في تطور أعطى القيادة الفلسطينية دفعة كبيرة، أصبحت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) أول منظمة عالمية تضم فلسطين بعضوية كاملة، على رغم معارضة قوية من قبل دول أعضاء متعددة.
ويشكّل ذلك أول مكافأة لجهود الرئيس الفلسطيني محمود عباس لرؤية فلسطين وقد تم قبولها عضوا في منظمات دولية رئيسية.
وعلى رغم أن هذا الإنجاز لم يغير في الواقع شيئاً على الأرض، وعلى رغم كون الفجوة بين الإسرائيليين والفلسطينيين أوسع من أي وقت مضى، فإن تصويت اليونسكو يوفر فرصة للأمم المتحدة لتصبح عامل تغيير إيجابي في حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
وتشكل الأمم المتحدة، المسئولة عن حماية حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية عبر العالم، الهيئة الدولية الأنسب لاتخاذ دور مهم في مساعدة الطرفين في التوصل إلى اتفاق. ويمكن لدور متنامٍ للأمم المتحدة أن يحقق فوائد معينة مقارنة بمشاركين آخرين، مثل اللجنة الرباعية للشرق الأوسط والولايات المتحدة.
وعلى رغم أن الأمم المتحدة ممثلة حالياً في اللجنة الرباعية (مع الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي) فإن باستطاعتها أن تكون أكثر فاعلية كعامل مستقل في عملية السلام. وتعاني اللجنة الرباعية، التي تحاول حالياً التوسط بين إسرائيل والفلسطينيين من انعدام الثقة من جانب الفلسطينيين، حيث يعلّق الكثير من المسئولين الفلسطينيين بأنها فشلت في رأب الصدع بين الجانبين.
ربما تُعزى عدم فاعلية اللجنة الرباعية إلى حقيقة أن المواقف في داخلها تعكس الدينامية الإسرائيلية الفلسطينية، حيث يساند نصف الأعضاء التوجه الفلسطيني، بينما يدعم النصف الآخر التوجه الإسرائيلي. لذا تبقى اللجنة الرباعية منقسمة وغير فاعلة.
وقد يستطيع كل من مجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة توفير شكل أكثر فاعلية من المشاركة الدولية التي يتم فيها تمثيل مجال أوسع من اللاعبين الدوليين. إلا أنه في الوضع الحالي، هناك فجوة متنامية بين مجلس الأمن، حيث من المحتمل أن يواجه الطلب الفلسطيني الفيتو الأميركي، والجمعية العمومية للأمم المتحدة، حيث يشكل قبول عضوية فلسطين فيها احتمالاً أكبر. وبدلاً من مواجهة جمود أخرق كهذا، ألا يتوجب على الطرفين العمل معاً لتشكيل دور بناء لهم في العملية السلمية، يكون على الأرجح أكثر دينامية، وبالتالي أقل احتمالاً أن ينتهي بالجمود والإخفاق؟
تملك الأمم المتحدة أساساً جيداً يمكن البناء عليه، حيث انها، مع الكثير من الفلسطينيين والإسرائيليين توافق على مبدأ حل الدولتين. لماذا إذاً لا يتم تمكين الأمم المتحدة من تحقيق دورها الذي كُلّفت به للمساعدة على حل النزاعات وحماية حقوق الإنسان والقانون الدولي؟
وعلى رغم الثمن (حيث دفع تصويت اليونسكو الحكومة الإسرائيلية إلى الإعلان عن بناء 2000 وحدة سكنية في المستوطنات وفي القدس الشرقية وحجب الدفعات الضريبية التي تقوم باستيفائها للسلطة الفلسطينية) فإن استراتيجية السعي نحو مشاركة دولية أعظم بالنسبة للكثير من الفلسطينيين قد تشكل الأمل الوحيد لتوليد عملية تنهي في نهاية المطاف هذا النزاع التاريخي.
من الواضح أن الجمعية العمومية للأمم المتحدة ومنظمات الأمم المتحدة الأخرى بدأت ترفع صوتها بشأن الموضوع. وعلى رغم أن الولايات المتحدة شجبت حركة اليونسكو على أنها مجرد إنجاز رمزي لا يأتي بأي مكاسب أساسية لأي من الجانبين، فإن هناك، في الوضع الراهن الذي تتزايد فيه وتيرة بناء المستوطنات ويبتعد فيه الفلسطينيون عن طاولة المفاوضات، دورا لإنجازات رمزية للإبقاء على الأمل حياً بإمكان تحقيق حل للنزاع.
ومن وجهة النظر الفلسطينية، فإن أي أمر يعمل على الإبقاء على فكرة الدولتين قائمة على أعلى أولويات الأجندة ويضع الضغط على الجانبين للتوجه قدماً، مرحب به. إلا أن الوقت يمضي بسرعة. تتعرض القيادة الفلسطينية المعتدلة لخطر فقدان دعم الشارع الفلسطيني لتوجهها الدبلوماسي إذا لم يحقق نتائج مهمة. إضافة إلى ذلك، تشهد المنطقة تطورات هائلة، بوجود الربيع العربي والتوترات المتصاعدة بين إيران والغرب بشأن الطموحات الإيرانية بالتقدم في مشاريعها النووية. يتعرض النزاع الإسرائيلي الفلسطيني مرة أخرى لخطر أن تغطي عليه قضايا أخرى، ما يوفر فرصة أخرى لإضاعة الفرصة للجانبين.
يشكّل اعتراف منظمة اليونسكو بفلسطين مؤشراً إلى وجود إرادة لدى الكثيرين في المجتمع الدولي للدفع باتجاه حل الدولتين. لقد حان الوقت لذلك المجتمع لتشجيع التفاهم بأن الحل الوسط ضروري لتحقيق حل سلمي للنزاع
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 3365 - الأربعاء 23 نوفمبر 2011م الموافق 27 ذي الحجة 1432هـ
