العدد 3360 - الجمعة 18 نوفمبر 2011م الموافق 22 ذي الحجة 1432هـ

العربي بصفته صانعاً للتاريخ

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

إننا محظوظون؛ لأننا نعيش في مرحلة تشهد تحوُّلاً تاريخياً على مستوى العالم، ومثل هذه التحولات لا تتكرر كثيراً، فلربما أنها تأتي مرة كل 50 عاماً أو 100 عام، ولكن ما يحدث فيها يشكل الإطار الأكبر لمجرى الأحداث لعقود قادمة. فعلى المستوى الاقتصادي العالمي شهد العالم هزة مالية في 2008 بدأت في أميركا وعمّت العالم، ونحن الآن في 2011، ولربما أننا على مشارف أزمة اقتصادية منبعها أوروبا وهي تهز الاقتصاد العالمي أيضاً. وفي كلتا الأزمتين تخرج الصين كبلد مستفيد من ازدياد الديون الأميركية، ومن ما يصيب الاقتصاد الأوروبي حالياً. صعود الصين اقتصادياً مازال لم يترجم على الجانب السياسي، ولكن هذه قد تكون مسألة وقت، والمشكلة أن الجانب السياسي الصيني ليس جذاباً كما هو وضعها الاقتصادي.

على الجانب السياسي، فإن العالم العربي الذي كان تحت قبضة الاستبداد وتحت قبضة الحركات الأصولية المتطرفة، أصبح الآن يعيش في ظلال الربيع العربي، وهذه الانتفاضات التي عمّت الدول العربية من المغرب إلى البحرين لها تداعياتها، ونحن مازلنا نعيش البدايات، وهذه البدايات فيها الكثير من النجاحات والكثير من الإخفاقات، ولكن الأسس التي حرّكت الربيع العربي ضاربة في العمق وجذورها انغرست في المنطقة بشكل تصعب معه إزالتها، مهما حاولت الأنظمة حرف مسار الحدث أو تشويهه. الشعب العربي أثبت للعالم أنه جزءٌ لا يتجزّأ من البشرية، وأن لديه طموحاً بأن يعيش في الهواء الطلق وتحت ضوء الشمس، وأنه قادرٌ على العطاء الإنساني تماماً كما هو الحال مع أيِّ شعب من شعوب العالم المتحضرة.

العربي اليوم يرفع رأسه مفتخراً في أوساط الأمم، بعكس ما كان عليه الحال قبل الربيع العربي. فالعربي كان يُنظر إليه بأنه «أبله» ولا يفهم إلا الأكل واللهاث حول التفاهات، وأن بعض العرب أغدق الله عليهم من ثروات الأرض (الذهب الأسود) ولكنهم يبعثرونها على التسلح عديم الفائدة، وعلى العمولات وعلى صفقات الفساد وعلى موائد القمار وفي الحانات والكازينوهات. بعد ذلك، أخذ العالم ينظر إلى الشخص العربي وكأنه «حيوان مفترس» يريد أن يفجّر نفسه وكأنه معتوه من أجل قتل الآخرين وتدمير الحضارة. أما الآن فإن العربي أصبحت له إبداعات ومشاركات في حركة التحرر الإنساني من قيود الاستبداد، وأصبح يسير على الجانب الصحيح من التاريخ من خلال انتفاضته على الظلم ورفضه العبث بمقدراته وتشويه هويته وتحويله إلى استثناء لا قيمة له. العربي اليوم ليس استثناءً وإنما جزءٌ أصيلٌ ومكونٌ رئيسيّ من الحضارة الإنسانية العالمية الساعية نحو الكرامة.

قبل سنوات، كانت الرموز العربية التي تشغل العالم هي تلك التي تقتل بالجملة، أمّا الآن فإن رموزها تغيّرت، وأصبحت حتى المرأة المحتقرة سابقاً تحصل على جائزة نوبل وترفع اسم بلادها عالياً وسط الأمم المتقدمة. نشعر - كعرب - بالسعادة لأننا أثبتنا لمن يحتقرنا من حكامنا أننا في الصف الأول من صانعي التاريخ، بينما تلك النخب التي احتقرت شعوبها أصبح العالم ينظر إليها بأنها هي «الاستثناء» الغريب وغير الصحيح في مسيرة البشر

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 3360 - الجمعة 18 نوفمبر 2011م الموافق 22 ذي الحجة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 19 | 9:01 ص

      .

