تناولنا في الفصل السابق معتقد الإصابة بالعين، والذي لا نستطيع أن نجزم بحقيقة وجوده، وفي الوقت نفسه لا نستطيع أن نرفض وجوده فهو معتقد منتشر في كل أرجاء العالم وله جذور ضاربة في عمق التاريخ، وعلى مدى العصور حاولت الشعوب درء ضرر العين بالعديد من الطقوس، وسنركز في هذا الفصل والفصول التي تليه على طرق درء العين عن الأم ومولودها؛ إذ إنه يبدو من المسلَّمات عند العديد من الشعوب المختلفة، إن أكثر أفراد المجتمع عرضة للإصابة بالعين هي النساء والأطفال. ولكن قبل الدخول في الخصوصيات سنتناول طرق درء العين عموماً، وبعدها ننتقل للخصوصيات، أي كيفية حماية الأطفال والنساء من العين. وتنقسم طرق درء العين إلى قسمين رئيسيين هما: ممارسة طقوس معينة واستخدام التمائم، فأما التمائم أو التعويذات فهي تعرف عند العامة باسم «الحجاب» أيضاً لأنه يحجب أي يمنع العين أو الضرر أو الشر عموماً. ومن أشهر التمائم استخداماً بين الشعوب وعلى مر العصور هي تميمة «يد فاطمة».
تميمة «يد فاطمة»
من أشهر التمائم أو التعاويذ هي تلك المشهورة في المجتمعات الإسلامية باسم «يد فاطمة» إشارة إلى فاطمة الزهراء (ع) وهي بنت الرسول الأعظم (ص)، وهي عبارة عن كف متلاصقة الأصابع، تصنع من الذهب أو الفضة أو النحاس أو العاج أو غيرها من المواد المعدنية وتعلق على مكان بارز من الجسم (العنق في الغالب)، حتى تكون في مرمى بصر الآخرين، وتبطل مفعول كل عين شريرة، وتشتهر هذه التميمة في المغرب ومصر باسم «الخميسة» أو «الخمس»، ويقال في اللهجة المصرية «خمسة وخميسة». ويقول Trumbull في كتابه (The threshold covenant) إن اليهود يسمون هذه التميمة أحياناً «كف موسى» أما مسيحيي سورية فيسمونها «كف مريم» إشارة إلى مريم العذراء أم النبي عيسى (ع) (Trumbull 189، p. 77)، أما Drazin فيذكر في كتابه (Maimonides and the Biblical Prophets) أن اليهود استعاروا من المسلمين تميمة «يد فاطمة» إلا أنهم استبدلوا الاسم باسم آخر يحمل طابع ديانتهم وهو «يد ميريام» (hand of Miriam) التي ورد ذكرها في التوراة وهي أخت النبيين موسى وهارون (ع) (Drazin 2009، p. 268).
وفي الوقت الراهن تحتل تميمة «يد فاطمة» مكانة مهمة في الثقافة الشعبية للمجتمعات العربية المسلمة وأيضاً اليهودية، فلا يكاد يخلو منها صدر امرأة أو سيارة، فالناس يعتقدون أن بها قوى سحرية تحصن حاملها من المخاطر وتقيه من العين الحاسدة أو تدرأ عن سيارته الحوادث. وقد اختلف المفسرون في تحليل معنى اليد، فهناك من الباحثين الغربيين المشهورين من افترض فرضيات نتحرج أن نذكرها هنا وتبدو بعيدة عن الواقع، وهناك من المسلمين وبالخصوص الشيعة يرى أنها تشير إلى أهل الكساء الخمسة (ع) (محمد، علي، فاطمة، حسن، حسين) بينما يعتقد بعض المسلمين السنة أنها تشير إلى أركان الإسلام الخمسة. ومن البحوث الجادة الجديدة التي تحلل هذه التميمة هو بحث Diane Apostolos-Cappadona المعنون (Discerning the Hand of Fatima)، وقد تتبعت الباحثة في هذا البحث تاريخ تميمة اليد اليمنى المفتوحة ابتداءً من حضارات مصر ووادي الرافدين. فقد عرفت علامة اليد اليمنى المفتوحة كإحدى العلامات التي تستخدم في الحماية عند السومريين والأكاديين والتي كانت تعرف عندهم باسم «كف عشتار» أو «كف إنانا». كذلك توجد علاقة بين «يد فاطمة» وعلامة mano pantea وهي صور كف تتفرع منها ثلاثة أصابع فقط وهي الإبهام والسبابة والوسطى، واصل هذه العلامة من الحضارة المصرية القديمة حيث تشير السبابة والوسطى لأب وأم الآلهة أزريس وإيزيز (Apostolos-Cappadona 2005).
لماذا أسماء نساء؟
سبق أن ذكرنا أنه في غالبية الثقافات يعتقد أن النساء والأطفال هم الأكثر عرضة للإصابة بالعين ولهذا السبب فإنهم يحتاجون لقوة مضادة للعين لحمايتهم من شرور الحاسدين من الإنس والجان ولهذا السبب يتم اختيار شخصية نسائية لها رمزيتها المقدسة ضمن الثقافة، والمرجح أن المسلمين قد اقتبسوا رمز اليد المفتوحة من الثقافات القديمة التي تمتد إليها جذورهم إلا أنهم استبدلوا الرمز الوثني برمز له معنى وقدسية في ثقافتهم، وبذلك أصبحت فاطمة الزهراء (ع) الرمز الجديد لحماية المرأة والطفل في الثقافة الإسلامية، ومن بعد شياع تميمة «يد فاطمة» عند المسلمين تم اقتباسها بعد ذلك من قبل اليهود والمسيحيين الشرقيين، الذين يتعايشون مع المسلمين، واستبدلوا اسم «فاطمة» باسم آخر كل بحسب ديانته.
