تـُسلم اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق تقريرها اليوم الأربعاء (23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011) إلى عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وأنظار كل البحرينيين تتجه إليه، مستبشرة عهداً جديداً يداوي جراح كل ضحية من ضحايا الأزمة التي ألمت بالوطن في الربع الأول من العام الجاري، وما تبعها من تداعيات طالت مختلف شرائح المجتمع.
البحرين الآن أمام مفترق طريقين، إما أن تواصل المشوار وتطوي الذكريات السيئة وتمسحها من المخيلة، وتبدأ مسلكاً جديداً يكفل إعطاء كل ذي حق حقه وإنصاف المظلومين على مختلف أنواع الظلم الذي وقع عليهم، وإما أن تقف عند الخط الذي يريده لها البعض ممن يحلو لهم التشفي بالآخرين، والتحريض على استخدام القوة والقصاص منهم دون سند أو برهان سوى اتهامات هنا وهناك.
الوطن يجب أن يبدأ خطواته الأولى نحو المصالحة الوطنية، بصرف النظر عن التحشيد الذي يُعد له لإجهاض أي خطوات إصلاحية تكفل إرجاع الحقوق إلى أصحابها، بأسلوب طائفي بعيد كل البعد عن روح الإسلام والفطرة الإنسانية السوية.
كل خير يقابله شر، هذه هي طبيعة الحياة منذ أن أوجد الله تعالى نبيه آدم (ع) على وجه الخليقة، فلا يتوقع الناس أن السبيل لنيل الحقوق والدفاع عنها سيكون خالياً من الأشواك، ولكن في النهاية إن حل الخير فسيطال الجميع بلا استثناء، غير أننا من الضرورة أن نلتفت إلى من يحاول جرنا دائماً إلى المواجهة والتقاتل ليصرفنا عن كل ما يوحدنا ويلمُّ شملنا، وبالتالي تخلو الأجواء له وحده يوزع الاتهامات الجزافية وعبارات التخوين والعمالة وتنفيذ خطط خارجية على البشر كيفما يشاء.
من يعمل على ذلك يمثل فئة صغيرة كانت متخفية بيننا قبل الأزمة لعدم وجود الأرضية الخصبة التي تجعلها قادرة ومهيأة للبروز والتضخم وتحقيق المكاسب.
إذاً نحن أمام تحدٍ جديد في تنفيذ التوصيات التي سيخرج بها التقرير والتي نأمل أن تحقق تطلعات الشعب البحريني في العيش الكريم، يتطلب منا تثبيت أقدامنا في مشهد أقرب إلى وقفة أجدادنا في الخمسينيات حين صوتوا بالإجماع على عروبة البحرين واستقلالها.
لا يوجد بلد في العالم لا تطاله الأزمات، فالعصمة والكمال لله وحده، ولكن العبرة في الخروج منها بأقل قدر من الخسائر، لا الإصرار على الأخطاء ذاتها والتمسك بها من باب إثبات الوجود والخوف من فقدان المزايا والامتيازات المكتسبة من مثل هذه الظروف.
في النهاية ستتلاشى المشكلات شئنا أم أبينا، طال الزمان أم قصر، فمآل المحن إلى زوال، ولكن ما سيبقى هو نحن البحرينيين بسنتنا وشيعتنا، المسيحيين منا واليهود، البوذيين والهندوس وأصحاب المذاهب والديانات الأخرى، فهذا التمازج والاختلاط هو ثيمة أساسية لديمومة الحياة على أرض أوال، لا يمكن تفتيتها أو تجاهلها، لأنها حقيقة دامغة عصية على المسح من الخريطة الوطنية.
نأمل من رجال الدين وأصحاب التأثير على الرأي العام، أن يتحركوا في المرحلة المقبلة في موازاة تحرك الدولة لتنفيذ توصيات التقرير، وأن يعملوا بجد من خلال منابر الجمعة ووسائل الإعلام المتاحة، على لمِّ الشمل وتذويب الفوارق والحواجز النفسية التي بناها المتطرفون قسراً لحجز البحرينيين ومنعهم من التواصل مع بعضهم البعض، والسعي إلى تنظيم فعاليات مشتركة على صعيد الجمعيات والأندية والمراكز الاجتماعية، تضم كل البحرينيين باختلاف تلاوينهم وانتماءاتهم، لكسر حاجز الخوف والرهبة على طريق تحقيق الوئام والانسجام والتعايش المشترك.