      ركز على البحرين يا دكتور الوضع مزري جدا
      محتاجين الى ناس تقرب بين الأطراف المختلفه
      هناك ضحايا و هم أطفال و نساء

    • عبدالله ميرزا | 7:25 ص

      لاينفع الا العدل فى الرعيه والقسمه بالسويه

      بسم الله الرحمن الرحيم
      كلا ان الانسان ليطغى ان راه استغنى
      من افات الانحراف الغنى وتوفير المادة لدى الانسان وبالمال يطاع رب العزة وبالمال يعصى فصاحب المال يشترى الخمر ويفسد عقله وجسمه ودينه ودنياه بالمال والمدخن كذلك والحكام يحرصون على الكرسى واذا انكسر الكرسى نزع من تحته لاينفع مال ولاجاه ولاعساكر لاراجعه والشهواد حيه فهذا مبارك وبن على والقذافى لم تحميهم عساكرهم ولامالهم ولا امريكا واصدقائهم وحتى الذين كانوا يقتاتون على موائدهم نكروهم وتنكروا لهم .
      تبرأ الحسب والنسب والجار صد وجحد

    • زائر 17 | 7:18 ص

      الحاجه

      نحن بحاجه الى العربي النبيل وليس الى النبيل العربي

    • زائر 16 | 3:52 ص

      --

      اقتطافا من المقال:....وأن بعض العرب أغدق الله عليهم من ثروات الأرض (الذهب الأسود) ولكنهم يبعثرونها على التسلح عديم الفائدة، وعلى العمولات وعلى صفقات الفساد وعلى موائد القمار وفي الحانات والكازينوهات. بعد ذلك، أخذ العالم ينظر إلى الشخص العربي وكأنه «حيوان مفترس» يريد أن يفجّر نفسه وكأنه معتوه من أجل قتل الآخرين وتدمير الحضارة.
      التعليق:صدقت

    • زائر 15 | 3:28 ص

      ربيع العرب لم يصلهم

      العربي لم يزل على حاله والتغير طرأ على بعض الشارع العربي أما بقية الشارع متمثلا بالأنظمة الإستبدادية وغير الديمقراطية فإنهم لازالوا يعتبرون بلدانهم مزارع لهم ولأسرهم يتصرفون فيها بعيدا عن أي رقابة من الشعب، فربيع العرب لم ولن يصل الى الحكام الطغاة.

    • زائر 14 | 2:36 ص

      نعم .. أنعم الله على العرب بالثروات الطائلة تم إسائة استغلالها بالشكل الذي اساء للامة العربية طوال سنين عديدة ... تحرك الشعب وأعاد كرامة الامة المهدورة.

      نعم يجب أن يفتخر اليوم المواطن العربي بأنه عربي وبأنه صانع للتاريخ والعدالة والحرية.
      لكن الاهداف لم تتحقق بعد ... والمؤامرات كبيرة على هذه الامة.
      نأمل أن تصل هذه الامة الى بر الامان وتصبح امة قوية شامخة تنعم بالحرية والعدالة والعزة والكرامة.
      .
      كنت اعتقد المقصود بالعربي هو امين الجامعة العربية فقلت .. كيف ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    • زائر 13 | 2:21 ص

      يصنع التاريخ بدماء الشباب .

      العربي كل يوم يقتل من اجل حرية وكرامة وعيش كريم ليصنع تاريخ العزة لأجيال أخرى

    • زائر 12 | 2:19 ص

      دكتور منصور تحية اكبار وافتخار بامثالك

      دكتور منصور مقالك مقال مفكر مثقف اكاديمي نابغه انت يادكتور منصور في مصاف الكتاب الكبار والمفكرين العمالقه انت من الذين لايشترون بالمال ولايثنيهم شيء سوى قول الحق كل الحق.انا دائما من المتابعين والقراء الى جميع مقالاتك.اعلم واجزم ان هناك بعض من يدعون انهم كتاب سوف ينتقدونك ويردون عليك .هل تعلم لماذا لانهم لايملكون مثل هذه المقالات ولايستطيعون التعبير مثلك.اعماهم حقدهم وجهلهم وجشعهم عن قول الحق وايضا في الاساس لايملكون هذا المستوى الفكري.لان اغلبهم لايملكون الشهاده الثانويه.

