ربما لم تكن حادثة كالتي حصلت في المحرق تصل إلى أسماعنا كمواطنين نعيش خارج نطاقها، لولا أن الإناء فاض بما فيه ولم يعد يتحمل سكب المزيد. وقد تكون هناك حوادث مشابهة حصلت في أماكن أخرى ولكن لم تسلط عليها الأضواء أو لأنها لم تتصاعد إلى حد لفت الانتباه كما حصل في المحرق التي تضم خليطاً متنوعاً من البحرينيين، عقائدياً وفكرياً وأيديولوجياً، عاشوا على مدى عقود طويلة في حب ووئام وود.
وبالرجوع إلى المعطيات الأولية التي أوصلتنا إلى هذا الحال، سنلاحظ أن هناك فريقين في الساحة ومن ورائهما ثالث، الأول اتبع الخط الرسمي العام، فراح يدافع عن توجهات محددة ويصف الطرف الآخر بالسعي إلى جر البلاد إلى صراع طائفي، فضلاً عن إطلاق مصطلحات العمالة والتخوين والتشكيك في النوايا، استغل في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي (الفيسبوك، التويتر، البلاكبيري، الآيفون.. وغيرها)، وكان يخاطب جمهوراً محدداً استطاع أن يحشده لخدمة الأهداف التي وضعها هذا الفريق.
أما الفريق الثاني فسخر وسائل التواصل ذاتها لخدمته، ولكن كان يتحرك وفق إيقاع المطالب التي تتبناها المعارضة، وينقل كل الفعاليات التي تحصل في الدوار، بالإضافة إلى سرد تفصيلي للمواجهات بين رجال الأمن والمتظاهرين، وطبيعة الخسائر العملية على أرض الواقع، وأيضاً كان يحاكي أناساً محددين معنيين بهذا الخطاب.
في هذه الأثناء، برز فريق ثالث كانت تصله المعلومات من كلا الفريقين، وراح يقارنها بالبراهين والقرائن، فلاحظ أن هناك كماً من الحقائق من الجانبين إلا أن التهويل والمبالغة موجودة في مضامين الرسائل التي تبث، أي أن الرغبة في حشد وجذب أكبر عدد من المؤيدين والمناصرين ظهرت جلية لدى الفريقين.
المشكلة التي بدأت تكشف عن نفسها، تجلت في مواقع العمل (الوزارات والشركات ومؤسسات القطاع الخاص)، فجمهور الفريقين الأول والثاني كانا في حال صدام فكري مباشر، فهذا مقتنع كلياً بما يصله من معلومات وصور وتسجيلات فيديو التقطت بالهواتف الذكية، والآخر مصر على أنه على صواب وزميله الآخر مخطئ وعليه مراجعة حساباته من جديد.
من هنا انطلقت شرارة الانقسام، من داخل الجسم العمالي في مختلف مواقع الانتاج، وتبع ذلك حملة مقاطعة روج لها البعض للإضرار بتجار محددين من هذه الطائفة وأقرانهم من الطائفة الثانية، على أساس اتهامات لرجال أعمال بدعم الفريق الأول أو الثاني.
والمؤسف أن الاجتماع الأخوي على وجبة إفطار الصباح، والذي كان سمة لا تتغير منذ سنوات يلتقي خلالها الموظفون على تنوع مذاهبهم، بات ضرباً من المستحيلات، فهذه الجماعة تبحث في مصدر الطعام الذي جلبته الجماعة الأخرى، فإن كان من محل تقاطعه الأولى أبت أن تتشارك فيه مع الثانية.
في مثل هذا الوضع وقع المديرون والمسئولون في حيرة، فهذا الموظف لا يقبل العمل مع زميله الذي يشاركه المكتب ذاته، بل يفضل نقله إلى مكتب آخر أو حتى لفرع بعيد تابع للمؤسسة التي يعمل فيها حتى لا يؤدي مهماته المنوطة به مع هذا الزميل.
تدارك العملية من خلال حفلات الغداء أو العشاء التي أقامها المسئولون لم تؤتي أكلها بنتيجة مرضية في تذويب الفوارق والحواجز النفسية بين الطرفين، إذ كانت صلابتها أشد من الفولاذ وتحتاج إلى مداواة ومصل سريع يقي من شرورها الطائفية التي قد تولد صراعاً على المدى البعيد.
وبعد الحملة التي شنتها لجان التحقيق بغرض استمساك دليل يثبت تورط موظف في مسيرة أو اعتصام أو أيام غياب عن العمل، نشطت أطراف استغلت هذا الوضع المتأزم للإبلاغ عن أسماء زملاء للتخلص منهم من خلال تسريحهم، أو بدافع تصفية حسابات سابقة ناجمة عن خلافات متراكمة، وإما للاستحواذ على مناصبهم ومسمياتهم الوظيفية.
هكذا بدا المشهد، صراع داخلي في مواقع العمل ناجم عن انقسام طائفي حاد، لم يتم تداركه في وقته، وكل ما تم اتخاذه من إجراءات من قبل المسئولين باء بالفشل الذريع لوجود أبواق إعلامية كانت تعمل ليلاً ونهاراً لبث كل ما يثير الضغائن والنزعة الفئوية وحب الاستئثار وإقصاء الطرف المضاد، ساعدها الفريقان اللذان أشرنا لهما في البداية.
والنتيجة أن الفصل من العمل تضررت منه فئة بعينها أكثر من غيرها وهذه حقيقة لا يمكن إغفالها، والصراع داخل أروقة العمل انتقلت عدواه إلى أفراد المجتمع، حتى أن طلبة المدارس الصغار صاروا يتناقلون أحاديث وقصصاً عن زملاء الدراسة بأسلوب طائفي بغيض لم يُعهد منهم أبداً.
والمؤذي في المسألة أن من بين أولياء الأمور من لم يتحرك لإيقاف هذا المد الفكري المشئوم الذي يهدد كيان أجيال لا يراد لهم أن ينشؤوا على مفاهيم مغلوطة تقسم المواطنين إلى كانتونات وتحزبات، فلاذوا بصمت يفهم منه القبول والرضى.
الآن لن نزيد ونعيد، فنحن بحاجة ماسة إلى صحوة بل إلى هزة عنيفة للتخلص من كل تبعات ما حصل بحس وطني يعبر عن مفاهيم التسامح والتراحم والتآخي على الخير، فعقارب الساعة لن تعود إلى الوراء مطلقاً مهما حاولنا لتصحيح ما حصل ومحو المقاطع السوداء المعتمة من شريط الذكريات. والأهم أن نتكاتف لإنقاذ البحرين قبل أن تغرق في بحر لجي عاصف يودي بالجميع إلى التهلكة
إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"العدد 3350 - الثلثاء 08 نوفمبر 2011م الموافق 12 ذي الحجة 1432هـ
صكوك الوطنية الزائفة
هناك من البعض القليل وزع صكوك الولاء والوطنية فأخذ يمعن في تخوين وصف الناس بالعمالة للخارج. هذه اسطوانة مشروخة والدليل تعبير سعادة/ وزير الخارجية الشيخ خالد آل خليفة - الموقر عندما قال ذات مرة: [ شيعة البحرين ولائهم للبحرين فقط] وهذا يدلل على خيبة الأقلام المأجورة التي تؤجج.
من المسؤول
نحن كا مواطنين نحمل الحكومة مسوولية هذة الاحداث من اول يوم الي حد اليوم وفي المستقبل لن كل ما أصاب المواطنين هو بمباركة الجهات الرسمية و تخاذل مسؤلين لهم مصلحة في ظلم الناس و قطع أرزاقهم
فلنتكلم بواقعية
لماذا الكذب على انفسنا يا استاذ محاولة لارضاء بعض الاطراف.. الكل يعلم بان التقسيم الطائفي و الفتنة مبدأ اعتمدته وسائل الاعلام الرسمية في البحرين منذ بدأ ت الناس تخرج مطالبة بحقوقها في
احسنت لذكرك الفئه الثالثه من جديد
اول مره احس ان فيه خطاب فاهم وينظر للاخرين ... الطئفنه موجوده من مئات السنين ولكن العيش المشترك هون مصائبها والان التقسيم الديني للناس بلغ اشده ومفعوله مظمون. ان وصفك للفئه الثالثه لم يكن مسردا ويحتاج الى وتحليل اكثر لان مفاتيح الحل راح تكون معهم و لان الفريقين يعتقدون انهم المهيونون,. ان ف3 تشكل 80% من جميع الطوائف فبعد ان كانت توصف بالفئه الصامتة صار لها دور ايجابي اكثر ولكن بدون جعجعة وصريخ
أحسنت أستاذ
نظام التعليم فاشل فاشل . قاتل الله الجهل أينما وجد.