العدد 3364 - الثلثاء 22 نوفمبر 2011م الموافق 26 ذي الحجة 1432هـ

مصر وتصدير الثورة!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بعد عشرة أشهر، ومع اقتراب العام من نهايته، لم تصل أي ثورة من ثورات الربيع العربي مرحلة قطف الثمار الناضجة.

الشباب العربي الجديد حقّق إنجازات كبيرة لا ريب فيها إذا قسناها بهذه الفترة الزمنية القصيرة جداً في أعمار الشعوب. شبابٌ عزّلٌ كوَرد الربيع، أطاح بعدة حكّام أقوياء من حلفاء الغرب المقربين. وبسبب بطء التغيير طوّقتهم الهواجس والظنون، حتى خشوا على ضياع ثوراتهم المطوقة بالمناورات... وهذا تفسير ما حدث في ميدان التحرير في قلب القاهرة.

مصر اليوم تمرّ بمخاض جديد، تجدّد روح الثورة من جديد في الإقليم كله. ليس هناك من ناجٍ من تأثيرها، فمصر عندما تمرض يعتل كل العرب، وعندما تصحو يصحصح الجميع.

آخر أخطاء حسني مبارك القاتلة كانت موقعة الجمل، حين أرسل عناصره وبلطجيته لمهاجمة المتظاهرين على ظهور الجمال. كانت حادثةً بعثت في ذاكرة الملايين صور الحروب التي سمعوا عنها في الجاهلية، وكشفت واقع نظام متهالك مثير للشفقة، ولكنها كانت حاسمةً في تغيير مسار الأحداث، حيث أدّت إلى حسم الموقف الأميركي المتردّد حتى الأسبوع الأخير. حينها كان قائد الجيش في زيارة للولايات المتحدة، وعاد بعد خمسة أيام وهو يحمل خارطة الطريق.

في الأيام الأخيرة، تكرّر سيناريو موقعة الجمل، حيث صدم العالم بسقوط 33 شهيداً، وإصابة أكثر من 3 آلاف، في مصادمات عنيفة اعتقد المصريون أنها أصبحت من الماضي. ومن داخل الميدان المحاصر مجدّداً، أخذت تصدر النداءات من المعتصمين طلباً للإغاثة، فـ «مجرد حضور يحمي أرواح الآخرين»؛ «نحن بحاجة إلى أطباء لإجراء عمليات للجرحى، وهناك إصابات كثيرة في العين»، و «نحن في أمسّ الحاجة للدواء».

في الواقعة الأولى شاهدنا صور المصريين وهم يبدعون في طرق الوقاية من حجارة البلطجية التي انهمرت عليهم من فوق المباني والجسور، وفي هذه الواقعة انتشرت النصائح للتغلب على الغازات المسيلة للدموع، بعدما استخدمت أنواعٌ جديدةٌ منها، تسبّب التشنجات وتشلّ الأعصاب، من إنتاج مصانع أميركية محترمة.

أداء التلفزيون الرسمي كان مخيّباً ومثيراً للغضب، أعاد للذاكرة إعلام مبارك المخلوع. ومما زاد في إشعال الغضب إعلان وزارة الداخلية أنها لم تستخدم الرصاص، فردّ عليها المتظاهرون بإبراز خراطيش الرصاص لمصوري التلفزيونات، مع التلويح بعبوات المسيل الذي يعترف الأميركان بتصنيفه ضمن الأسلحة الكيماوية.

نامت مصر مساء الإثنين على خبر استقالة حكومة شرف، واستيقظت على خبر رفض المجلس العسكري للاستقالة. وفي الصباح نقلت الفضائيات صور بضعة آلاف ممن باتوا في ميدان التحرير، ومع غروب الشمس كان الميدان قد فاض بعشرات الآلاف... بينما كان الحاكم العسكري المشير طنطاوي يتباحث مع بعض القوى السياسية، ليس من بينها الشباب الثوار. وبانتظار خطاب موعود للمشير، تنتشر الإشاعات، بين تسليم السلطة لحكومة مدنية، أو رئيس القضاء الأعلى، أو حكومة إنقاذ وطني!

البعض يلوم الثوار على عدم الحسم من الجولة الأولى، وهو ما يدفعون ثمنه الآن في تجدّد عمليات القتل والإصابات... ويرد آخرون بأن هؤلاء ثوار حالمون، وليسوا ساسةً محترفين، فدعوهم يتعلّموا من تجاربهم ويصحّحوا أخطاءهم، ومن أطاح بحسني مبارك سيطيح ببقايا نظامه، وربما يلحقهم به في سجن طرّة العامر.

مصر يحكمها الجيش منذ ستين عاماً، ومن الصعب أن تفرّط هذه النخبة العسكرية بامتيازاتها التي ورثتها منذ انقلاب يناير 1952... فلا تظلموا الثوار الحالمين كالأزهار

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3364 - الثلثاء 22 نوفمبر 2011م الموافق 26 ذي الحجة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 12:18 ص

      والله نكتة

      خافوا تجيهم من الباب جتهم من الدريشة!!!!

    • زائر 1 | 11:59 م

      سبحان الله مدبر الامور

      كانوا يحاربون على البوابة الشرقية خوفا من الثورة، فإذا بها تنبعث من قلب العروبة في مصر.

اقرأ ايضاً