في مقابلة أجراها التلفزيون الكويتي مع الناشط والكاتب السياسي بجريدة «الوطن» نبيل الفضل، استخدم نبيل كلمة «طز» مرّات كثيرة، مستلهماً هذه الكلمة من أحد النواب الإسلاميين في البرلمان الكويتي الحالي. ونحن نشيد بالكاتب لجرأته، ونتمنى لو نستطيع الإقدام على قول رُبع ما قاله.

تحدّث الأخ نبيل عن الجمعيات السياسية ذات الطابع الديني، وذكر الكثير من التناقضات والمشكلات التي تلفها، وتحدث عن أحداث الكويت الأخيرة بأنها مُفتعلة ومحرّضة من قبل بعض النوّاب الإسلاميين، وهذا ما يشاهده الشارع الكويتي والخليجي بشكل عام.

وطالب الفضل أعضاء المجلس «الإسلاميين» بالاستقالة بعد تعظيمهم الأجر للدستور الكويتي، وتحدّاهم بصريح العبارة أن يقدّموا استقالاتهم من المجلس، وخصوصاً أنّهم باتوا لا يؤمنون بما فيه، بدل هذه الفوضى التي عمّت دولة الكويت الشقيقة.

من الملاحظ في البلدان العربية وخصوصاً الخليجية، قيام بعض التيارات الدينية والسلف بالخوض في النهج السياسي، بينما يجب أن تكون هذه الجماعات ذات تيّار ديني، ودخولهم في معترك السياسة حتى أخمص قدمهم، يجعلهم يناقضون الفكر الأيديولوجي الذي يؤمنون به، فلماذا يا ترى نراهم متشبّثين بالعمل السياسي إلى حد الاستماتة؟ أهي السلطة أم الخير الذي ينزل تحت قبّة البرلمان أم ماذا؟

لقد سقطت الأقنعة عن بعضهم، حتى ابتعدوا عن النهج الديني، وخاضوا في القوانين الوضعية التي كانوا ضدّها في يوم من الأيام، ودخلوا ميداناً آخر ولبسوا لباساً آخر، فاهتزّت صورتهم أمام مناصريهم وناخبيهم.

لا نريد أن يتعثر النوّاب الإسلاميون بهذه الطريقة، ولا نرضى لأحد أن يلبس لباس التديّن، وهو في قرارة نفسه بعيد جدّا عن هذا التديّن، ونتوقع أنّ هؤلاء لن يدوموا في مجلس تحت سيطرة قوانين وضعية، لأنّهم ببساطة لا يؤمنون إلا بما يرونه هم قوانين شرعية، فكيف سيُدافع عنصر متديّن مؤمن بالقانون الشرعي، بقوانين وضعية؟ هذا اللغز الذي لا يعرف أحد حلّه إلى الآن، وخصوصاً أننا في دولة تقوم على القوانين الدستورية الوضعية، وليست ذات طابع ديني؟!

عندما صوّت الناخب للجمعيات السياسية ذات الطابع الديني، لم يكن على قدر من الوعي بخطورة الوضع، فلقد امتزج العمل التطوّعي بالعمل السياسي، وصوّت الناس للمحسنين في داخل الجمعيات، على رغم أنّ الإحسان لم يأت من جيوبهم بل من أموال الناس التي جُمِعت من أجل الفقراء والمحتاجين. وما هي إلاّ سنوات قليلة وتنتهي دورة نوّاب الجمعيات الدينية، فهل سيُصوّت الناخب مرّة أخرى لهم، بعد مُضي ما يقارب 10 سنوات أو أكثر على عمل البرلمان؟ إذ لابد أن يكون هناك نضجٌ سياسي في آلية اختيار النائب، ولنعلم مدى ما قدّمه لنا النائب المحسوب على الجمعيات الدينية السياسية، ومدى ما سيقدّمه النائب الليبرالي الحُر، فالكفّة غير متوازنة. وحتى نعلم الفرق، لابد لنا من تغيير الاتجاه من هذه الجمعيات إلى نوّاب يعون العمل السياسي باحترافية.

قد تشهد البحرين عملية انتخاب جديدة، ويا ليتنا نستفيد من تجربتنا البرلمانية لتجديد الدماء والأفكار، فلقد شبعنا من الجدال والمحسوبية والصُراخ غير المجدي تحت قبّة البرلمان، ونتمنّى أن نشدّ على الناس لتغيير اتجاههم نحو تلك الجمعيات، وإبدالها بصوتٍ للشعب ومن أجله.

لا خير في برلمان أكثر من نصفه لا يعمل من أجل الناس، ولا خير في نائب لا ينشد مصلحة الناس، ولا خير فينا إن لم نعِ الدرس ونصوّت للأفضل والأكفأ، ففي النهاية نحن الرابحون ونحن الخاسرون من عمل المجلس أو صوريته