إنها الطالبة البحرينية التي دأبت على التفوق في دراستها منذ السنين الأولى وكان والداها طبيبين بارعين مشهورين بالعلم والأخلاق الحميدة، فنشأت وترعرعت في بيت بحريني أصيل يجمع بين الأخلاق العالية والأجواء العلمية الراقية، وكان والداها يحضانها على الدراسة والمذاكرة بهدف التفوق وخاصة بعد ان اكتشفا شغفها بالعلم والمعرفة، وهكذا ألزمت نفسها بأن تحافظ على تبوأها المراكز المتقدمة في جميع المراحل الدراسية، فكانت الأولى على صفها دائماً، ثم كانت الثانية على المرحلة الإعدادية وتم تكريمها في عيد العلم، وعندما وصلت الى المرحلة الثانوية انقلب منزل العائلة الى خلية نحل، تغمرها أجواء الدراسة ولا شيء غيرها، كان هدفها ان تحرز المركز الأول على المرحلة الثانوية في البحرين، لكن الفارق بينها وبين تحقيق حلمها كانت علامة واحدة فقط... فكان نصيبها تحقيق المركز الثالث على كل المرحلة الثانوية البحرينية في عام تخرجها ومرة أخرى يتم تكريمها في عيد العلم.
كان هذا المركز المتقدم كفيلاً بتحقيق حلمها وحلم والديها، وهو الالتحاق بكلية الطب فحصلت على منحة تفوق لدراسة الطب في كلية الخليج العربي فكانت الأولى على دفعتها دائماً في كل سنوات الدراسة حتى أتمت دراستها وتخرجت بتفوق مع مرتبة الشرف وكانت الأولى على دفعتها، ومباشرة تلقفها المستشفى العسكري فعملت به لمدة سنوات، نالت خلالها القسم الأول من الزمالة البريطانية، وكنوع من المكافأة والتشجيع لها على تفوقها وتفانيها في أداء واجباتها والمهمات الموكلة لها تم ابتعاثها من قبل وزارة الدفاع الى مستشفى الحرس الوطني بالمملكة العربية السعودية العام من أجل أن تتخصص في العناية المركزة، فكانت خير سفيرة لبلدها طيلة مدة ابتعاثها التي حققت فيها الزمالة البريطانية في الطب الباطني والزمالة السعودية في طب العناية المركزة وأمراض الجهاز التنفسي والزمالة الأوروبية في طب العناية المركزة، وهكذا تم تكريمها مرتين من قبل وزير الصحة السعودي الحالي عبدالله الربيعة باعتبارها صاحبة أفضل بحث قدم من طبيب زمالة سعودية، بعد ذلك عادت الى البحرين وقدمت استقالتها من قوة دفاع البحرين العام . ولقد عرض عليها البقاء في المستشفى العسكري على ان تلبى جميع طلباتها، لكنها أصرت على استكمال تجربتها، عندها طلب منها إعادة جميع المبالغ التي صرفت عليها، وبالفعل قامت برد جميع المصروفات المالية، ثم ما لبثت أن عادت الى العمل في مستشفى الحرس الوطني بالسعودية في قسم العناية المركزة وهو القسم المصنف من بين افضل عشرين قسم عناية مركزة على مستوى العالم.
وخلال هذه الفترة قامت بتقديم الكثير من البحوث التي نشرت في عدد من المجلات العالمية وقدمت الكثير من أوراق العمل في المؤتمرات التي شاركت فيها على مستوى العالم.
واعترافاً بجهودها وتفوقها فقد ترأست الكثير من ورش العمل في مجال طب العناية المركزة أثناء تواجدها في الرياض كما قامت بتنظيم الكثير من ورش العمل خارج البحرين، وحين تبلورت تجربتها وتنوعت خبراتها قررت العودة لخدمة أبناء بلدها فعادت إلى البحرين لتلتحق بالعمل بمجمع السلمانية الطبي كاستشاري عناية مركزة العام وكنوع من رد الجميل لوطنها الذي تعشقه حتى الثمالة حرصت على أن تنقل تجربتها لأبناء بلدها فقامت بتنظيم عدد كبير من الدورات والورش التدريبية وساهمت في إعادة تنظيم وتطوير قسم العناية المركزة في مجمع السلمانية ومن بين إنجازاتها:
1 - نظمت أكثر من 20 ورشة عمل في مجال العناية المركزة حضرها أكثر من ألف متدرب من أفراد الطاقم الطبي من جميع مستشفيات البحرين.
2 - نظمت عدداً من ورش العمل في مجال الإنعاش القلبي مع مستشفى قوة الدفاع.
