الحكومة المدنية الحديثة ترتكز بالأساس على عدم تجاهل إرادة وحقوق الشعوب، فالالتفاف على مطالب الناس، بالاعتماد على الفرقة بين المواطنين والانقسامات، واستخدام فزاعات المؤامرات الخارجية، التي للأسف بعض رجال الدين من يروج لها سواء بقصد أو بغير عمد، بالتعاون مع الصحف الصفراء وكتاب متخصصين في نشرها، لم تعد تنطلي على الشعوب العربية المثقفة عالية التعليم.
كل هذه الألاعيب لم تجد نفعاً، ولم يعد الناس يستسيغونها، بل بالعكس تدفع إلى تأزيم البلدان وعدم استقرارها، واثبات ذلك هو ما حصل في طرابلس - فزاعة المؤامرات الخارجية لسرقة أموال وبترول ليبيا - ومصر- فزاعة الإخوان المسلمين بأسلمة البلد وكأنها بلد الكفر- وتونس - فزاعة الأمن القومي والاقتصاد - وهناك فزاعات كثيرة ومتنوعة تباع في بلدان أخرى بالمزاد العلني.
لذلك فإن الشعوب المتحضرة لن توافق ولاتقبل أن تقمع حريتها وإرادتها، بوضع العراقيل، فهي تطالب الدولة بالعدالة والانصاف، وبمشاركتها في صنع القرار، وتريد أن تعبر عن رأيها في السياسة العامة للدولة. لهذا وفي ظل الهيمنة المطلقة على مقدرات الشعوب، واخضاع الشعوب للقمع وللاذلال، فإن ذلك لن يثنيها عن المطالب المتواترة والمستمرة والمحقة، فالأساليب القمعية المستخدمة في الدول غير الديمقراطية مستهجنة من قبل المجتمع الدولي، وكذلك لا توافق مبدأ المساواة ودولة المؤسسات.
للوصول إلى أهداف الشعب، وقبل الدخول في أي مشروع مرتقب، ندعو القيادات الدينية والقوى السياسية والفكرية إلى تهيئة الأجواء، بالتعاون فيما بينها لمحو الكراهية والتعصب الطائفي من أجل التوصل إلى سلام بين الشعب والحكومة من جهة وبين الطوائف من جهة أخرى، بنشر قيم الاحترام المتبادل والتراحم بين الناس والتفاهم فيما ينفعهم، كما نناشدهم نشر ثقافة العدل والوئام بين الطوائف المتخاصمة والتصدي للتطرف تحت أي مسمى يحرف مسار الاستقرار والهـدوء وتصحيح ثقافتهم الخاطئة عن مفهوم العقيدة والدين.
من المؤشرات أن أي مشروع بعد تقرير بسيوني، لا يتماشى مع دولة القانون والمؤسسات، ولا يرقى إلى طموح ومتطلبات الشعب سوف لن يكون منصفاً، وكما ذكرنا مسبقاً؛ فإن الشعوب اليوم تود أن تعيش تحت مظلة دستور عقدي يرتكز على أن الشعب مصدر السلطات.
لذلك ندعو الدولة إلى فتح صفحة جديدة تستند إلى العدالة والمصالحة الوطنية واعطاء المواطن حقه، وعدم تفضيل مواطن على اخر، فالمطلوب تفعيل الدستور بحذافيره، لنجعل كل المواطنين سواسية أمام القانون، حتى لا ندع حجة للناس للتظاهر، وهذا بالطبع يؤدي إلى الاستقرار إن أردنا ذلك، وهذا باعتقادي هدفنا ومبتغى كل من يحب البحرين وأهلها.
أيضا التوافق مطلوب في هذه الفترة الحرجة من قبل جميع الأطراف، فإصرار كل جهة على موقفها، قد يؤدي بالبلد إلى منزلق خطير، ومن يتصلب في موقفه (الحكومة أم المعـارضة) سيرتكب خطأً تـاريخيّاً، وسيدفع بالبلد إلى نفق مظلم. فعين العقل ألا تتشدد المعارضة في موقفهـا- مع تقديرنا للشعب، وتفهمنا بأن الجرح عميق والحزن كبير ونأسف لذلك.
لهذا نتمنى أن تطرح وثيقة وسطية يقبلها الناس كوثيقة المنامة، إن أردنا أن نوقف الخطوات التصعيدية ووقف معاناة الشعب، وارجاع البحرين كما عهدناها واحة للأمن والأمان، فكلما تشددت المواقف من أي طرف، ازدادت الأزمة تعقيداً.
في نهاية الكلام، نريد مخرجاً يرتضيه الناس من خلال اعتماة رؤية سياسية كخريطة طريق للحل بشرط يقبلها الشعب برمته، كوثيقة تحتوي على تعديلات دستورية حقيقية (برلمان كامل الصلاحيات) وقضاء مستقل وتعديل الدوائر - صوت لكل مواطن- وغيرها من الخطوات الراجحة للقبول من جميع الأطراف.
هذه الفرصة التاريخية قد لا تتكرر، ويجب أن تستغل استغـلالاً جيداً للتسامح والوحدة، وبالدفع نحو المصالحة الشعبية، ان أردنا الوصول إلى بناء الدولة المدنية الحديثة التي ترتكز على المواطنة الحقة والحرية وحقوق الإنسان
إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"العدد 3368 - السبت 26 نوفمبر 2011م الموافق 30 ذي الحجة 1432هـ
اوسط حل
اوسط حل وثيقة المنامة الي الكل فاهمنها الا بعض الي ما يريدون يفهمونها ومنخشين تحت كراسيهم
شكرًا للكاتب الأمين على شعبه
لن نتنازل عن وثيقة المنامة كأدنى حل يرتضيه الشعب
ستراوي
هذا اذا كان هناك من يعترف بأن الشعب هو اصل التشريع
لم نزل نعيش في قرون خالية وكلمة الشعب مصدر السلطات كلمات تردد ولم يتعامل معها حسب معاناها
ما لم يعترف للشعب بأحقيته الكاملة سوف لن نخرج من هذا المأزق