في هذا العام تحتفل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بمناسبة مرور الذكرى العاشرة لاعتماد «إعلان اليونسكو العالمي بشأن التنوع الثقافي».
المنظمة ـ وعبر موقعها الإلكتروني ـ دعت جميع المدارس المنتسبة لليونسكو للمشاركة في عملية التصويت العام على موقعي «يوتيوب» و «يوكو» على شبكة الإنترنت في المسابقة التي تنظمها للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً، لإنتاج شرائط فيديو قصيرة بعنوان «إعلاني My DECLARATION».
عملية التصويت لا تتطلب من الطلبة الدارسين سوى مشاهدة شرائط الفيديو في إطار نشاط مدرسي يتولى الإشراف عليه أحد المعلمين، وسيحصل شريط الفيديو الحائز على أكبر عدد من الأصوات على «شهادة تقدير خاص من المشاهدين»، وتُحال شرائط الفيديو الخمسة الأولى ـ أفضل خمسة أفلام ـ إلى هيئة خبراء دولية لاختيار الشريط الفائز، ومنح الجائزة.
يقوم الطلبة بإخراج فيلم قصير مدته 90 ثانية (باستثناء الثواني المتعلقة بحقوق المؤلف) بواسطة آلة تصوير عادية أو رقمية أو الهاتف المحمول أو آلة التصوير الملحقة بجهاز الكمبيوتر، ليحصل الفائز على آلة تصوير فيديو قيمتها التقريبية تصل إلى 2500 دولار، والموعد النهائي المقرر للتصويت في هذه المسابقة هو يوم الاثنين 12 ديسمبر/ كانون الأول العام 2011 (الساعة 12,00 ظهراً بتوقيت باريس، غرينتش +1).
تستهدف اليونسكو من طرح هذه المسابقة تثقيف طلبة المدارس المنتسبة لها حول العالم، وتشجيعهم للتعبير عن رؤيتهم بشأن مسألة «التنوع الثقافي» من خلال مشاهدة فيلم فيديو قصير، والوثيقة المرجعية التي يستوحي منها الطلبة أفكارهم هو «إعلان اليونسكو العالمي بشأن التنوع الثقافي للعام 2001م»، فالمنظمة بهذا المعنى إنما تقوم بتوظيف أفضل فيلم؛ من أجل الترويج لمبادئ هذا الإعلان.
المؤتمر العام للمنظمة الدولية (أعلى سلطة في اليونسكو) اعتمد في دورته الـ 31 لسنة 2001 «الإعلان العالمي لليونسكو بشأن التنوع الثقافي»، عندما أكدت الدول الأعضاء في اليونسكو على قناعتها بأنّ التنوع الثقافي يشكل أحد جذور التنمية في تعزيز تطلعات شعوب العالم في القرن الحادي والعشرين.
يرتكز إعلان «التنوع الثقافي» على مبادئ أربعة، وهي: الهوية والتنوع والتعددية، والتنوع الثقافي وحقوق الإنسان، والتنوع الثقافي والإبداع، والتنوع الثقافي والتضامن الدولي. وأكثر ما سرق نظري في الإعلان أن «التنوع الثقافي يقودنا إلى التعددية الثقافية التي لا يمكن فصلها عن الإطار الديمقراطي»؛ لأن التعددية الثقافية تشكل الرد السياسي على واقع التنوع الثقافي، والنظر إلى «حقوق الإنسان بوصفها ضماناً للتنوع الثقافي»؛ لارتباط التنوع الثقافي بحقوق الأشخاص في العيش بكرامة وخصوصاً مع وجود الأقليات؛ لأن ضمان حقوق هؤلاء الأقليات من أهم المؤشرات لقياس مدى التزام الدول بمعايير حقوق الإنسان العالمية.
ثمة علاقة قوية ومباشرة بين «التنوع الثقافي «و «حقوق الإنسان»، وعلى الدول الأعضاء اتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق هذه المزاوجة فعلياً وعلى أرض الواقع، وفق «إعلان اليونسكو العالمي بشأن التنوع الثقافي»، وذلك بـ «التعمق في فهم وإيضاح مضمون الحقوق الثقافية بوصفها جزءاً لا يتجزأ من حقوق الإنسان»، كما ورد في خطة عمل الوثيقة.
