عذاري التي كانت تسقي القرى البعيدة، عبر نظام الأقنية المائية الممتدة تحت الأرض في القرون السابقة، وتروي بمائها العذب نصف مساحة البحرين... استقبلت عصر الجمعة الأخيرة، مهرجان الوفاء.
عذاري قريةٌ صغيرةٌ وادعةٌ آمنةٌ، لا تزيد بيوتها على المئة رغم توسعها العمراني في السنوات الأخيرة، وربما لا يتجاوز سكانها الستمئة، استقبلت بذراعيها وجوه الجمعيات السياسية المعارضة الخمس، (الوفاق، وعد، أمل، التجمع الوطني، الإخاء)، وجمهوراً كبيراً يقدر بالآلاف، جاءوا من مناطق مختلفة. وكثيرون تراهم جاءوا مشياً على الأقدام، من المناطق القريبة، السهلتين الشمالية والجنوبية وأبوقوّة وجبلة حَبْشي وطشّان والمُصَلّى والبلاد القديم.
السيارات امتدت على طول الشارع الرئيسي (الشيخ سلمان)، وفي الداخل امتدت على طول شارع عذاري الداخلي، بموازاة الساب القديم، حتى وصلت إلى موقف السيارات الشمالي بمنتزه عذاري. أما في داخل القرية فقد انتشر عشرات الشباب المتطوّعين يوجّهون السيارات إلى المواقف الخلفية. وبعدما نزلنا من السيارة كنت أحدّث الأطفال معي عن الساب حيث تعلّمنا السباحة أيام العطل الصيفية، إذ كان يجري الماء في هذا الجدول الطويل.
أغلب الجمهور من الشباب، ولن تعدم مشاهدة أطفال مع ذويهم، أو شيوخ يمشون الهوينا للمشاركة والاستماع، فضلاً عن عدد كبير من النساء لا يقل كثيراً عن النصف. فالمرأة البحرينية في هذه الحقبة من تاريخ بلادها، تبدي إصراراً على المشاركة في الحراك السياسي ودفع مستحقاته وأكلافه، من أجل غدٍ أفضل للأجيال.
مواقع المهرجان عادةً ما تكون ساحات مفتوحةً، يتم تجهيزها بطريقة عملية سريعة، لاستيعاب الآلاف، وتحدّد أماكن خاصة للنساء، حيث يظهر حجم المشاركة بوضوح، في اللقطات التي تبث في نشرات الأخبار أو وكالات الأنباء أو مواقع التواصل الاجتماعي أو «اليوتيوب».
المهرجان الخطابي بدأ بكلمة للصحافية الشابة بتول السيد، التي عرفناها هادئةً كالنسيم. درست الإعلام في جامعة الكويت وأخذت فرصتها بعد تخرجها مع ولادة الصحافة المستقلة. نموذجٌ من الجيل الجديد الذي تلقاه أينما توجّهت في بلدان الربيع العربي. جيلٌ ناله جزءٌ من الشظايا، ووجد نفسه في مركب تتقاذفه الأمواج العاتية، وأكثره قبل التحدي ومصارعة الأمواج عن قناعةٍ وإيمان.
في الكلمة الرئيسية، التي ألقاها النائب الوفاقي المستقيل هادي الموسوي، تأكيدٌ على المطلب العام، جمعيات وجمهوراً، بولادة ديمقراطية حقيقية، يكون فيها لكل مواطن حرمةٌ، ورأيه مصان، وخياراته السياسية محفوظة. لا تمييز ولا تفرقة بين الناس، ولا مفاضلة بين أصوات المواطنين تبعاً لانتماءاتهم العرقية والمذهبية... وأن يكون الجميع سواسيةً أمام القانون.
الديمقراطية المطلوبة هي الديمقراطية التي يكون فيها دم كل فرد من أفراد الوطن محترماً ومحرّماً. ديمقراطية لا تعرف طبقتين لأفراد المجتمع، ويكون الجميع في شرع المساواة والعدالة سواء. وبعد أن أورد المتحدث أرقاماً عن المعتقلين والمحكومين، ومن فقدوا حياتهم أو قُطعت أرزاقهم وفُصلوا عن أعمالهم من الجنسين، اختص المرأة البحرينية التي أثبتت حضورها الوطني بالقول: «يحق لنا القول إن المرأة وراء كل شعب عظيم».
الكلمة الثالثة كانت لجمعية العمل الإسلامي، حيث انتقد ممثلها هشام الصبّاغ «سياسات قطع الأرزاق التي مورست ضد المواطنين بسبب تعبيرهم عن آرائهم أو عقاباً على مواقفهم السياسية».
المهرجان يبقى علامةً مهمةً على نهاية حقبة الصوت الواحد، والرأي الواحد، وأن في البحرين صوتين ورأيين
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 3354 - السبت 12 نوفمبر 2011م الموافق 16 ذي الحجة 1432هـ
بحرين وليست بحر واحد
صدقت... البحرين ليست رأيا واحداً ولا صوتا واحداً. هناك مجتمع متنوع واصواات مختلفة لا يمكن إقصاؤها. وقد انتهى عصر التفرد بالرأي وادعاء الحكمة.
عذاري
شكرا لقرية عذاري الجميلة. ما قصرتون.
شكرا
اقتطافا من المقال:مواقع المهرجان عادةً ما تكون ساحات مفتوحةً، يتم تجهيزها بطريقة عملية سريعة، لاستيعاب الآلاف، وتحدّد أماكن خاصة للنساء، حيث يظهر حجم المشاركة بوضوح، في اللقطات التي تبث في نشرات الأخبار أو وكالات الأنباء أو مواقع التواصل الاجتماعي أو «اليوتيوب».
التعليق:شكرا لهم :شكرا لكم