في خطوةٍ تهدف إلى تحقيق مزيدٍ من الاندماج للفئات ذات الاحتياجات الخاصة والتعريف بمجتمعاتهم الخاصة، نظمت «جمعية الصم البحرينية» دورتين تدريبيتين في لغة الإشارة الوصفية، شاركت فيها مجموعة من المعلمات وطالبات الجامعة والموظفات ببعض الوزارات الحكومية والمؤسسات الخاصة والمستشفيات.
الدورة الأولى افتتحت في 23 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي لمدة أربعة أيام، وتلتها الدورة الثانية حيث اختتمت مساء الأربعاء 2 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري. وحضر حفل الختام عضو مجلس الشورى منيرة بن هندي، حيث ألقت كلمة ترحيبية بالحضور، وأثنت على جهود الجمعية في تنظيم دورة متكاملة اعتماداً على كوادرها الوطنية. وقالت: «لقد جئتم للتعلم، وقد تعلمتم أساسيات لغة الإشارة، وهي من الأمور التي توصي بها الاتفاقيات الدولية. وأتمنى ألا تقتصر خطواتكم في الحياة على أنفسكم فقط، بل للعمل على إسعاد الآخرين».
ووعدت بن هندي برفع توصيةٍ لمجلس الشورى بخصوص الاقتراح الذي طرحه رئيس الجمعية مهدي النعيمي بشأن اعتماد لغة الإشارة كمادة اختيارية للدراسة في جامعة البحرين. وعلى هامش تنظيم الدورة التقت «الوسط» مجموعة من المشاركين لمعرفة دوافعهم لتعلم هذه اللغة فأجابت حنين البوسطة: «بصفتي طبيبة أصادف في بعض الأحيان مرضى من الصم، ولعدم وجود لغة اتصال معهم، أقوم بالتواصل معهم عن طريق الكتابة. وتعلم لغة الإشارة تفيدني في مجال عملي، ولم أتوقع أن أتعلم كل هذه المعلومات. لدي قاموس الآن، وأمتلك الأساسيات التي تمكنني من التفاهم مع أي مريض أصم».
عائشة طاهر فتح الله اعتبرت مثل هذه الدورة حافزاً لها، بصفتها مهتمة بالعمل التطوعي من قبل، وبالتالي تتعامل مع الأرامل والأيتام. وقالت: «أعمل بالمؤسسة الخيرية الملكية، ولدينا أشخاص صم يعملون معنا، وأحببت أن أتواصل معهم، فكان ذلك حافزاً لي. الدورة ممتازة، المدربون متعاونون، وأفادونا بالمعلومات الأساسية».
شيماء الوردي، موظفة بإحدى شركات الاتصالات، قالت: «بحكم وظيفتي أتعامل مع زبائن من الصم، وأريد أن أتواصل معهم وأخدمهم، وكنت أتواصل معهم بالإشارات المحدودة التي أعرفها، وأبديت اهتمامي بتعلم اللغة بعدما أوصلني أحد الصم بالجمعية. الآن أصبحت أعرف الأساسيات، فعندما يأتي الزبون سأعرف كيف أتواصل معه».
زينب العوضي، موظفة في المطار، قالت: «عرفت من خلال صديقتي شيماء بالدورة، وكنت كثيراً ما أشاهد أعداداً من الصم في مدرسة شيخان الفارسي القريبة من بيتي، وكنت منذ زمن بعيد أتمنى أن أتواصل معهم، فجاءت هذه الفرصة فاغتنمتها».
أما خديجة جاسم، الطالبة الجامعية سنة أولى، تربية رياضية، فلديها أربع شقيقات لا يتكلمن، وقالت: «لدي خبرة من خلال الممارسة، ولكني تعلمت أشياء إضافية وعلى أسس علمية، وأنا احتاج إلى شهادة إضافية واكتساب خبرة أكثر».
زهور جاسم (أخت خديجة)، تعمل باحثة قانونية بوزارة العدل والشئون الإسلامية قالت: «عندي خبرة بحكم الممارسة، وأردت الحصول على شهادة بالمشاركة، فمثل هذه الدراسة غير متوفرة في البحرين. كما أني أردت التعرف على المصطلحات العلمية المعروفة في كل الدول، حيث يتم انتدابي أحياناً للترجمة في المحاكم».
وعند السؤال عن عدد الحالات أجابت: «حالات معدودة، 3 حالات تقريباً في السنة، ولكن في المحاكم أكثر».
حليمة عبدالعظيم درويش قالت عن سبب التحاقها بالدورة: «منذ سنوات كان الصم يلفتون انتباهي، وكنت أريد ألا يبقى بيني وبينهم أي حاجز، أحببت تعلم لغتهم. عرفت من خلال أختي بالجامعة عن الدورة، عبر موظف كفيف، وكنت أقول من المستحيل أن أتعلم شيئاً خلال أربعة أيام، أما الآن بعد هذه الدورة المكثفة، فأستطيع التواصل معهم، أفهمهم ويفهموني، وأفكّر بالانضمام للجمعية».
علي إبراهيم، موظف في شركة خاصة، تعرف على أحد الصم من خلال دورة الألعاب الخليجية الخاصة بالصم التي أقيمت قبل شهرين، وتحولت العلاقة إلى صداقة، قال: «كان ذلك حافزي للتواصل معه ومع أصدقائه، فهذه الفئة تختلف عن الناطقين ببعض الميزات. وبعدما تعلمت أساسيات اللغة سيكون تواصلي معهم أفضل في المستقبل».
المرشدة الأكاديمية بمدرسة الرفاع الغربي فاطمة العنزي تحدّثت لـ «الوسط» عن افتتاح مركز الإبداع في الفترة المقبلة، ضمن الخطة الاستراتيجية للمدرسة بالاشتراك مع مدرستين أخريين، قالت: «من أهم أهداف التعليم الحديث توظيف لغة الإشارة في أنشطة كسر الجمود والأنشطة الاستهلالية لجعل التعليم أكثر متعة، ما يؤسس لجيل أكثر انفتاحاً، ويخلق بيئة تعليمية جاذبة. وتعليم لغة الإشارة يهدف إلى تعريف تحقيق التواصل مع المجتمع وتعريفه على وجود عالم الصم».
وأضافت العنزي: «أبسط حاجة أننا لم نكن نفهم الصم عندما يتكلمون، وهذه بمثابة نقلة أدخلتنا عالماً جديداً لم نكن مدركين لأبعاده، ونطمح لدورة أخرى لمرحلة متقدمة». واختتمت بالقول: «ما أثار استغرابي أن هذه الدورة لم تكن مدعومة من أية شركات أو بنوك، على رغم ما يقال عن الشراكة المجتمعية، وهذا العمل الذي قام على جهود ذاتية للجمعية أولى الأعمال والأنشطة بالدعم».
على هامش الدورة
- دأبت الجمعية على تنظيم دورة أو أكثر سنوياً للغة الإشارة، يشارك فيها مترجمون بحرينيون أو خليجيون. وشارك في تقديم هذه الدورة ثلاثة مترجمين: روضة الجفيري وهدى المطوع، وشوقي المعتوق.
- يغلب على المشاركين الجانب النسائي، فمن مجموع ثلاثين هناك ثلاثة مشاركين مقابل 27 مشاركة من النساء.
- تتوزع وظائف المشاركين بين القطاعات التعليمية والطبية والوزارات والمؤسسات الحكومية والأهلية، وقطاع البنوك والاتصالات والمستشفيات
العدد 3367 - الجمعة 25 نوفمبر 2011م الموافق 29 ذي الحجة 1432هـ