طقوس درء العين عن المولود
هناك مجموعة من الطقوس الخاصة التي تدرأ العين عن المولود الجديد وهي تقريباً متشابهة في العديد من البلدان ومن خلال المادة التراثية التي جمعتها ميدانياً وكذلك المراجع التي رجعت لها يوجد هناك تشابه كبير في طقوس درء العين عن المولود الجديد في العديد من البلدان الممتدة من كجارات في شبه القارة الهندية مروراً بدول الخليج العربي ووصولاً إلى المغرب العربي.
في البحرين (وباقي دول الخليج العربي بصورة عامة) هناك ثلاثة أنواع من طقوس درء العين عن المولود الجديد: التسنين، ورباط الخيط وتعليق «الحجبة» أي التمائم. فأما عملية التسنين فتتم باستخدام السنون وهو مسحوق الفحم؛ إذ يستخدم السنون في رسم أشكال معينة على ظاهر كف المولود الجديد وكذلك ظاهر قدميه، وأحياناً يوضع على جبهته أيضاً. بعد ذلك يتم ربط خيط أسود حول معصمي الطفل وحول ساقيه مباشرة فوق قدميه، وأحياناً يربط خيطان أحدهما أسود والآخر أبيض، وربما يكتفى بمعصم واحد أو ساق واحدة وربما يضاف لهما خيط آخر.
وأما التمائم التي تعلق فوق الطفل فتنقسم أيضاً إلى ثلاثة أنواع: الأولى عبارة عن قلادة مصنوعة من المسمار، وهي زهور نبات القرنفل المجففة، وتعلق هذه القلادة حول عنق المولود. أما التميمة الثانية فتسمى «السندروسة» وهي قطعة قماش صغيرة توضع فيها مكونات البخور الذي يتم التبخر به عن العين وهي المعروفة عند البعض باسم «النقضة» وهي خلطة تتكون من «البان» و»الشبّه» و»السويدة» و»الحرمل». ويتم ربط قطعة القماش بخيط وتعلق حول عنق المولود. أما التميمة الثالثة فهي «التحفيظة» وهي ورقة تحتوي على آيات وأدعية يتم ربطها في طرف لباس الرأس (القحفية) للمولود.
من كجارات إلى المغرب
تلك الطقوس السابقة الذكر ليست حصرية على البحرين فقد ذكرت عملية التسنين وكذلك ربط الخيط الأسود بالكيفية والأسباب نفسها؛ أي لدفع ضرر العين وذلك في منطقة كجارات في شبه القارة الهندية (Spiro 2005). أما في المغرب فتسمى عملية الإصابة بالعين «تقواس» وطقوس حماية المولود الجديد من العين مطابقة لحد كبير لما سبق ذكره في البحرين، كتب أكضيض زكريا في الجريدة الإلكترونية «هسبريس» (16/11/2010م): «لحماية المولود حسب فاطمة، فإن أمه تهيئ له «وديعة»، تعدها من جلد أضحية «سبوع» الطفل المزداد (أي المولود)، وتملأها بـ «الشبة»، و»الحرمل»، و»الشعير»، و»الملحة»، وتعلقها للطفل الصغير في عنقه لحفظه من «العين». وعندما يكبر الطفل تحتفظ أمه بالوديعة في ملابسها، حتى لا ينفذ مفعولها... وفي السياق ذاته، يبطل اللون الأسود أيضاً مفعول العين، لذلك تعلق الأمهات لأبنائهن الصغار «خميسة» سوداء على الجبين أو في معصم اليد بواسطة خيط أحمر، كما يلقين في ثياب رضعهن «صرة» من ثوب أسود، وذلك حفظاً لأبنائهن من العين الشريرة. وتتعدد آليات صد الأعين الشريرة، فالبعض يلجأ لحيوانات يقال إنها تبطل مفعول «التقواس»، كالسلحفاة البرية التي تدجن وتترك في البيت لطرد الأعين، والهيكل العظمي لـ «رأس الحمار الميت»، الذي يعلق في البيت لإبطال فعالية الأعين الشريرة»
العدد 3358 - الأربعاء 16 نوفمبر 2011م الموافق 20 ذي الحجة 1432هـ
هذا شرك بالله
فالله تعالى دل نبيه صلى الله عليه وسلم على المعوذتين ( سورة الفلق وسورة الناس ) و سورة الإخلاص وآية الكرسي ليحصن نفسه
فمن علق تميمة أو نحوها واعتقد أنها تدفع العين فهذا شرك أكبر واذا علقها واعتقد أن الله هو الذي يدفع العين لكن هي وسيلة فهذا شرك أصغر
استعينوا بالله وتوكلوا عليه وتعلموا الدين وأنصحكم بكتاب التوحيد وشرحه للشيخ إبن عثيمين رحمه الله كي لا تقعوا في هذه الأخطاء
...
إذا كنت تقصد بعدم استطاعتك الجزم بحقيقة وجود العين :رد احاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم بغير علم فتلك مصيبة وما إن كان كلامك عن قلة دراية بالأحاديث الواردة في الموضوع فالمصبة افظع ...عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين. رواه مسلم ...عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا رأى أحدكم من نفسه وأخيه ما يعجبه فليدع بالبركة فإن العين حق. رواه الحاكم....
هذا إن كنت تؤمن بالأحاديث....!!!!
توني فاهمة
الحين عرفت ليش كانت الوالدة حفظها الله كانت تحط علامة زائد حواليه أربع نقط على ظاهر كف ولدي البكر. وشكرا لكاتب المقال