تراهم نساءً ورجالاً، شباباً وكهولاً وأطفالاً، على اختلاف أعمارهم وثقافاتهم ومستواهم التعليمي، يتزاحمون ويعملون كخلية نحل بجد ونشاط من دون كلل ولا ملل. تجدهم في المضايف، ومطابخ المآتم، وفي أعمال التنظيف، وفي تسهيل سير المواكب والطرق المؤدية للتعزية. تسألهم من أنتم؟ فيجيبوك بكل فخر: نحن خدّام الحسين. وشعارهم «غير الحسين ما عندنا وسيلة».
ظاهرة استوقفتني كثيراً، تتكرّر كل عام وتزداد، هل هي نابعة من حب الإمام الحسين (ع) والتي جعلت المحب يقوم بأي عمل يعلن فيه ولاءه ويعبر عن حبه، أم هي ثقافة ولّدتها الثورة الحسينية بإيجابية نحو العمل الاجتماعي التطوعي الخدماتي؟
ما يحيّر بالفعل أنها فاقت العادة، لأنها لم تنقطع ولم تتبدل ولا يخجل منها، بل من يدخل فيها لا يودّ الخروج منها، بل يحارب إن أخذ مكانه أحد. وفي بعض الأماكن تأخذ طابع التوارث، فيحيّرك سرّ تمسكهم بالعمل وإصرارهم عليه من دون مكسب آني، فمن يصبر على عمل الشاي طيلة عشرين سنة باختلاف الأجواء، من السابعة صباحاً إلى منتصف الليل؟
خدمة الناس ومساعدتهم عملٌ إنسانيٌ يدل على العطاء والبذل وعظم النفس وتواضعها للآخرين بمحبةٍ وصدق. خدمة الناس إذا كانت استجابة للطلب فهي حسنةٌ ومجلبةٌ للرحمة، فمن يطرق بابك محتاجاً إلى معاونتك فقد ساق رحمة الله تعالى إليك، فكيف إذا كانت من دون أن يطلب منك.
العمل في خدمة الناس فضيلة أكدها الإسلام في أكثر من موقف ومناسبة، فقد جاء في الحديث القدسي، قال عز وجل: «الخلق عيالي، فأحبهم إلي ألطفهم بهم، وأسعاهم في حوائجهم». وقال رسول الله (ص): «أيّما مسلمٍ خدم قوماً من المسلمين إلا أعطاه الله مثل عددهم خداماً في الجنة». وقال الإمام الحسين (ع): «تنافسوا في المعروف لإخوانكم وكونوا من أهله، فإن للجنة باباً يقال له المعروف لا يدخله إلا من اصطنع المعروف في الحياة الدنيا».
وتتعدد الطرق والوسائل التي من خلالها يتقدّم بها الناس لخدمةٍ تصب في انتشار وتعميم قضية الخدمة الحسينية ومحاولة تجذيرها وتأصيلها في النفوس وجعلها متوارثة في العائلة والعشيرة والمدينة، ومن ثم تنطلق كتجربةٍ ناجحةٍ للعالم. صناعة الطعام إحدى هذه الخدمات التي يجد فيها البعض نفسه في خدمة الآخرين أيام العشرة الأولى من محرم، تشير إحداهن وقد امتهنت طهي الطعام: «حين تدعوني جاراتي لإعداد وجبة لمجلس العزاء فإني لا أتوانى عن ذلك، وأفرغ نفسي وأسرع للتلبية لأنها تلبية لسيد الشهداء، فخدمة الحسين لها طعمٌ خاصٌ يترك في القلب مذاق الراحة البرزخية العجيبة، وتضفي سروراً وأنساً، وأوصي من يرغب بقسطٍ من السعادة وخصوصاً أصحاب الهموم والمبتلين بالاكتئاب، أن يخوضوا سلك الخدمة الحسينية بكل أشكالها، ففيها الدواء والخلاص حين لا يشوبها غير الإخلاص والعمل الخالص للتقرب لله وأهل بيت النبوة». كما أن سقاية الماء إحدى الظواهر المشهودة في هذه الموسم، إذ ارتبط هذا العمل بإحدى مآسي تلك الواقعة، واقترنت بأبي الفضل العباس ساقي عطاشى كربلاء.