    • زائر 11 | 1:30 ص

      وفي النهاية لايصح إلا الصحيح

      وهاهو الشاب العربي يعيد الأمجاد

    • زائر 10 | 12:33 ص

      صباح العز يا دكتور

      دكتور اذا ما تمعنت في التاريخ العربي تجد ان العرب بعد الاسلام عاشو فتره الشموخ لم يركنوا لحكم اي ظالم وتعددت الثورات ضد المستبدين على طول التاريخ وتعددت الشخصيات المناضله ضد الظلم والاستبداد وعطى الاسلام المراءه حقوق سياسيه لم تحصل عليها قبل الاسلام فلمراءه كانت محتقره قبل الاسلام وبعد ان وضعت المراءه الاسلام تاج على راسها ووقفت في نفس الصف المتقدم مع الرجل لخدمه الاسلام والمسلمين

    • زائر 9 | 12:31 ص

      نفخه الاهيه في شباب الامه العربيه

      لعل المراقب لحراك الربيع العربي يلاحظ و بوضوح اصرار الشباب العربي علي التغيير و صنع مستقبله بنفسه بعيدا عن تدخلات الدول الاجنبيه التى ما فتئت تحاول ارجاعه الى موضعه الاول بكل السبل. فحراك الشباب العربي في تونس و مصر و اليمن و الاردن و المغرب و سوريا و البحرين و الجزائر و ليبيا هو كل لا يتجزا و بنفس الاندفاع و بنفس الطرق السلميه بغض النظر عن بعض التدخلات الاجنبيه في بعض المواقع التي تحاول حرف هذا الحراك عن سلميته ولعل هذا الاصرار على تحقيق هذا التغير هو نفخه الاهيه في امة التوحيد .

    • زائر 6 | 11:56 م

      كلامك جميل يادكتور و يبعث على التفائل

      نعم نحن الان كعرب ليس فقط غيرنا نظرت الشعوب الاخرى الينا بل نكاد ان نكون في مقدمت الركب لقيادة التحول العالمي نحو التطور الانساني الشامل لحياة حره كريمه يسودها العدل و الانصاف وما حذو شعوب الدول الاوربيه و الامريكيه نحو التغيير الشامل و با الطرق السلميه التي اعتمدتها شعوب امتنا العربيه الا دليل على ما نقول و صدق الله العلى العظيم حينما قال " و نريد ان نمن على اللذين استضعفو في الارض و نجعلهم ائمه و نجعلهم الوارثين" صدق الله العلي العظيم

    • زائر 5 | 11:30 م

      جعل ماشر دكتور

      الله لا يحرمنا منك يادكتور ولا من الاخوة الكتاب سيما سيدنا الحبوب اتمني لكم التوفيق والاستدامة فى تنويرنا بافكاركم ورؤاكم القيمة وسلامى للجميع

    • زائر 4 | 11:28 م

      مقال جميل

      مقال جميل يا دكتور ولاكن السؤال الذي يدور في خاطري هو هل تعترف الحكومات و تفتخر و تعتز بهذه الانتفاضات ام لا ؟

    • زائر 3 | 11:20 م

      الحق يعلو في النهاية-محسن

      اصبت يا دكتور حتى ووال ستريت في امريكا وحتى اسرائيل واسبانيا نصبو الخيام لإحقاق الحق ولم يقل اعلامهم كما قال بعض المتسولين من الاعلامين انها اجندة خارجية هم طالبي حق ,وهو الربيع الذي يتبعه الخريف لجني ثمار الحرية المسلوبة (احبك يا وطن اجدادي) .

    • زائر 2 | 11:17 م

      ما زال حال العربي يوجع القلوب و يدمع العيون بسبب موجة القتل الفظيعة ... ام محمود

      هذه العبارة (وأن بعض العرب أغدق الله عليهم من ثروات الأرض (الذهب الأسود) ولكنهم يبعثرونها على التسلح عديم الفائدة، وعلى العمولات وعلى صفقات الفساد وعلى موائد القمار وفي الحانات والكازينوهات) في الصميم العرب أضاعوا ثرواتهم الثمينة على التسلح والصفقات التي لا طائل ولا غنيمة من ورائها ولعبوا دور الأغبياء و ليس الأذكياء في اللعبة التي وضعتها الدول الكبرى و لم يلتفتوا الى داخل الأوطان

      _

      كلامك ذكرني بمسرحية عبدالحسين عبدالرضا



      باي باي لندن

      و باي باي ياعرب

اقرأ ايضاً