الأفلام العربية هي السينما الأوسع مشاهدة في العالم العربي، وتعتبر مصر واحدة من دول قليلة في المنطقة حافظت على هذه الصناعة منذ ثلاثينيات القرن الماضي، على رغم الحروب وعدم الاستقرار. بناءً على ذلك، تملك الأفلام المصرية، التي طالما ألهمت الناس عبر العالم العربي احتمالات كبيرة لتؤثر بصورة إيجابية على أدوار المرأة في المنطقة والتعامل مع قضايا اجتماعية قد تعتبر ممنوعة في إعلام التيار الرئيس، مثل الطلاق، وهو أمر يؤثر على المرأة المصرية على جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية.
«معدلات الطلاق في مصر مرتفعة جداً حالياً، ولكننا على رغم ذلك لا نرى صوراً للتحديات المالية والنفسية التي تواجهها النساء المطلقات على الشاشة الكبيرة. بل على العكس يتم تصوير المطلقة على أنها انتهازية هدفها الوحيد الحصول على زوج. هذا أمر غير عادل بتاتاً»، تقول الناقدة السينمائية فريدة مرعي. في الوقت الذي تواجه فيه النساء في العالم العربي الكثير من التحديات تواجه النساء المطلقات، وخاصة في مصر بعض العقبات المهمة. كانت معظم المطلقات ربات منازل احتجن، عندما وجدن أنفسهن وحدهن لعمل للحصول على دخل. لهذا السبب فهن يحتجن أحياناً للعودة إلى مقاعد الدراسة أو حضور تدريب حيث إنهن تركن القوى العاملة لسنوات على الأرجح، أو أنهن لم يعملن أبداً. وبحسب القانون المصري يتوجب على الآباء دعم أطفالهم مالياً. ويتوقع من النساء دعم أنفسهن وفي الوقت نفسه رعاية أطفالهن.
تتعامل النساء المطلقات كذلك مع مواقف المجتمع السلبية ووصماته. نتيجة لذلك، من المستبعد أن تتزوج المطلقة مرة أخرى، ولكن الرجل المطلق كثيراً ما يتزوج.
وفي الوقت الذي لا يمكن فيه الاعتماد على صناعة الترفيه للمساعدة على تغيير المواقف تجاه النساء المطلقات في المجتمع، إلا أن مشاريع الأفلام المتخصصة ومبادراتها تمثل مصالحهن. يعتبر «راديو المطلقات» على سبيل المثال، محطة إذاعية على الإنترنت أسستها وتديرها محاسن صابر، وهي مطلقة شعرت أن نساء أخريات في أوضاع مماثلة لم يكنّ ممثلات بشكل صحيح في إعلام التيار الرئيس. قررت محاسن أن تنشر الوعي حول التحديات التي تواجهها هي وغيرها من النساء المطلقات في حياتهن اليومية، وفي الوقت نفسه إبراز قصص إنجازاتهن ونجاحاتهن.
«شعرت أن النساء المطلقات لسن مهمّشات فحسب وإنما مرفوضات من قبل مجتمعاتهن المحلية. لهذا قررت جعل محطتي الإذاعية جسراً ليفهم الناس المطلقات من دون تصويرهن نمطياً أو القفز إلى نتائج»، تشرح محاسن.
تقدم المحطة الإذاعية مواضيع تتعلق بالنساء المطلقات وتهدف إلى أن يكون لها وقع إيجابي على هذه المجموعة، وتدفعهن إلى تحقيق أحلامهن وتطلعاتهن، والتغلب على المعوقات الاجتماعية في الوقت نفسه. وتقدم البرامج على إذاعة المطلقات كذلك علماء نفس يبحثون في الصدمات النفسية التي يمكن أن تنتج عن الطلاق، والذين يقدمون معلومات مفيدة عن كيف يمكن للمطلقات دعم أطفالهن والاستمرار بحياتهن بنجاح.
كذلك يحاول مخرجون مصريون بارزون أمثال خالد يوسف وخالد الحجار وكاملة أبوزكي ويسري نصرالله تصوير واقع النساء في أفلامهم.
جرى إنتاج الفيلم الطويل «678» السنة الماضية على سبيل المثال خصيصاً لبحث التحرش الجنسي وكيف يمكن لضحاياه مواجهة مجتمعاتهن والدفاع عن حقوقهن بأساليب متعددة. تتبع قصة الفيلم ثلاث نساء وهميات من خلفيات اجتماعية مختلفة تعرضن للتحرش وقررن مكافحته من خلال نشر الوعي حوله، بعكس معظم ضحايا التحرش الجنسي، اللاتي عادة ما يبقين صامتات لحماية ما يسمى «شرفهن».
كان للفيلم أثر على الجمهور لأنه كان واقعياً يعكس القصص الحقيقية التي تؤثر على كل امرأة في مصر تقريباً. يمهد هذا الفيلم السبيل للنساء ليس فقط لتحويل أمر مخيف وسلبي إلى أمر إيجابي، وإنما كذلك لدفع العمل من خلال نشر الكلمة وتشكيل أمثلة يحتذى بها للنساء الأخريات في الموقف نفسه.
توفر إذاعة «المطلقات» و «678» لصناعة السينما أمثلة لما يمكن للإعلام أن يفعله للنساء الحقيقيات. الخطوة الأولى هي نشر الوعي بهذه القضايا، مثل التحرش وسِفاح القربى والزواج المخطط له وغيرها من المشاكل الشائعة.
في سنة الثورة المصرية التاريخية، حان الوقت لجعل الفيلم ثورة واستنباط الإلهام من قضايا تؤثر فعلاً على مجتمعاتنا
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 3344 - الأربعاء 02 نوفمبر 2011م الموافق 06 ذي الحجة 1432هـ