العدد 3346 - الجمعة 04 نوفمبر 2011م الموافق 08 ذي الحجة 1432هـ

الأزهر الشريف ينحاز إلى الشعوب

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يحتفل العالم الإسلامي بعيد الأضحى هذا العالم على إيقاع ربيع عربي جديد، حيث انتفضت عدة شعوب طلباً للحرية والكرامة، بعيداً عن أنظمة القمع والدكتاتورية والأثَرَةِ والاستبداد.

تغيّرات كبرى لها ما بعدها بكل تأكيد، والمنطقة مقبلةٌ على مشهد لم نألفه من قبل، مع صراعٍ بين من يناضل من أجل غدٍ مشرق، ومن يقاوم التغيير.

من أهم تطورات هذا العام، تزامن موسم الحج مع طرح «وثيقة الربيع العربي»، التي أصدرها شيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب ومجموعة من المثقفين والمفكرين في 31 أكتوبر / تشرين الأول 2011، لدعم الشعوب العربية في تحقيق الديمقراطية ودعوة الحكام للاستجابة لمطالبها. وهي لحظةُ طلاقٍ تاريخيةٍ مع إرث قديم، كان يضع الحكام في مرتبة الربوبية... «لا يُسأل عمّا يفعل وهم يسألون». هذه النظرية التي ترسّخت منذ سقوط نظام الخلافة الإسلامية الراشدة وتحوّل الخلافة أيام الأمويين إلى ملك عضوض.

صدور الوثيقة عن الأزهر الشريف هي لحظة طلاق تاريخية مع الإرث الاستبدادي، كما أنه يؤذن باستعادة الأزهر لمكانته التاريخية، كقلب نابض للعالم الإسلامي، يحمل الرؤية الإسلامية الوسطية، ويمثل صوت العقل والتسامح والاعتدال.

لحظة غياب الأزهر عن المشهد السياسي بدأ بعد ثورة يوليو 1952، حين همّش الضباط الأحرار دوره وأخضعوه للتأميم أسوةً ببقية مؤسسات الدولة المصرية. وظلّت حالة التبعية للسلطة ومجاراتها في سياساتها أيام أنور السادات وحسني مبارك، حتى سقط الأخير وبدأ الأزهر يتنفس الصعداء.

اليوم، يؤذن الأزهر الشريف باستعادة دوره التاريخي، مع إعلان تبنّيه لحركة الشعوب العربية، واعتباره مواجهة أي احتجاج سلمي بالقوة والعنف المسلح وإراقة دماء المواطنين المسالمين، بمثابة نقض لميثاق الحكم بين الأمة وحكامها، يسقط شرعية السلطة ويهدر حقها في الاستمرار بالتراضي.

هذه الوثيقة تاريخيةٌ بكل المقاييس، فهي أكّدت أن شرعية السلطة من الوجهة الدينية والدستورية تعتمد على رضا الشعوب واختيارها الحرّ، من خلال اقتراع علنيٍّ نزيه وشفاف، باعتباره البديل العصري المنظِّم لما سبقت به تقاليد «البيعة»، مع الأخذ بمفهوم الفصل بين السلطات، وضبط وسائل الرقابة والمساءلة والمحاسبة، وهو ما من شأنه التضييق على حالات الفساد المستشري في كل البلدان العربية من دون استثناء، وبمعرفة الجميع.

الوثيقة فنّدت تشبث كثيرٍ من الحكام عبر مختلف العصور بسلطاتهم المطلقة وإخضاع الشعوب للطاعة والانصياع، من خلال الاستغلال المبتور للآية الكريمة: «وأُولِي الأَمر مِنكُمْ» (النساء:59)، إذ ربطتها بالآية التي تسبقها: «إن اللهَ يأمُرُكُم أَن تُؤدُّوا الأَماناتِ إِلَى أَهلِها وإِذا حكمتُم بين النَّاسِ أَن تحكموا بِالعَدل». وهو ما يجعل الإخلال بشروط أمانة الحكم مُسوِّغاً شرعيّاً للمطالبة بإقامة العدل ومقاومة الاستبداد.

