قالت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق برئاسة البروفيسور محمود بسيوني رأيها في صحيفة «الوسط».
لا دليل على تورط الصحيفة في التحريض على العنف، ولا أي سوء قصْد في نشرها أخباراً كاذبة. هذه النتيجة لم تكن لتضيف شيئًا لمن هو مقتنع أصلاً بـ «الوسط» رأيًا وخبرًا وتحليلاً، لكنها ستضيف إلى البعض ممن زاحمت قناعاته موجات التشويه والتسقيط العَمْدي، في لحظة زمنية موبوءة، رقصَت على جروحها أرجلٌ، لأسباب غير مفهومة، ولا تستقيم لا مع العقل ولا مع منطق الأشياء ولا مع الضمير مع شديد الأسف.
من دون شك؛ فإن الفترة السابقة كانت عصيبة، لكن «الوسط» قاومت الضغوط، وكابدت في معركة مفتوحة لا تحدّها جهة، ولا يستر حِرابها شيء. وبميزان معارك الأقدمين، فإن «الوسط» أثبتت خلال الفترة الماضية، أنها تعادل ألف فارس. ربما كانت مقدرتها في ذلك، نابعة من وظيفتها فقط وليس لشيء آخر. فوظيفة «الوسط» ليست وظيفة «صفراوية» ولا هي «آلة في جوقة» وإنما هي كامنة في إيمانها، بأن الأفكار العليا لابد لها من لغة عليا مثلما كان يقول المؤرخ اليوناني القديم أريستوفان، وهكذا فعلت بحق، من خلال خطابها الوسطي والعقلاني.
مَنْ يُمسك بقرطاس «الوسط» صباح كلّ يوم، فإنه يتوقع شيئًا جديدًا، إن لم يكن على مستوى الأخبار فعلى مستوى الرأي أو الربط، أو التحليل المتماسك. فصفحات «الوسط» ليست مساحة للعلاقات العامة، ولا للقذف والتشهير بالناس، ولا هي من أجل أطراف على حساب آخرين، بل هي من أجل الحقيقة، التي لا تنفعها نمطية الاعتقاد السياسي الأعمى، وارتباطه التام بقيم القوة المادية الصرفة. فالاعتقادات الراسخة، هي أعداء الحقيقة، وهي أكثر خطرًا من الأكاذيب، كما قال الفيلسوف الألماني فريدريش نيتشه.
أكثر ما كان يُمايز «الوسط» عن غيرها هو التمايز ذاته. فهي ليست نسخة مُكررة من الأخبار والتحليلات والرؤى، بل هي صيغة جديدة منها. هي أكثر قدرة على قراءة ما وراء الخبر، طمعاً في إعطاء أفهام أخرى، لها قيمة مختلفة. بل إن كثيرًا من أخبارها تستتبعه أخبارٌ أخرى لاحقة، تزيد عليه تأكيدًا أو إضافة، أو حتى تفريعاً لأخبار جديدة، قد تكون أهم من المصدر الأساس. تكرر هذا الأمر حتى أصبح سمة دائمة لـ «الوسط» وهو ما تشهد عليه مسيرتها.
سأقول لكم شيئًا أعايشه بشكل شخصي، وله ارتباط بما أقوله عن «الوسط». فخلال مشواري بالكتابة فيها، لحظت مدى ارتباط عنوانها ومعنونها بالكثير من المناشط الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وكأنها إحدى ملامح تلكم القطاعات. فعندما تكتب، فلا يعني أن ساعات اليوم قادرة على أن تطوي صفحة ما كتَبت، لتترقب أخرى في اليوم التالي، بل يجب عليك أن تنتظر رجع الصدى الذي سيأتيك من عدة جهات لجردة ما كتبْت، وكأنك في مجاراة دائمة للتوضيح والرّد ورد الرّد. وربما مكمن ذلك، هو قدرتها «الوسط» على التمدد الأفقي على صعد مختلفة، وبالمقدار ذاته الذي يحدثه تأثيرها عموديّاً. هذه الأمور، منحت «الوسط» مزيدًا من تأكيد حضورها وانتشارها المتراكم حينًا بعد حين.
انتشار لم يقتصر على وضعيتها في الداخل كصحيفة محلية، وإنما أصبحت حاضرة على مستوى أبعد من القِطر. وما بين الجائزة الدولية لحرية الصحافة (لجنة حماية الصحافيين في نيويورك) في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 وبين جائزة الصحافة العربية (الصحافة الصحية) في 12 مايو/ أيار 2009 بدبي وغيرها من الجوائز النوعية الأخرى أصبحت «الوسط» تتمدد بشكل تصاعدي. وربما تلحظ ذلك جيدًا بالاستشهاد على ما تكتبه من أنباء وآراء، وتأثير تلك الأنباء والآراء على تشكيل رأي عام حاضر بشكل دائم، وعلى طبقة وسطى نشطة، وذات فعالية كبيرة على المستويين السياسي والثقافي.
ففي تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق وجَدْت أن اسم «الوسط» قد تكرر كمرجع في الكثير من البنود التقريرية فيه كـ البند 64، 674، 680، 693، 732، والبند 809، وهو أمرٌ غير مستغرب أبدًا، من حيث قدرة «الوسط»على التوثيق و«التحقيب»، والإفادة الواضحة عن الحوادث. وهي إحدى أهم القيم الصحافية، التي بها تمتاز وتتجوَّد عادة مواد الصحف، وتكتب سيرتها الذاتية من خلالها أمام الآلاف من صحف العالَم الورقية وغير الورقية.
في السابع من سبتمبر/ أيلول الماضي أكمَلت «الوسط» عامها التاسع. وربما جاء ذلك العيد في وقت كانت الصحيفة لاتزال في مرحلة المكابدة، لكننا اليوم، يُمكن أن نستدعي عيدها بما قالته لجنة تقصي الحقائق عنها، وتبرئتها مما قيل بحقها من تجريم. فهذه الحقيقة تبطل مشوارًا طويلاً من التشهير والتسقيط، وآن الأوان لأن يلتفت الجميع إلى عدم جدوى هذا الخطاب. فالحقائق، لا تخفيها الأصوات العالية، ولا يمحوها الدفن، مهما يكن عمقه. لذلك؛ فإن الجميع اليوم مطالبون بأن يقبلوا الحقائق حتى ولو كانت بها وخزة مؤلمة
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 3369 - الأحد 27 نوفمبر 2011م الموافق 02 محرم 1433هـ
هو كذلك
كلامك في الصميم أستاذ محمد أن ما يكتبة كتاب الوسط تسمع صدى كتابته سواء بالنقذ أو التأييد ، وما يضحكن أني أتصفح تعليقات لجريدة أخرى ولا أجد إلا (صح السانك ) بصورة مبتذلة وكأن الكاتب والسامع هم شخص واحد ، هنا تشعر بالكثير من الإستقلالية في الرأي لذا تجد الكثير من المقالات تأخذك لعوالم في الفكر والتاريخ والسياسة بصورة محترمة ، كثيراً ما أختلف معك في القليل مما تطرحه ولكن أخلاقك في الطرح يدفعني لإكمال المقال لآخر كلمة ، والعكس صحيح في صحف أخرى التي أكتفي بقراءة العنوان لأشعر بالسطحية والتقزز .
تغطية الاحداث
صديقي كان في الخارج في رحلة للعمل وكان يقرا الوسط كل صباح ثم يعاود اكمال بقيتها في المساء وكان يقول ان الوسط كانت تجعله كما لو كان في البحرين بسبب تغطيتة الوسط الواسعة للاحداث