عكست النتائج الأخيرة التي حققها منتخبنا الأولمبي لكرة القدم حجم الفروق الشاسعة التي أمست تفرق بين منتخباتنا العمرية والمنافسين، إذا ما رأينا أن المنتخب شارك في بطولات ونافس فيها على المراكز الأخيرة، وهذا ما يحدث بشكل آخر في مشاركته في التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى أولمبياد لندن.

لعل النقطة الأبرز في خروج المنتخب بهذا المستوى، وهو ما يتحدث عنه المحللون والمعلقون، من اعتماد المنتخب اللعب الدفاعي تقريبا كسلاح للخروج بنقاط المباريات والتأهل عبرها إلى الدور التالي، وهذا ما شاهدناه تماما، مع خلو مباريات المنتخب من هجمات صريحة تماما إلا ما ندر على مرمى المنتخبات الخصم، إذا ما استثنينا الدقائق الخمس عشرة الأخيرة من لقاء ماليزيا، لذلك كان الوضع غريبا بعض الشيء.

لقد أصبحت المنتخبات العمرية تعتمد وبشكل كبير على اللعب الدفاعي البحت الذي يجلب نقطة واحدة على أقل التقادير بدلا من خطف النقاط الثلاث كاملة، والتي لا تتأتى إلا بالاعتماد على الهجوم، فخير وسيلة للدفاع الهجوم كما هو معروف، ليبقى تأثير هذه الطرق على المنتخبات ومشاركاتها المتعددة في مختلف الاستحقاقات، فقد أصبح الأسلوب الدفاعي السمة البارزة التي تلصق بجل منتخبات القدم لدينا في مختلف البطولات، وأتذكر حين كانت جميع الجماهير تسعد حين يسجل المنتخب الأول أي هدف في بطولات الخليج مثلا، لماذا، لان تحقيق المنتخبات الأخرى لهدف في مرمانا يصبح حينها صعبا، في المقابل فإن تسجيل أحدها في مرمانا يضع الجماهير في حالة بؤس، لصعوبة تسجيل منتخبنا هدف التعادل مع عدم إدراك لاعبينا الأسلوب الهجومي.

لقد أمست الأجهزة الفنية المختلفة المتعاقبة على المنتخبات الوطنية تأتي فقط لتدريسنا الطرق الدفاعية فقط، ونسيان الأمور الهجومية، الأمر الذي ينعكس سلبا من دون شك على تعاقب هذه المنتخبات، وليمسي ذلك واضحا لدى المنتخب الأولمبي مع عدم تسجيله لأي هدف قبل الدقائق المجنونة لمباراة ماليزيا، التي لو لم يثق لاعبوها في انتهاء المباراة قبل نهايتها، لكن للنتيجة كلمة أخرى. الأمر الذي سيؤثر سلبا على عطاء هؤلاء اللاعبين حال وصولهم للمنتخب الأول، وما الحديث المتواصل عن القدرة التهديفية لفريق ريال مدريد وما تفعله بالفرق المختلفة، إلا دليل واضح على أهمية الدور الهجومي لأي فريق، وبالتالي التوازن في اللعب يكون السبيل الوحيد للمنافسة على الألقاب، وليس التركيز فقط على الدفاع.

نتذكر في مباراة اليابان الأخيرة التي لعبت في البحرين، كان معلق القناة الرياضية على رغم أخطائه الكثيرة في التعليق، يردد مرارا وتكررا بأنه يجب على منتخبنا ولاعبينا المبادرة بالهجوم، لأنه لن يحقق الفوز إلا الهجوم، وانتهت المباراة تقريبا من دون فرصة حقيقية لمنتخبنا على المرمى الياباني الذي فاز في النهاية بهدفين نظيفين.

أصبح لاعبو الفئات السنية وفقا لهذه الرؤية (الدفاع فقط ) لا يعرفون شيئا عن الهجوم، فعلى رغم وجود المهارات الفردية لدى بعضهم، والتي أثبتتها الدقائق الأخيرة لمباراة ماليزيا، إلا أن الخطط التكتيكية التي يجلبها المدربون تنسي هؤلاء قدراتهم التهديفية التي تتواجد في المنافسات المحلية، الأمر الذي يؤثر على هذا اللاعب الصغير حين يتأهب لخوض دوره في المنتخب الأول، بمعنى أن هذا اللاعب سيفقد ثقته القادرة على التسجيل، وحينها يكون ضعيفا في مواجهة مدافعي المنتخبات الأخرى، لأنه كان منذ المنتخب الأصغر يلعب للدفاع فقط، هنا كان لزاما على مدربي المنتخبات العمرية التركيز على هذه النقطة، وتعويد اللاعب منذ تواجده في المنتخبات الصغيرة على إحداث التوازن في لعبه، لأنه سيفتقدها حين يكبر، وبث هذه الثقة فيه من الآن، وخصوصا أن هذه البطولات جاءت لصقل الموهبة