العدد 3372 - الأربعاء 30 نوفمبر 2011م الموافق 05 محرم 1433هـ

مهمة صعبة تنتظر حزب العدالة والتنمية المغربي

بعد فوزه في الانتخابات

يتيح فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المغربية لهذا الحزب الإسلامي الفرصة لمعالجة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية لكنه لن يستطيع إحداث التغيير دون دعم من النظام الملكي الذي ما زال يسيطر على السلطة بالكامل.

وعين الملك محمد السادس الثلثاء، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبدالإله بن كيران رئيساً للوزراء بعد فوز الحزب بسبعة وعشرين في المئة من مقاعد البرلمان وهي أكبر حصة. وجاء أداء الحزب القوي -بعد أن ظل في المعارضة لسنوات- على صهوة مجموعة من الوعود التي قدمها بتعزيز الديمقراطية والحد من الفساد والتعامل مع مشكلة الفجوة بين الطبقات من خلال زيادة الحد الأدنى للأجور علاوة على إجراءات أخرى.

ويقول محللون إن المملكة تأمل أن يؤدي تعيين وجوه جديدة في مناصب حكومية رفيعة وظهور بعض ملامح التغيير إلى تخفيف الضغط من أجل تحول أكثر ثورية يستلهم الانتفاضات التي تجتاح العالم العربي. لكن هذا لا يعني أن هذا الحزب الإسلامي المعتدل سيواجه مهمة سهلة حين يحتاج إلى تحويل الأقوال إلى أفعال من خلال تشريعات فعلية.

وقال الباحث في مركز كارنيجي للشرق الأوسط، الحسن عاشي «حزب العدالة والتنمية اكتسب معظم جاذبيته من أنه لم يختبر من قبل. غير أن هناك تحدياً يتمثل فيما إذا كانت حكومته الجديدة ستتمتع بكافة الصلاحيات ولن تنتظر التعليمات (من القصر)». وكان الحزب قد ذكر أنه يريد تشكيل ائتلاف مع (الكتلة) التي تضم ثلاثة أحزاب علمانية كونت عصب الحكومة المنتهية ولايتها. ويلقى حزب العدالة والتنمية قبولاً في المغرب بين مجموعة كبيرة من الناخبين المحافظين ويعرف عن نوابه أنهم الأنشط في برلمان يتسم بنسب غياب عالية. ويتمسك الحزب بمبدأ إحداث التغيير من داخل مؤسسات الدولة لهذا تجاهل المحتجين الذين طالبوا بتقليص صلاحيات الملك المباشرة والقضاء على الفساد. ويعترف حزب العدالة والتنمية بإمارة المؤمنين واستحقاق الملك للقب أمير المؤمنين وهو ما يعرف لدى عامة المغاربة بولاية الله في أرضه وهو الوضع الذي يسمح للملك بالتمتع بصلاحيات كاسحة في الجيش والشئون الأمنية والدينية. ومن شأن التعديلات الدستورية التي تمت الموافقة عليها في استفتاء جرى في يوليو/ تموز أن تؤدي إلى تنازل الملك عن بعض الصلاحيات للمسئولين المنتخبين مع الاحتفاظ بالكلمة الفاصلة في القرارات الاستراتيجية.

وقال مصطفى الخلفي وهو من كبار منظري حزب العدالة والتنمية إن الإصلاحات ستحدث فرقاً لكن توازن القوى بين النظام الملكي والحكومة ليس مثالياً بعد. وأضاف أن الإصلاحات توفر للحكومة ظروف عمل أفضل مما سبق وقال إنها ستحاسب الآن عن مسئوليات محددة. وتابع قائلاً إن تفاصيل القوانين التي سيصوغها البرلمان لتطبيق الدستور الجديد ستقابل الكثير من الصعوبات. وقال إن التحدي الرئيسي يكمن في ضمان أن تسود الإدارة الديمقراطية للشئون العامة على الأسلوب الشمولي، مشيراً إلى أنه يتوقع مناورات تسعى إلى تعطيل هذه العملية وذلك في إشارة إلى تحركات محتملة من جانب أحزاب المعارضة المدعومة من القصر.

وقالت المحاضرة المتخصصة في شئون الشرق الأوسط بجامعة أكستر في بريطانيا، ليز ستورم إن حزب العدالة والتنمية لن يستطيع أن يفعل الكثير ليتحدى الملكية بشكل مباشر. وأضافت «حزب العدالة والتنمية لن يستطيع أن يحدث أي تغيير. لم يفعل فيما مضى. هناك أيضاً أحزاب معه في الائتلاف لا ترغب في أي تغيير. سيحاول حزب العدالة والتنمية الحصول على أقصى ما يمكنه دون إثارة جدل. زعماء حزب العدالة والتنمية أكثر خبرة واحترافية (من بقية الأحزاب). لكن الأوضاع لن تتغير كثيراً. ستكون شراكة. سيضطر إلى العمل مع الملكية وشركائه في الائتلاف».

ربما تفادى المغرب الاضطرابات التي تجتاح العالم العربي في الوقت الجاري. لكن محللين يقولون إن بذور الاضطراب موجودة. وتبلغ نسبة البطالة بين الشبان 31 في المئة ويعيش نحو ربع السكان البالغ عددهم 33 مليوناً في فقر مدقع حتى الحصول على المرافق الأساسية غير متكافئ. كل هذه المشكلات قد تصل بالمملكة إلى درجة الغليان إذا لم ينجح حزب العدالة والتنمية في تمرير الإصلاحات التي وعد بها دون الاصطدام بالبرلمان والملكية. وقال عاشي من مركز كارنيجي «التحديات كبيرة جداً بحيث سيكون حزب العدالة والتنمية أكثر عرضة للخطر من ذي قبل لأنه يقود الحكومة الآن». وأضاف «الناس متشوقون لرؤية النتائج. سيمهلون الحكومة الجديدة ما بين ثلاثة وأربعة أشهر على الأرجح.

العدد 3372 - الأربعاء 30 نوفمبر 2011م الموافق 05 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً