تشير نتائج الدراسات الكثيرة المتعلقة بحقوق المرأة في الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي إلى التقدم الملحوظ الذي أحرزته هذه الدول بالنسبة لحقوق المرأة على مدار السنوات العشر الماضية وخاصة فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والسياسية، غير أن النتائج تشير أيضا إلى استمرار النقص الكبير في حقوق المرأة في كل دولة من دول الخليج العربي، إذ لاتزال المرأة تواجه تمييزا في كل من القوانين والعادات الاجتماعية، ولاتزال المبادئ المجتمعية الراسخة بشدة والمصحوبة بتفسيرات محافظة للشريعة الإسلامية تنزل بالمرأة إلى وضع تابع.
وعلى رغم أن معظم دساتير دول الخليج العربي قد نصت على الضمانات الدستورية التي تمنع التمييز بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، وتساويهم في الكرامة الإنسانية ولدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، فإن أشكالا قانونية للتمييز مازالت تواجه المرأة الخليجية، وتشمل كل جانب من جوانب الحياة، ومنها عدم تمتع المرأة في أي دولة من دول الخليج بحقوق المواطنة والجنسية كما يتمتع بها الرجل وفي إطار الحملات الوطنية من أجل تمتع أبناء المرأة الخليجية المتزوجة من أجنبي في الحصول على الجنسية، وهو الموضوع محل هذه الورقة. وسأختار بصورة رئيسية مملكة البحرين أنموذجا لهذا الموضوع، من حيث النصوص القانونية التي تنظم الجنسية، والجهود المبذولة لحل المشكلة، والحلول الناجعة لحلها.
النصوص القانونية التي تنظم الجنسية في دول الخليج وإن صدرت بموجب قانون أو مرسوم بقانون أو مرسوم أو أمر، وان اختلفت في الصياغة أو في بعض الأحكام فإنها تشترك جميعها في حرمان أبناء المرأة المواطنة التي اكتسبت الجنسية بصفة أصلية من هذه الجنسية إذا تزوجت من أجنبي، ففي مملكة البحرين مثلا فإنه على رغم الإجراءات الكثيرة التي قامت بها الجهات المعنية لمعالجة المشكلة، فإن أحكام قانون الجنسية المعمول به في البحرين منذ 16 سبتمبر/ أيلول 1963 والتعديلات التي تمت عليه في العامي 1981، 1989، مازالت تكرس التفرقة في اكتساب الجنسية ما بين أبناء البحرينية المتزوجة من أجنبي وأبناء الأب البحريني المتزوج من أجنبية، إذ وفقا لنص المادة (4) من القانون والمستبدلة بموجب المرسوم بقانون رقم 12 لسنة 1989 يتبين أن المشرع قد ميز بين الرجل والمرأة في مجال حق الجنسية فهو يقرر الجنسية لمن يولد لأب بحريني متزوج من أجنبية من دون قيد أو شرط، أما من يولد لأم بحرينية ولأب معلوم الجنسية فإنه لا يكتسب الجنسية إلا إذا كان أبوه مجهولا، أو لم تثبت نسبته إليه قانونا، بل إن التعديلات التي تمت على هذه المادة بموجب المرسوم بقانون رقم 12 لسنة 1989 قد ألغت حالة حصول من يولد لأم بحرينية على الجنسية إذا كان أبوه لا جنسية له.
وفي دولة الكويت فإنه على رغم المرسوم الأميري رقم 256 لسنة 1999 الصادر بتاريخ 2 أكتوبر/ تشرين الأول العام 1999 بشأن منح الجنسية الكويتية لعدد 366 شخصا وذلك تطبيقا للبند الثاني من المادة الخامسة من قانون الجنسية رقم 15 لسنة 1959 وتعديلاته، وبمقتضى هذا المرسوم تمنح الجنسية لأبناء المواطنات الكويتيات من آباء غير كويتيين، فإن المرسوم الأميري رقم 15 لسنة 1959 الذي ينظم الجنسية، مازال يميز في حق المواطنة بين المرأة الكويتية والرجل الكويتي في اكتساب أبنائهم للجنسية فالمادة (2) نصت على ان «يكون كويتياً كل من ولد، في الكويت أو في الخارج، لأب كويتي». (ولا يمحو هذا التمييز ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة (3) على انه «يجوز بمرسوم بناء على عرض وزير الداخلية منح الجنسية الكويتية لمن ولد في الكويت أو في الخارج من أم كويتية، وكان مجهول الأب ولم يثبت نسبه إلى أبيه قانوناً»).
