كثيراً ما نقرأ ونسمع ونشاهد في وسائل الإعلام مطالب بزيادة الرواتب والعلاوات المختلفة التي تأخذ حيزاً بعشرات الملايين من الدنانير من مصروفات الدولة، تحت مبرر «التخفيف من الآثار السلبية لتضخم وارتفاع أسعار السلع والخدمات التي ترهق كاهل رب الأسرة البحريني».
ما لا يدركه أغلب الناس، أن الزيادة في الرواتب من دون إنتاج يغطيها، تعني عدم استفادتهم من الزيادة، بل يرتد عليهم سلباً ويصبح وضعهم أكثر سوءًا.
ما فائدة زيادة راتب محمد 30 في المئة، وبعد فترة ترتفع المصروفات 35 في المئة، فالنتيجة أن محمد انخفض راتبه 5 في المئة كقيمة حقيقية للراتب، والزيادة مجرد كمٍّ لا يسمن ولا يغني من جوع.
العبرة من زيادة الرواتب في القيمة وليست في الكم، أو بالأحرى لو حصلت على 20 دولارا أميركيا، فإنك تستطيع أن تشتري كيسا من الرز زنة 40 كيلوغراما، بينما لو حصلت على مليون دولار زيمبابوي فإنك لن تستطيع أن تشتري ربع كيلوغرام من الرز.
وما لا يفهمه المطالبون بالزيادة، أن السلع والخدمات لم ترتفع أسعارها وإنما النقود أو العملة فقدت قيمتها.
والمطالبة بزيادة الرواتب من دون إنتاج يغطيها، يعني عملياً فقد العملة جزءا من قيمتها الحقيقية أمام السلع والخدمات، وبالتالي ارتفاع أعباء المعيشة وإرهاق كاهل المواطن.
عندما تجبر الحكومات على زيادة الرواتب في وقت تعاني فيه من عجز، فإنها تلجأ إلى تمويل هذه الزيادة عن طريق الاقتراض أو طباعة نقود من دون رصيد أو إنتاج يغطيها، وفي كلتا الحالتين ستدفع التضخم إلى مزيد من الارتفاع وتزيد الأوضاع سوءًا.
ويترتب على ذلك، تغير التوازن في موازنة الدولة لصالح بند مصروفات الرواتب على حساب الإنفاق على المشروعات والبنى التحتية، وهو ما يؤدي إلى جمود في القدرة الإنتاجية التنافسية للدولة.
كذلك عند تغطية مصروفات زيادة الرواتب من خلال القروض، فإن ديون الدولة سترتفع وقد تصل إلى مستويات مقلقة مع مرور السنوات، وتحميل دفع فاتورتها الجيل المقبل الذي سيتحمل تكاليف رفاهية جيل الآباء الذين يطالبون بزيادة الرواتب.
وقد تؤدي زيادة الرواتب من خلال القروض، إلى مأساة مثلما حدث في اليونان عندما ارتفعت ديونها إلى مستويات ضخمة. ولحل أزمتها فرضت عليها المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي شروطا قاسية منها إلغاء 30 ألف وظيفة في القطاع العام، إلى جانب خفض الرواتب، وتقشف شديد في مصروفات الدولة.
والنتيجة النهائية لليونان التي استماتت في الاقتراض، من أجل رفاهية شعبها، ظهور طبقة تسمى «الفقراء الجدد» آخذة في الاتساع بشكل لافت وتزداد بازدياد تدهور الاقتصاد.
الخلاصة، أن الموظفين والعمال عليهم زيادة رواتبهم بأنفسهم من خلال زيادة إنتاجيتهم، وقبل المطالبة بزيادة الأجور عليهم أن يرفعوا إنتاجهم بالزيادة نفسها، حتى لا تعود عليهم بشكل سلبي، وبالتالي يدفعون فاتورة باهظة بعد فترة من الزمن، وتحميل الدولة فاتورة تهدد استقرارها المالي والاقتصادي، وتحميل الأجيال المقبلة فاتورة تهدد حياتهم المعيشية
إقرأ أيضا لـ "عباس المغني"العدد 3362 - الأحد 20 نوفمبر 2011م الموافق 24 ذي الحجة 1432هـ
اعطيت المشكلة ولم تعطي الحل
يا استاذ المشكلة محلله بشكل صحيح ولكن الحل ليس بيد الموظفين العادين وليس عن طريق زيادة انتاجهم وانما عن طريق تفعيل دور الرقابه على الاسعار من قبل الدولة وذلك لكبح جماح زيادة الاسعار كالصين وبعض دول الجوار مثلا...
صح
كلام صحيح وفي الصميم يا استاذ