الوثيقة تذكّر بأن من قال من الفقهاء بوجوب الصبر على المتغلب المستبد من الحكام حرصاً على سلامة الأمة من الفوضى، أجاز في الوقت نفسه عزله إذا تحققت القدرة على ذلك، وانتفى احتمال الضرر والإضرار بسلامة الأمة والمجتمع.

وثيقةٌ مهمةٌ ستقلب الكثير من الموازين والمعادلات... في زمن الربيع العربي الجديد

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3346 - الجمعة 04 نوفمبر 2011م الموافق 08 ذي الحجة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 3:50 ص

      الى الزائر 3

      طبعاً الجواب بالضبط سوف يكون هو عكس ما تتبناه الجمعيات السياسية المعارضة- والهدف هو التشويش ليس إلا وتقويض لكل ما يصب في مصلحة المطالب.

    • زائر 8 | 3:37 ص

      ولله الحمد

      ولكن هل سيتوقفون عن وضع العراقيل والتهم حتى لاينتصر الازهر الشريف للشعوبنا ويستعيد دوره ومكانته الحقيقيه لن يسمحو له

    • زائر 6 | 2:19 ص

      ستتغير مرجعية الكثير للجهة اخرى ان تعرفها سيد واخرها فتوة .......

      سيتم تغيير اتجاه المرجعية سيقولون دجنت مرجعية الازهر المعتدلة وهي انحازات للناس البسطاء وستكون الواجهة الاخرى المتشددة واخرها فتوة............ونقول دعوة للرافضين لوثيقة المنامة ان يفتونه في وثيقة الازهر ها نجوف الجواب اشك في ذلك

    • زائر 5 | 2:15 ص

      يا سيدنا لم تأتي الأديان لنصرة الحكام على الشعوب والعكس صحيح

      كل الاديان السماوية غاية هدفها واحد والآيات القرآنية كثيرة على اثبات ان المتتبعين للاديان هم ضعاف الناس وفقراءهم لما يعانونه من ظلم وحيف
      (واتبعك الارذلون) (وما نراك اتبعك الا الذين هم اراذلنا)
      مع الاعتذار ان كان خطأ في الأيتين
      واقول الكثير من الآيات تدل على ان متتبعي الانبياء هم بسطاء الناس وضعافهم لذلك على الازهر وهو
      من المفروض مقتفيا لخطوات الانبياء ان يسير على نهجهم فلا يحابي حاكما الا اذا كان عادلا والا
      فإنه يفقد مصداقيته كمكان يمثل الدين

    • زائر 3 | 2:11 ص

      كي لانتهم بتبعية دولة اجنبية ابصم على وثيقة الازهر فما هو راي الحويحي الذي لم يذكر ذلك في اخر مؤتمراته

      نقول ماهو راي الحويحي في وثيقة الازهر نتمنى ان يعقد مؤتمرا صحفيا جديدا لنسمع رايه وراي العربي والعوضي و التجمع الذي يمثلونه

    • زائر 2 | 1:08 ص

      صباحك زهر يا سيد

      اتعلم ام ان لا تعلم لماذا الازهر انحاز الى الشعب ببساطه سيد لان الحاكم الان هو الشعب والى ان يستخير الله الشعب ويولد حاكم جديد كما تعودنا سينحاز الازهر للحاكم الجديد بغض عن النياشين والاوسمه المرصعه على بدلته العسكريه كثرت ام قلت هذا هو واقع حال الازهر نبتهل من العلي القدير ان يصلح شأنه ليواكب التغيرات الشعبيه في العالم العربي والاسلامي وان يكون في صف المظاليم من البشر عاد قول اميين سيدنا

    • زائر 1 | 12:54 ص

      انتشر التطرف بتحجيمه

      حين حجم الازهر انتشر التطرف فتحول الجهلة الى مفتين و قاطني الجبال الى امراء يطيع امرهم قبل اتباع لهم حتى في نيويورك و لندن

اقرأ ايضاً