3 - كانت عضواً فعالاً في فريق الاعتماد الكندي كما عملت على تنظيم الكثير من بروتوكولات العلاج في مجال العناية المركزة.
4 - دعيت لعمل ورشة عمل عن تنبيب القصبة الهوائية في مؤتمر طب الطوارئ الأوروبي في تركيا في أكتوبر/ تشرين الأول العام 2010.
5 - انتظمت كأستاذ مساعد في جامعة الخليج العربي ويشهد لها طلبتها بالكفاءة في التدريس.
6 - قامت بإلقاء الكثير من المحاضرات على أطباء الامتياز والأطباء المقيمين في المستشفى وحصلت على الكثير من رسائل الشكر من الإدارة.
7 - ساهمت في تطوير قسم العناية المركزة من خلال وضع البروتوكولات العلاجية وخطط العمل والتي لاتزال موجودة حتى اليوم.
هذه هبة الدكتورة نهاد نبيل الشيراوي ابنة البحرين التي تحاكم اليوم مع مجموعة من الأطباء وأفراد الكادر الصحي البحريني بسبب ظروف استثنائية شهدتها بلادنا... لكنها بدل أن تكرم على أعلى المستويات نالت من الظلم والقهر الكثير. هذه هي الطبيبة البحرينية التي يشهد لها الجميع بدماثة الأخلاق والتواضع... طبيبة كانت تتعامل مع كل زملائها باحترام بالغ... حتى أولئك الذين يشتغلون في وظائف متواضعة كالفراشين والحراس والمنظفين... احترام اخجل الكثير من زملائها في كل مواقع العمل التي شغلتها... إنها مثال صارخ للولاء الحقيقي للوطن ولأداء المهنة الإنسانية التي اختارتها لتخدم من خلالها وطنها ومواطنيها.
هكذا عرفتها... أثناء اجتماعات اللجنة المنظمة لمؤتمر تعريب الطب الذي كان يفترض ان تنظمه جمعية الأطباء البحرينية قبل ان يحل مجلس إدارتها. مؤتمر كان يجب ان تستضيفه البحرين في الفترة - مايو/ أيار بحضور الكثير من المنظمات الدولية المتخصصة فإذا به يتبخر مع غيره من الفعاليات العلمية والصحية التي كانت تفتخر بها جمعية الأطباء البحرينية يوم كانت فعالة على كل المستويات في المنطقة.
إنها حكاية كئيبة لم تنته فصولها بعد... فمتى تكتب لهذه الحكاية نهاية سعيدة... لتعود نهاد الشيراوي شعلة من النشاط في خدمة رسالتها الإنسانية التي خلقت من أجلها... ويعود شعب البحرين يستفيد من خدماتها وإخلاصها... تحية تقدير ووفاء واحترام لواحدة من خيرة أطباء البحرين وتحية الى كل الطاقم الطبي والكادر الصحي
إقرأ أيضا لـ "محمد حسن العرادي"العدد 3356 - الإثنين 14 نوفمبر 2011م الموافق 18 ذي الحجة 1432هـ
ماذا فعلت
ماذا فعلت لكي تسجن وتعذب وتحاكم لانها عالجت الجرحى؟
لاتعليق
الموضوع اكبر من اي تعليق
شكرا لك يا محمد حسن العرادي على هذا المقال . ( أبو صرة ) .
أتمنى التوفيق من كل قلبي لالدكتورة نهاد نبيل الشيراوي .
و أتمنى لها الشفاء العاجل , و أدعوا الله أن يبعد عنها الحساد .
شكراً
شكراً الى الاستاذ العزيز على هذا المقال الرائع عن الدكتوره ونتمنا مثل هذه المقالات كي يعرف الناس عن المخلصين في بلادنا العزيز شكرًا
يا ما فى السجن مظاليم
نبدى تعاطفنا الشديد مع الدكتورة نهاد . المشكلة انه اذا عم البلاء فلا استثناء . حسبى الله على من اوصلنا الى هذا الوضع و ندعوا الله ان يكشف عنا الغمة ....قولوا امين
فخر الوطن
ما شاء الله سيرة ذاتية غنية، وحس انساني مرهف، انت فخر الوطن يا د.نهاد.
تستاهل الدعاء
ما شفتها ولا أعرفها ، لكن من كثر ماالناس يتكلمون عنها وعن دماثة خلقها وإخلاصها حبيتها ودعيت الله أن يفرج عنها ويبعد عنها كل مكروه.
الله يفرج عنها وعن كل أفراد الكادر الطبي وكل العاملين في القطاع الخاص والعام.
تحية لك يا كاتب
الى الامام يادكتورة هذا الشعب المجروح
شكرا لكم