لم يغفل الإعلان عن ذكر الخطوط الأساسية لخطة عمل من أجل تنفيذ إعلان اليونسكو بشأن التنوع الثقافي، لتحقيق المزيد من التعاون والتآزر ودعم الجهود لصالح التنوع الثقافي وإبلاغ هذه الخطة إلى الوكالات التابعة لمنظومة الأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية الحكومية، بل حتى غير الحكومية المعنية، فعلى سبيل المثال: تحتفي «منظمة العفو الدولية» بـ «التنوع الثقافي» من خلال مشروع «المدارس الصديقة لحقوق الإنسان Human Rights Friendly Schools»، والذي يستهدف تنمية الوعي بثقافة حقوق الإنسان وتعليمها وممارستها والدفاع عنها، لتكون المؤسسة التعليمية فضاءً حيوياً نشطاً وحراً لإشراك جميع المنتمين لهذه المؤسسة وتشجيعهم على العمل معاً بروح الفريق الواحد، بغض النظر عن أصولهم أو أعراقهم أو صفتهم أو دورهم وغير ذلك.
السؤال المطروح: لماذا اقتصرت الدعوة على المدارس المنتسبة لليونسكو؟
ندرك جميعاً بأن اليونسكو منظمة عالمية، ولا تسير إلا وفق الأهداف والاستراتيجيات المحددة لها في مجال عملها وتخصصها في دعم القضايا العالمية التي تُعنى بها الأمم المتحدة، وعليه فقد حددت محاور أربعة للمدارس المنتسبة إليها، وهي: التنمية المستدامة والسلم وحقوق الإنسان وحوار الثقافات.
الدعوة موجهة لجميع المدارس المنتسبة لليونسكو في العالم للمشاركة في هذه المسابقة، علماً بأن مجموع المدارس البحرينية المنتسبة لليونسكو هو (40) مدرسة، (30) منها مدارس حكومية، و(10) منها مدارس وطنية خاصة من مختلف المراحل التعليمية، وهذه المسابقة التعليمية ذات البعد الحقوقي فرصة لمدارسنا للمشاركة والتنافس على مستوى (9) آلاف مدرسة منتسبة لليونسكو في (180) بلداً حول العالم قطعت شوطاً في تحقيق أهداف منظمة اليونسكو العالمية.
نتطلع في هذه المرحلة إلى تضافر الجهود لدعم المبادرة الوطنية لتحسين أداء المدارس بشكل عام، والمدارس البحرينية المنتسبة لليونسكو بوجه خاص، من خلال العمل على إشاعة مفهوم «التنوع الثقافي»، واعتماد «الإعلان العالمي لليونسكو بشأن التنوع الثقافي»؛ ليكون الإطار المرجعي لخطة عمل المدارس، وتصميم وبناء المناهج التعليمية وصياغة الأنشطة والتطبيقات والممارسات المدرسية الصفية واللاصفية وتوظيفها في سبيل تحقيق هذا التوجه.
ما يجب أن نسعى إليه، هو الالتفاف حول «حقوق الإنسان والحرية والمساواة»، وقد وردت هذه العبارة في الكلمة التي وجهتها المدير العام لليونسكو إيرينا بوكوفا في مطلع العام الدراسي الجاري 2011 بعنوان «العودة إلى المدارس وإعادة بناء ليبيا الجديدة»؛ لأن عودة الطلبة إلى مقاعدهم وصفوفهم الدراسية تمثل بالنسبة إلى المسئولين في هذه المنظمة نقطة الانطلاقة الحقيقية لإعادة بناء المجتمع الليبي، ويتعين اليوم على المجتمع الليبي بأكمله ـ بحسب بوكوفا ـ السعي لتحقيق جودة النظام التعليمي الجديد، واغتنام هذا التحول التاريخي لدعم السلطات الليبية في صوغ رؤية جديدة للنظام التعليمي بأكمله، ووضع نهج جديد للمواطنة في المدارس وضمان المساواة في الانتفاع بالتعليم في جميع مناطق البلد
إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"العدد 3361 - السبت 19 نوفمبر 2011م الموافق 23 ذي الحجة 1432هـ