ربيع الثورات العربي لن يزهر بالضرورة في كل مكان، بعض الربيع سيحمل قحطاً على غير عادة الربيع، كما هو الحال اليوم في اليمن، بينما أينعت الثمار في ضواحي سورية، استبشاراً بربيعٍ يحمل لقاحات التغيير القادمة من وراء البحار، يتساقط عشرات الجرحى يومياً في اليمن كما في سورية، لا نرى الدول حاملة لواء الديمقراطية تتخذ الموقف ذاته تجاههما، ففي حين يطلب من الثوار السوريين عدم تسليم أسلحتهم يتم تجاهل الدماء اليمنية المراقة تحت قصف مدافع علي عبدالله صالح، الديمقراطية المنتقاة ستفرق حتماً بين الدماء العربية في أقطار الربيع، ستؤجل أحدها وتقدم الأخرى وتتجاهل زوايا صغيرة في الوطن العربي بفعل المصلحة السياسية والاقتصادية للدول التي تصنف نفسها حامية للربيع من دكتاتوريي العرب.
الرئيس اليمني الذي وعد شعبه وأشهد على ذلك الله والعالم أنه سيتنحى، ثم قال: أنوي التنحي، ثم قال: سأسلم السلطة، ومنذ ذلك الوقت لم يسمع شعبه سوى الوعود التي استجلبت معها المزيد من الدماء والقهر لهذا الشعب الذي يتم تجاهله عن سابق إصرار وترصد، لطالما سمعنا أن النية مقام العمل، لكن عند هذا الرئيس الذي خرجت الملايين تطالبه بالتنحي ومازال متمسكاً بكرسي الرئاسة بمخالبه وأسنانه لا يبدو هذا الكلام منطقياً، فالنية عند صالح ليست مقام العمل، وليست بداية لعمل ربما يطول تنفيذه لكنه سيأتي، هو يقول سأتنحى بنية البقاء، ويقول سأرحل بنية الإقامة الدائمة على كرسيه المتهرئ.
تجبرنا الازدواجية في القيم لدى الدول التي تدعي إنصاف الإنسان أن نعيد قراءة كل هذا الدعم لربيع الثورات العربية، حقوق الإنسان التي حملت طائرات الناتو إلى صحاري ليبيا، هي حقوق الإنسان ذاتها التي يتم تجاهلها في اليمن وترك اليمنيين يقتلون ويعذبون ويدهسون تحت وقع الدبابات الموالية للنظام الظالم الذي لا يخجل من قتل شعبه للاستمرار بحكم غير شرعي يزدريه من أجله أصحاب الضمائر الحية في كل العالم.
لابد من توحيد المواقف تجاه الثورات العربية، الدماء في سورية هي الدماء ذاتها في ليبيا وذاتها في اليمن وغيرها، والقتلى الذين يقتلون تحت ألف ذريعة وبأكثر من طريقة هم ذاتهم الثوار الممتدون على امتداد الوطن العربي، اختلاف المواقف للدول العظمى يجعلنا نتساءل: هل اختلف القاتل أم اختلف المقتول؟!
على الدول العظمى اليوم التي تدعي انتصارها للقيم الإنسانية الرفيعة أن تعيد تحديد مواقفها تجاه الثورات العربية التي عرت ما هو أكثر من الأنظمة الدكتاتورية التي تحكمها، وأن تتناسب مواقفها الرسمية مع مواقفها الشعبية تجاه ثوار العالم الذين سينتصرون طال أمد ذلك أم قصر، احترام الشعوب العربية التي صحت بعد سباتٍ عميق لابد أن يكون من الأولويات، وأن يكون إظهار حسن النية مبدياً لذلك، فمازالت الشعوب الثائرة متخوفة من المواقف الداعمة للديمقراطية أن تكون مدخلاً لاحتلالٍ آخر ولكن بشكل حضاري هذه المرة، فهل نحن مقبلون على هذه المرحلة، حتماً ستكشف لنا الأيام القليلة المقبلة خفايا تميط اللثام عن حقيقة هذه المواقف وصدقها
إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"العدد 3358 - الأربعاء 16 نوفمبر 2011م الموافق 20 ذي الحجة 1432هـ
نعم انها الازدواجية يا اختاه
نعم نعرفها ونعيشها ونتلمسها اين ما ذهبنا وكان هناك مقالا للرئيس الامريكي بالوسط امس يتعلق بالديمقراطية وقد علقت عليه بأن الديمقراطية لناس غير ناس والحرية لشعب دون آخر والقيم والمقاييس
تنطبق على ناس دون ناس
حقيقة الدول العظمي
على الشعوب العربية أن لا تعول على الدول العظمي وأعلامهم المخادع والزائف لنيل الديمقراطية الكاملة من أجل العيش بكرامة وعزة. الدول العظمي لا تريد أعطاء الشعوب العربية الديمقراطية التي تعيشها شعوبهم وذلك من أجل السيطرة على الثروات العربية وإبقاء الشعوب العربية متخلفة في جميع المجالات وهي تزيح الحكام الذين يرفضون سياستهم ويقفون ضد مشاريعهم فقط ويحمون ويقفون من معهم ضد شعوبهم