وعلى رغم أن هذه الحالة محصورة فقط إذا كان الأب مجهولا وعدم ثبوت النسب إليه، فإن منح الجنسية يرجع للسلطة التقديرية لسمو الأمير، بل إن الفقرة الأخيرة من المادة المشار إليها وهي «يجوز بقرار من وزير الداخلية معاملة القصر في هذه الحالة معاملة الكويتيين لحين بلوغهم سن الرشد»، يفهم منها أن منح الجنسية في هذه الحالة يتم حين بلوغهم سن الرشد.
كما لا تعالج المشكلة ما نصت عليه المادة (5 البند ثانيا)، فهي فضلا عن انها تشجع على الطلاق البائن، أو التعجيل بوفاة الأب، فإن منح الجنسية يتوقف على إجازة وبمرسوم وبناء على عرض من وزير الداخلية ويشترط للمولود من أم كويتية أن يكون محافظا على الإقامة في الكويت حتى بلوغه سن الرشد إذا كان أبوه الأجنبي أسيراً أو قد طلق أمه طلاقاً بائناً أو توفي عنها، ويجوز بقرار من وزير الداخلية معاملة القصر ممن تتوافر فيهم هذه الشروط معاملة الكويتيين لحين بلوغهم سن الرشد.
وأحسب أن هذا الوضع القانوني موجود في قطر، وعمان، والإمارات، وان هذا التمييز في اكتساب الجنسية في دول الخليج يشكل انتقاصا من المواطنة، وينافي العدالة في المساواة بين الأفراد في الحقوق والواجبات، ويخالف ما نصت عليه دساتير هذه الدول من أن الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة.
كما انه لا ينسجم ويتعارض مع المواثيق الدولية التي صادقت عليها معظم دول الخليج ومنها البحرين والكويت، وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966) والتي توجب تساوي الرجال والنساء في حق التمتع بحماية القانون وبجميع الحقوق المدنية والسياسية من دون تمييز، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (1979) والتي أوضحت الطريق الذي يجب على الدول التي صدقت عليها أن تسلكه بهذا الشأن إذ نصت الفقرة الثانية من المادة التاسعة من هذه الاتفاقية على أن تمنح الدول الأطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها، مع ما تقضي به والمادة 7 من اتفاقية حقوق الطفل بضرورة أن يسجل الطفل بعد ولادته فورا ويكون له الحق منذ ولادته في اسم والحق في اكتساب جنسية، ويكون له بقدر الإمكان الحق في معرفة والديه وتلقى رعايتهما وان تتكفل الدول الأطراف بإعمال هذه الحقوق وفقا لقانونها الوطني والتزاماتها بموجب الصكوك الدولية المتصلة بهذا الميدان ولاسيما حين يعتبر الطفل عديم الجنسية في حال عدم القيام بذلك.
أمام هذا الوضع نشطت مؤسسات المجتمع المدني في دول الخليج العربي وعلى وجه خاص المؤسسات المدافعة عن حقوق المرأة، ولاسيما في مملكة البحرين ودولة الكويت ونظمت الحملات الوطنية من أجل حصول أبناء المتزوجة من أجنبي على الجنسية، وذلك في إطار إقليمي ضم معظم الدول العربية، وأمام ذلك قامت الجهات الرسمية في دول الخليج بجهود لمعالجة المشكلة القانونية، ولعل تجربة مملكة البحرين على الصعيدين الرسمي والأهلي فيها ما يفيد لدول الخليج الأخرى لوضع حلول لمشكلة أبناء المرأة المتزوجة من أجنبي. (يتبع
إقرأ أيضا لـ "حسن إسماعيل"العدد 3363 - الإثنين 21 نوفمبر 2011م الموافق 25 ذي الحجة 1432هـ
الافضل
تجنيس ابناء البحرينيه المتزوجه من اجنبي افضل من التجنيس العشوائي ويكون من ضمن هؤلاء اناس لانعرف ديدنهم واخلاقهم التي بانت واضحه في بعض التصرفات الغريبه على الشارع البحريني المعروف بالطيبه والاخلاق على المستوى العربي والعالمي