هذا السؤال يستدعيه ويثيره كل يوم عالم يتغير بسرعة. فها هي الكوارث الطبيعية تذكرنا بمكامن ضعفنا وقلة حيلتنا أمام جبروت الطبيعة، وها هو المناخ لا ينفك يترك آثاره على مجتمعاتنا، كما أن التدهور البيولوجي يتلاحق بأسرع وتيرة عرفها التاريخ الجيولوجي جراء الأنشطة البشرية أساسًا. هذا فضلاً عن ضغوط الاقتصاد العالمي الآخذة بالازدياد.
وهو السؤال الذي ينبغي لمؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة أن يعالجه في ريو في العام المقبل (مؤتمر ريو + 20).
ويقع العلم في صميم الإجابة على هذا السؤال. فهو جزء أساسي من خارطة الطريق التي ستجلبها اليونيسكو إلى مؤتمر ريو لتحقيق الاستفادة القصوى من القوة التحويلية للتعليم والعلوم والثقافة ووسائل الإعلام. وموقفنا واضح فيما يتعلق بالشروط اللازمة لبناء مستقبل مستدام ويتلخص في ضرورة بناء "مجتمعات خضراء" شاملة ومنصفة إلى جانب "اقتصاديات خضراء". فالأمران متلازمان ولا يستقيم أحدهما بدون الآخر. وهذه هي رسالتنا لليوم العالمي من أجل السلام والتنمية لعام 2011 الذي يأتي تحت شعار "نحو مجتمعات خضراء: الإنصاف والشمولية والمشاركة".
وينبغي أن تكون المجتمعات الخضراء مجتمعات للمعرفة تسخر العلوم لتحديد التحديات الناشئة وتستجيب لها بطرق مبتكرة. ولذلك، يجب حشد قدرات العلوم وطاقاتها وجعلها ذات طابع شامل واستيعابي.
وهذه الأهداف دليل اليونيسكو ومرشدها في أنشطتها كافة. فنحن نعمل مع البلدان لبناء القدرات في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة وإقامة الشبكات الدولية. ونتعاون مع الحكومات في مختلف أنحاء العالم، ولاسيما في إفريقيا، من أجل تعزيز أطر السياسات في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار. كما أننا نقود المجتمع الدولي في مجال علوم البحار والمياه العذبة من خلال الإسهامات الفريدة التي تقدمها لجنة اليونيسكو الدولية الحكومية لعلوم المحيطات ويوفرها برنامجنا الهيدرولوجي الدولي.
ولابد للمجتمعات الخضراء أن تكون شاملة جامعة. ويقتضي ذلك أن نستفيد من كافة الإمكانيات ومصادر الخبرة والتجربة، بما في ذلك المعارف المحلية ومعارف السكان الأصليين. وتعمل اليونيسكو على تمكين الفتيات والنساء من تنمية وتكوين المعارف العلمية. وتتولى اليونيسكو أيضًا قيادة عقد الأمم المتحدة للتعليم من أجل التنمية المستدامة (2005 – 2014) بغية تعزيز المواقف والسلوكيات اللازمة لبناء ثقافة جديدة للاستدامة. كما يحيط عملنا الدول الجزرية الصغيرة النامية باهتمام خاص. ونحن ملتزمون بتحصيل وتوثيق المعارف التي تنطوي عليها شبكة اليونيسكو العالمية لمعازل المحيط الحيوي ومواقع التراث العالمي المدرجة في قائمتنا. كما يتعين علينا أن نحدد الروابط بين أشكال التنوع الثقافي والبيولوجي ونبني عليها.
ويتحتم علينا أيضًا أن نبني مجتمعًا أكثر اخضرارًا على الصعيد العالمي. ويتطلب هذا الأمر إتاحة وتيسير عملية الابتكار في مجال العلوم وإشاعة منجزاتها وإسباغ الطابع الديمقراطي عليها من أجل منفعة الجميع. ويعني هذا معالجة أوجه التفاوت القائمة بين البلدان في مجال تطوير المعارف العلمية واستخدامها.
وستأتي اليونيسكو بكل هذا وتطرحه أمام مؤتمر ريو + 20. ولابد لعام 2011 أن يكون نقطة تحول صوب المجتمعات الخضراء القائمة على تنمية العلوم تنمية شاملة جامعة ومنصفة لمنفعة الجميع. هذه رسالتنا لليوم العالمي للعلوم من أجل السلام والتنمية لعام 2011
إقرأ أيضا لـ "إيرينا بوكوفا"العدد 3352 - الخميس 10 نوفمبر 2011م الموافق 14 ذي الحجة 1432هـ