أطلقت السلطات البورمية الشهر الماضي سراح 6300 شخص من سجونها، تبين أن من بينهم 200 سجين سياسي فقط.
العالم الذي يراقب سياسات الدول الدكتاتورية اعتبر هذه الخطوة مخيبة للآمال، وخصوصاً مع وجود آلاف من سجناء الضمير، التعبير المخفف لمن يتم اعتقالهم لأسباب سياسية! وعادت الحكومة البورمية الأحد الماضي إلى إعلان نيتها الإفراج عن دفعةٍ جديدةٍ من السياسيين. وتأتي عمليات إطلاق السجناء بالقطعة، في سياق محاولات النظام العسكري كسر عزلته الدولية، وتغيير صورته أمام الرأي العام العالمي كـ «دولة مارقة»، في أعقاب سحق انتفاضة الرهبان البوذيين في 2007.
بعد الانقلاب العسكري في 1962، تولى القائد العسكري (ني ون) الحكم، تحت غطاء «مجلس الدولة للسلام والتنمية» العسكري؛ الذي تغيّر اسمه في 1997 إلى «مجلس الدولة لاستعادة القانون والنظام»! كل التسميات المنمقة لم تفلح في تحقيق تنمية وسلام، أو قانون ونظام، وخصوصاً مع تقويض العسكر السلطة التشريعية والتلاعب بالقضاء ومحاولة سحق إرادة البورميين.
شعب بورما يتكلم أكثر من 100 لغة، ويعتنق 70 في المئة منهم البوذية، 20 في المئة مسلمون، 5 في المئة مسيحيون، و5 في المئة ديانات أخرى (بحسب ويكيبيديا). مثل هذا البلد يحتاج إلى حكمٍ عادلٍ رشيد، يقوم على الكفاءة والمساواة بين أبناء مختلف الأعراق والديانات.
في العام 1990 أجريت انتخابات فاز فيها حزب المعارضة الرئيسي (الرابطة الوطنية للديمقراطية) بغالبية المقاعد، غير أن العسكريين لم يسمحوا للمدنيين بالحكم! وعلى رغم حكمهم للبلاد خمسين عاماً، فإن أكثر ساسة الدول لا يعرفون اسم الرئيس الحالي (ثين سين)، بينما يعرف العالم أجمع اسم زعيمة المعارضة، أون سان سو تشي، التي حصلت على جائزة نوبل للسلام 1991، تقديراً لنضالها السلمي واللاعنف، على رغم ما نالها من عسفٍ وإقامةٍ جبريةٍ واضطهاد.
سو تشي إحدى رموز النضال من أجل حرية شعوبهم في العالم المعاصر، أفرج عنها السبت الماضي، بعد سبع سنوات من الإقامة الجبرية. وحين أطلت من باب منزلها دعت الجمهور إلى «العمل سويّاً من أجل مستقبل البلاد»، فهكذا يفكّر القادة الكبار، بينما يفكّر صغار الساسة بالغنائم والمصالح الفئوية وما يرمى لهم من فتات. وحين تم إيصال مدنيين مقرّبين من العسكر في انتخابات 2010، تعرّضت العملية لانتقادات شديدة، كونها ستعزّز شرعية حكومة لا تؤمن بالديمقراطية أصلاً.
الحكم العسكري كان قريباً من الصين، (الغرب لم يعترف بتسميتها ميانمار) ولذلك تلقفت الولايات المتحدة الفرصة، وأعلنت هيلاري كلينتون ترحيبها بـ «نفحات التغيير»، واستعدادها لتكون شريكة لبورما إذا ما واصلت الإصلاحات، وانهاء الملفات العالقة كالسجناء السياسيين، والمصالحة مع الشعب.
ترافقت خطوات النظام الإيجابية مع انطلاق الربيع العربي في مارس/ آذار الماضي. وعلى رغم الترحيب الدولي، فإن بعض المعارضين يؤكدون أن ما جرى مجرد عمليات تجميلية لنظام سياسي مغلق، متهم بالعنصرية وانتهاك حقوق الانسان والأقليات.
لقد جرّبت بورما حكم العسكر خمسين عاماً، من القمع والقتل والتنكيل بالمعارضين وتغييب القانون والتلاعب بالانتخابات حتى أصبح البرلمان والقضاء مادةً للتندر في الإعلام الخارجي. فهل يشهد العالم اليوم خروجها من قوقعتها الدامية السوداء؟
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 3361 - السبت 19 نوفمبر 2011م الموافق 23 ذي الحجة 1432هـ
كيف لمن
كيف لدكتاتور ان يتغنى بالديمقراطيه هل هي قلقله لسان وهو في داخله يقول انا ربكم الاعلى الديمقراطيه سلوك وممارسة الديمقراطيه هي تقبل الراي والراي الاخر وفاقد الشي لا يعطيه
القوقعة
الانظمة الدكتاتورية لا تخرج من قوقعتها إطلاقا يا سيد.
حكم العسكر
حكم العسكر وما أدراك ما حكم العسكر، لكن اللي يضحك صدق انه مسمين روحهم «مجلس الدولة للسلام والتنمية» وبعدين عدلوها لـ«مجلس الدولة لاستعادة القانون والنظام» في النهاية التسميتين وجهان لعملة واحدة "العسكر".