سئل أحد خدّام الحسين (ع) القدماء ما الذي جعلك في هذا الموقع، فقال: «هناك عدة عوامل جعلتني أنذر نفسي للخدمة الحسينية، وقد تكون في مقدمتها التربية العائلية، ثم الحب والولاء المكنون في قلوبنا لأهل البيت (ع)، ثم يأتي عامل الشخصيات الحسينية القديمة والجو العام في المدينة، فحب الإمام الحسين (ع) جوهرةٌ كبيرةٌ في قلوبنا وقلوب من كرّسوا حياتهم لإحياء ذكر الإمام الشهيد، فالجميع هنا يعمل على قدم وساق، ليل نهار، فالكثير من الأسماء في عالم الخدمة الحسينية خلدها التأريخ وبقيت في ذاكرة الناس إلى اليوم، وأعمالهم مازالت موجودة ومذكورة».
هم كذلك... وسيبقون في خدمة الناس والالتحام بهم كشعلةٍ مميزةٍ من نواتج متعدّدة تشع نوراً من نبراس ثورة الحسين (ع)
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 3371 - الثلثاء 29 نوفمبر 2011م الموافق 04 محرم 1433هـ
سلام على التربة الطاهره
كربلا قد أرضعتنا الباقيات الصالحات
وتقي عن تقي جددوا فينا الثبـــــــــات
في دمانا في حشانا أنت رمز للأبـــاة
السلام عليك يا ابا عبدالله الحسين
عظم الله اجورنا واجوركم بمصاب الحسين جعلنا الله من زواره في الدنيا ولا حرمنا شفاعته في الاخرة ...
الفخر كل الفخر بخدمة الحسين (ع)
شكراً لك استاذة رملة على مقالك المميز اليوم
مقال رائع...
فعلاً لنا الفخر أن نكون خدام الحسين(ع) كنا نتسابق في عمل أي شي في المآتم ونزعل إذا أحد أخذ الشغل عنا لذه مابعدها لذه...
شكراً أستاذتي رملة
بحق الحسن
يا الله بحق الحسين و اولاد الحسين و اصحاب الحسين أن يهدى من لا هداية له و ان يستقيم امورنا .
خدمة الحسين تغسل الهموم
اقتبس هذه الكلمات من مقالك
(( وأوصي من يرغب بقسطٍ من السعادة وخصوصاً أصحاب الهموم والمبتلين بالاكتئاب، أن يخوضوا سلك الخدمة الحسينية بكل أشكالها، ففيها الدواء والخلاص حين لا يشوبها غير الإخلاص والعمل الخالص للتقرب لله وأهل بيت النبوة))
فعلاً خدمة الامام الحسين ومآتم الامام الحسين تضفي في النفس راحة وتخلصك من كل هموم الدنيا وتقربك الى الله والى الناس فتخرج من قوقعتك الى مجتمع المآتم المليء بمحبي الامام الحسين.
شكراً على هذا المقال الرائع
سلام على أبي الأحرار
(كربلا فيك حسين هز عرش الظالمين)
(بدم زاك سيبقى خالدا في الخافقين)
(وبأبطال إلى الحرب تداعوا معلنيــــــن)
ألف نعم بحسين ... ألف نعم بحسين)
سلام على التربة الطاهره
(كربلا قد أرضعتنا الطيبات الصالحات)
(وتقي عن تقي جددوا فينا الثبــات)
سلام على التربة الطاهره
(كربلا منا سيبنى لك جيل بعد جيـــل)
(وسيعلوا الصوت بالآهات عنك والعويل)
(نحن لا نركع لا نسجــــــــد إلا للجليل)