة حكومية عاجلة، لمتابعة التوصيات.

بهذا قد وضع جلالة الملك الحكومة على المحك للوصول الى من تسبب في تعذيب المواطنين، وكذلك محاسبة المسئولين المقصرين في عملهم.

ختاماً، نتمنى من كل أعماقنا أن توضع خطة مرسومة بمقاييس دقيقة أساسها العدل والمساواة، لتنقل البحرين من هذه المرحلة المظلمة الى مرحلة النور والهداية، الى مرحلة أكثر إيجابية لنغلق طريق الظلم والظلام واليأس ونفتح طريق الأمل، لنبحر به في مركب واحد يعمه الخير وتتحقق أماني الجميع

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 3372 - الأربعاء 30 نوفمبر 2011م الموافق 05 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 19 | 8:28 م

      ستراوي

      أرى الكثير من الاحباط في التعليقات ..
      شعب البحرين ، صمود

    • زائر 18 | 2:59 م

      الجواب كما قاله منصور الجمري رئيس التحرير الموقر

      من لجنة إلى لجنة إلى لا شيئ!!

    • زائر 16 | 10:18 ص

      بحريني مقهور حده .

      العمل بسيط يا أستاذ .
      نشكل لجنة لدراسة التقرير و من ثم تتم رفع الدراسة إلى لجان أخرى لالتدقيق فيما كتب .
      و من ثم نشكل لجنة اخرى لتصحيح بعض الأمور , وهكذا من لجنة إلى لجنة , و من دراسة إلى دراسة , حتى ينسى الجميع ما جاء في الدراسات .

    • زائر 14 | 3:19 ص

      شكرا دكتور

      الله يكثر من أمثالكم يا أشراف البلد، كبير يا دكتور وانشاء الله دوما مع الحق.

      ستراوي

    • زائر 13 | 2:49 ص

      الهدايه من الله

      صح الله لسانك يا استاذ التريب وليس التفريق كما الكتاب الذينه ينخرون ويعمقون الى التفرقه وهم معروفون في جرائد البحرين الاخرى والتلفان الرسمي وما نقول الا الله يحميك ويحميناء على هذه الارض الطيبه

    • زائر 12 | 2:27 ص

      ما هو الهدف الرئيسي من لجنة بسيوني ؟؟؟

      نتمنى أن نحصل على الاجابة الصحيحة ؟؟
      أنتهى التقصي وظهر التقرير ولم يرى أي شئ النور ؟؟
      وكأنما اهداف بسيوني تحققت مائة في المائة.
      فما هي هذه الاهداف التي تحققت ؟؟
      نتمنى أن يجيبنا السيد بسيوني ؟؟
      أو من يعرف الاجابة؟

    • زائر 10 | 2:17 ص

      سلام

      ...

      اول مره اعلق على مقالاتك وادري انك ما بتنشر ولكن فلنبدء بانفسنا قبل ان نطالب الاخرين بطلب العفو منا ....

      المعارضه مشكلتها انها ليست وطنيه بل مذهبيه بحته وهذا الي شرخ الربيع الحراني.... ....

    • زائر 9 | 1:31 ص

      أستاذ كلامك مو مسموع

      انتوا مو كتاب صحف صفراء أو كتاب البلاط ليتخذ رأيكم في حل المشاكل.
      بس أكيد تذكرون كتاب البلاط كيف تم أخذ ارائهم في خلق مشكل البلد.

    • زائر 8 | 1:28 ص

      الى زائر 5

      يا خوك لو لا المعارضة ومطالبتها بالسلمية لكان ردة فعل الناس اقوى في الدفاع عن النفس والقتل، وانت تقول عكس ذلك. تغرد خارج السرب!!

    • زائر 7 | 12:55 ص

      كلها اخطاء الحكومة والمعارضة

      ما نشوف الا لوم علي الحكومة وأنا لست مع الحكومة لاكن الحق يقال البادي في كل مشاكل البحرين المعارضة الغير رشيدة وأتباع العوام لها زجهم في القتل او السجن او الأضراب عن العمل ثم الفصل ثم التباكي

    • زائر 6 | 12:43 ص

      هل هذا المهم في التقرير فقط؟

      من سيحاسب الحركة الطائفية التي ذكرها بسيوني....ومن المسؤل عنها...هناك نقاط عديدة في التقرير يطالب بها الطرف الثاني من سيطبقها..ولماذا تكلمت في مضمون طائفي فقط؟

    • زائر 4 | 11:26 م

      من «لجنة» إلى «لجنة» إلى «لا شيء»

      بعد انقضاء عمل بسيوني ورفع توصياته... ما العمل؟


      الجواب في عنوان مقال سابق في جريدتكم الغراء.. من «لجنة» إلى «لجنة» إلى «لا شيء»

    • زائر 3 | 11:05 م

      تنفخ في قربة مبطوطة

      تنفخ في قربة مبطوطة
      بس كلام

    • زائر 2 | 10:48 م

      استاذي ما ذهب السيد بسيوني احلام

      ماذهب اليه السيد بسيوني هو مشروع صياغه اسس لدوله عصريه مثاليه يمكن ان تكون نموذج يحتذى به في المنطقه البحرين لها خصوصيه غير باقي الدول العربيه . اولا مواطني البحرين الاصليين المحصوره اعمارهم بين 6 الى 55 سنه نسبه 99.9% يستطيعون القراءه وهذه الشريحه العمريه تمثل حوالي 87% من عدد المواطنين الكلي فتقريبا الكل يستطيع قراءه الدساتير والقوانين الدوليه ويعرف ماعليه وما اليه من حقوق فلو طبقت توصيات اللجنه لخرجنا بدوله القانون والمؤسسات التي يتكلمون عنها وليس فقط حبر على ورق

اقرأ ايضاً