وليعلموا أنهم مسائلون أمام الله من موقع المسئولية، عن قول الحق وأمر الناس بالمعروف والإحسان، في وقت تشتد وتتزايد فيه الدعوات للفرقة والشتات، وكل موقف جريء منهم لإعادة اللحمة الوطنية سيسجله لهم التاريخ بالتقدير والثناء، كما أنه لن يرحمهم في الوقت نفسه إن تخلوا عن القيام بواجبهم الديني والوطني والإنساني تجاه أبناء البحرين.
نحتاج إلى صحوة ضمير من الجميع، وخصوصاً أننا مقبلون على مناسبة دينية عظيمة، تمثل فرصة مواتية للوحدة والتضامن، فعقود طويلة من الدهر تشهد على إحياء البحرينيين بكل أطيافهم لذكرى عاشوراء، يحضرون المجالس الحسينية جنباً إلى جنب، ويجلسون على مائدة واحدة ويتناول الطعام وهم مطمئنون آمنون على أنفسهم من الفتنة وشرها، حتى أن كثيرا من العائلات لا تعد وجبة الغداء في الأيام العشرة الأولى من شهر محرم، وتحرص على مشاركة أبناء الطائفة الأخرى فيما يتم توزيعه من وجبات تعدها المآتم بصورة يومية، بل تقف لتشاهد وتتفاعل مع مواكب العزاء التي تخرج من مختلف الأحياء والمناطق السكنية.
استغلال كل الظروف والمناسبات الجامعة باتت أمراً مفروغاً منه لجبر الخواطر وتطييب الجراح، فإن فاتت خسرنا فرصة كبيرة لن تتكرر لتوحيد البحرينيين وتقوية أواصر المحبة بينهم. وهذه دعوة أوجهها لكل من يحب البحرين إلى أن يساهم بيده أو قلبه أو لسانه في تحقيق هذه الغاية التي لاشك أنها ستقوي من عزم الوطن وتشد من أزره
إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"العدد 3364 - الثلثاء 22 نوفمبر 2011م الموافق 26 ذي الحجة 1432هـ
بوفهد
على الاخوة من الطائفة الشيعية الكريمه ان يظهرو النوايه الحسنه تجاه اخوتهم من السنه ونبداء صفحه جديده من غير تهميش لطرف ونتعايش فالبحرين بلادنا وبلادكم وهي ام الجميع لماذا الاختلاف ولماذا التناحر نريد نبذ العنف والفتن ونعيش كما عاشه اجادنا فى سلام
كل كلامك صح بس ..
كلامك كله صح وعين العقل لكن الجرح الغائر هذه المرة يحتاج له نفوس نقية وقوية وشجاعة من الطرفين وهذا لا نجد له مكان فالجرح والدماء اصبحت مساحتها الى غير رجعة ومشرط التشفى أخذ منا الكثير ولن تهدأ نائرة الغيض والمدفون من المسكوت عنه بسهولة حتى لو بقينا مائة عام افراز نصوص أدبية تغذي العواطف لكنها لا تمس الروح فقد فوجعنا بمصيبة كبيرة وهيهات لو ترى القطى لغفى ونام .
في الصميم
بارك اللة فيك
--
حتى أن كثيرا من العائلات لا تعد وجبة الغداء في الأيام العشرة الأولى من شهر محرم، وتحرص على مشاركة أبناء الطائفة الأخرى فيما يتم توزيعه من وجبات تعدها المآتم بصورة يومية، بل تقف لتشاهد وتتفاعل مع مواكب العزاء التي تخرج من مختلف الأحياء والمناطق السكنية.
التعليق:نعم وسيبقى البحرينيون كذلك واما ما تقوم به بعض الفئات القليلة او الدخيلة فلا يعتد به.