العدد 2485 - الجمعة 26 يونيو 2009م الموافق 03 رجب 1430هـ

فرسان داخل أروقة «السلمانية»

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

ذهبت منذ أسبوع لتقديم دورة تدريبية باللغة الانجليزية، على مجموعة من الأشخاص، في أحد أجنحة مجمّع السلمانية الطبي، وما أن قيل لي إنَّ الدورة في هذا المكان، حتى اجتاحني الخوف والقلق بسبب ما نسمعه من أحداث وما نقرأه من مصائب معُدية!

وقد توكّلت على الله، وهممت بالذهاب، واستقبلني رئيس القسم جعفر المدوّب بالترحاب، ومنذُ أن وطأت قدماي هذا القسم، لاحظتُ قوّة العلاقة بين الرئيس وموظّفيه.

ذهبتُ وأنا على يقين بأنني سأرى مجموعة من الأجانب، ولكنني رفعتُ رأسي عندما وجدتُ مجموعة من المواطنين البحرينيين في هذا القسم، وتهلّلت أساريري وقمتُ بتقديم الدورة. ولكن هؤلاء الفرسان سبقوني إلى العمل فعليا بما حرصتُ على تقديمه لهم عن خدمة الزبائن، فكانوا كالبرق يسابقونني في المعلومات، وكالشعلة المستعرة في تطبيق ما أقدّمه من تمارين وتساؤلات. وأخذ رئيس القسم بالتحدّث عن كل موظّف تحت جناحه، تارة يبهرنا بميزاته، وتارة أخرى يبيّن لنا عيوبه، وفي النهاية كنا نناقشها ونستفيد منها في خدمة الزبائن.

والغريب في الموضوع هو أن هؤلاء الفرسان، وغيرهم من فرسان السلمانية، يقومون بأعمال تجهدهم وتعرّض حياتهم وأهلهم إلى مخاطر عديدة، ولكن البحريني الأصيل يبقى أصيلا في أخلاقه ومعانيه. فعلى سبيل المثال ذكر لي أحد الأخوة أنّه يتعرض إلى ضغوط صعبة جدا من قبل الأطباء، وخصوصا الذين يصعب عليهم التعامل مع الأصحاء، بسبب ضغط العمل وغيره، وكان يخبرني بأنّه في كل مرة يضبط أعصابه ويعطيهم العذر، حتى يستطيع إصلاح ما جاء من أجله.

وأخٌ آخر حاول إصلاح الحاسب الآلي في جناح العزل عن طريق الهاتف النقّال، وعندما تعذّرت السبل، وما كان هناك سبيل إلا الذهاب بنفسه إلى جناح العزل، أخبره مسئوله في القسم بأنّه غير مضطر إلى تعريض حياته للخطر، وأنه سيذهب بدلا عنه، ولكن الفتى البحريني أبى إلا أن يذهب ويُنهي المشكلة، فكان فارسا بلا جواد، إذ إنه لم يهتم بتعريض نفسه للخطر، بقدر اهتمامه بإنجاز العمل.

وليس هذا فقط، فإننا على رغم معيشتنا الضنكة، والتي تلفّها الديون والقروض والمسئوليات غير المحدودة، نلاقي الكثيرين من أبناء وطننا الغالي، يخلصون ويجتهدون ويُعطون بلا مقابل.

ولو تبصّرنا قليلا وبعيدا عن القلّة التي لا تُنتج، وتؤثّر بشكل سلبي في آراء المجتمع، فإن فرسان البحرين رجالا ونساء، مدعاة للفخر ورفعة الشأن، فهم الذين يجب أن يميّزوا دون غيرهم من الجاليات التي يجري تجنيسها من أبناء البلدان الأخرى.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2485 - الجمعة 26 يونيو 2009م الموافق 03 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً