العدد 3349 - الإثنين 07 نوفمبر 2011م الموافق 11 ذي الحجة 1432هـ

الربيع العربي وإعادة تشكيل السياسة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

نقلت وكالة الأنباء الفرنسية أمس انتقاد رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين موقف «الدول العظمى المتغطرسة» التي دعمت ثورات الربيع العربي، مشيراً إلى أن «هذه الدول العظمى المتغطرسة دعمت الأنظمة السابقة في شمال إفريقيا، والغريب في الأمر أن هذه الدول نفسها دعمت الثورات التي أطاحت بهذه الأنظمة». وعقب بوتين بالقول إن «العالم غريب فعلاً، لكن الأمر مثير للاهتمام».

استغراب بوتين له مبرراته، فانتفاضات وثورات الربيع العربي مختلفة في سياق أحداثها، وهي قلبت موازين عديدة. ولعل استغراب بوتين من قيام عدد من الدول الغربية بمساندة بعض هذه الانتفاضات مفهوم ويمكن إدراجه ضمن التنافس الدولي على المنطقة. ولكن، هناك مدرسة «واقعية» في أميركا وأوروبا تحدثت مراراً عن الحاجة إلى «صفقة كبيرة» يمكن للقوى الغربية أن تتعامل مع المنطقة بصورة مختلفة عن الماضي. فالولايات المتحدة غيرت أسلوبها في طريقة التعامل مع دول أميركا الجنوبية، وعليه فلم تعد أجهزة المخابرات هي التي تنظم العلاقة بين أميركا وتلك الدول، وخرج السجناء السياسيون (اليساريون) من تلك البلدان ودخلوا الانتخابات وفازوا فيها وتغيرت معادلة السياسة في تلك المنطقة، وحالياً تبرز دولة من أميركا الجنوبية لها مؤهلات كبيرة وهي البرازيل، والعلاقات مع أميركا أقل كلفة من الماضي وأكثر إنسانية.

مصر أيضاً بإمكانها أن تخرج إلى الساحة الدولية مرة أخرى لتلعب دورها الذي يناسب حجمها ووزنها على مختلف الصعد، ولكنها تحتاج إلى أن تنتقل إلى الديمقراطية، وتحتاج إلى مفهوم جديد للعلاقة مع الغرب. وحالياً، فإن ما حدث في تونس من فوز للإسلاميين بأكثر من 40 في المئة في الانتخابات الشهر الماضي من المحتمل جداً أن يتكرر في مصر، وبالتالي ستبرز حركة الاخوان المسلمين كلاعب رئيسي على الساحة المصرية.

«الصفقة الكبرى» ستتحقق عندما تصل حكومات مقبولة لدى شعوبها العربية، حميمية للإسلاميين المعتدلين، وغير معادية للغرب، وبذلك تنكسر حلقة صعبة في السياسة، إذ إن النظرة الاستراتيجية للغرب كانت تقول بأن مصالح أميركا وأوروبا تتحقق فقط من خلال حكومات استبدادية، وأن أية ديمقراطية ستأتي بحكومات معادية للغرب. الربيع العربي بإمكانه إعادة تشكيل العلاقة ما بين الشعوب والحكومات، بحيث تكون العلاقة ديمقراطية، وما بين دول المنطقة والغرب (وغير الغرب أيضاً) بحيث تكون العلاقة قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والمفاهيم الإنسانية التي لا تختلف عليها البشرية، وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

الربيع العربي في تونس (وقريباً في مصر) سيدخل مرحلة أخرى تنتقل خلالها الثورة إلى مرحلة الدولة، وهذه الدولة يجب أن تكون مختلفة عما سبق، وهي بإمكانها أن تستجيب لضغط الشارع الذي أوجدها، وأن تقيم إطاراً جديداً في السياسة، ربما يتم الجواب من خلاله على الانتقادات والمخاوف المطروحة على المستوى الدولي

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 3349 - الإثنين 07 نوفمبر 2011م الموافق 11 ذي الحجة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 6:49 ص

      هل ثورات الربيع العربي هي ثورات حقا .. أم هي نصف ثورات أم الربع ؟؟

      سون نستطيع أن نحكم على هذه الثورات من خلال
      الانظمة الجديدة التي سوف تتشكل في هذه الدول
      خصوصا فيما يتعلق:
      بالسيادة
      والاستقلالية
      ووقوفها مع الحق اينما كان.
      وموقفها من اسرائيل والفلسطينين وأي مظالم على الشعب العربي سواء أن كانت هذه المظالم داخلية نتيجة الانظمة الفاسدة أو خارجية نتيجة الدول الرأسمالية.

    • زائر 7 | 3:23 ص

      كل بلد له خصوصيته

      في البحرين اعتقد ان الشعب من قادم الازمان قادر على الحفاض على خصوصيته من جانب و اقامة علاقات صداقه مع كل الشعوب و الدول و طبعا من ظمنها الولايات المتحده من جانب اخر فلا خوف من هذا الجانب وعلى البعض مراجعة سياساته اتجاه شعب البحرين و يدرسه جيدا

    • زائر 6 | 1:57 ص

      لجان التأديب

      دكتور ارجوك اكتب عن تأديب لجان التأديب الطائفي بالتحديد

    • زائر 5 | 1:46 ص

      هو الكيل بمكيالين وكل دولة ومصالحها في الأولوية

      المباديء والقيم والاخلاق كلها مجرد ادوات تستخدمها الدول الكبرى لتحقيق مصالحها الذاتية واحيانا مصالح شخصية آنية لأنه لو لاحظ الانسان أن مصالح هذه الدول تتضرر بسبب كسب عداء الشعوب المستضعفة لها وبذلك هي تخلق لها عداءات جديدة هي في غنى عنها ولكن المصالح الفردية لأصحاب رؤوس الاموال
      والذي في الغالب يسيطرون على مصادر القرار تقود
      بلدناها الى حروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل سوى المصالح الفردية

    • زائر 4 | 12:48 ص

      التحول له اسبابه

      السياسه بين الدول مصالح و من هذه المصالح الامن القومي لأمريكا و تأثير هذا على اوربا. الانظمه الاًستبداديه العربيه كانت جزء من المشكله و ليست جزء من الحل. الاستبداد يولد بيئه خصبه للارهاب و الدول العظمى عانت من هذا لذالك التغير في الساسيه و المستقبل مجهول

    • زائر 3 | 11:33 م

      نعم للحوار

      و عليه نحن هنا في البحرين لا بد لنا من حوار حقيقي بين جميع الاطراف يتصدى له حكماء القوم و عدم التعويل على الخارج فالمعادلات الدوليه تتغير بناء على تغير موازين القوى .كفانا هدرا لموارد الوطن و المواطنين

    • زائر 2 | 10:59 م

      المفصولين

      يا دكتور ماتسوون مقابله مع ديوان الخدمه المدنيه وتسألونهم لماذا لم يتم اعادة المفصولين حتى الان
      وهل سيعود جميع المفصولين ام هناك استثنائات وفي اي تاريخ سيعودون.

      بارك الله فيكم وعيدكم مبارك مال المسلمين مو مبارك مصر

    • زائر 1 | 10:02 م

      مقياس التحول

      عندي أن الميل الى المعسكر المعادي لاسرائيل هو مقياس التحول فالثورة التي تبقى في محيطها وفي الاطر المرسوم لدولتها من قبل هي ثورة غير كاملة كثورة مصر ما حدث هو تغيير الرئيس لحد الان وقد يتغير شيئ من القوانين الداخلية ولكن العلاقات الخارجية لن يسمحوا لها بالتغيير الا أذا أكمل الشعب المصري ثورته

اقرأ ايضاً