استضافت جمعية الوفاق مساء الأحد ندوة جماهيرية للتعبير عن التضامن مع المفصولين من العمل.

المقر الواقع بمنطقة الزنج الجديدة لا تتسع قاعته الرئيسية لأكثر من ثلاثين شخصاً، فكان طبيعياً أن تزدحم باحته بالمئات الذين وقفوا خارج المقر، فيما امتدت السيارات في الشوارع المحيطة لمسافات طويلة. وقد خُصّص القسم العلوي للنساء، اللاتي يشكّلن نسبةً لا يستهان بها من المفصولين، فسياسة العقاب والمؤاخذة على الآراء السياسية شملت الجنسين في هذه الحقبة من تاريخ البحرين الحديث.

مقدّم الندوة الشاعر والنقابي كريم رضي أشار إلى أن وزارة العمل تمت دعوتها للمشاركة فتعلّلت بالانشغال، مع أنها طرفٌ أساسي في القضية التي حاولت التملص من تبعاتها الأسبوع الماضي، برمي الكرة في ملعب القضاء، ليفصل في قضايا لم يُرجع فيها إليه حين تمّ فصل مئات العمال.

الأمين العام المساعد للشباب العامل في الاتحاد العام لنقابات البحرين عبدالقادر الشهابي أشار إلى «عمليات فصل ممنهجة»، رفعت نسبة البطالة بين الشباب إلى 20 في المئة. وعلى المستوى العام، يناهز عدد من تم فصلهم الثلاثة آلاف، يمثلون 2 في المئة من عمال البحرين. وهو رقمٌ كبيرٌ جداً لن تجد له مثيلاً في أيّ بلدٍ مرّ بحركة احتجاج سياسية، عربياً كان أو أجنبياً، علماً بأن هناك نسبةً من المفصولين لم يسجّلوا أسماءهم، لسبب أو لآخر. بالمقابل يستمر تسجيل أسماء مفصولين جدد، من أعمال وتخصصات مختلفة، أطباء واستشاريين ومعلمين ومهندسين... ما يوحي باستهداف الطبقة الوسطى التي تمثّل الشريحة السكانية الأكبر عدداً، والأكثر تعلماً وتأهيلاً أكاديمياً.

الشهابي أشار إلى تأثر السوق بإخراج هذه القوة البشرية من العمل إلى البطالة، التي شملت أيضاً القطاع المصرفي الذي كان يعتبر آمناً ومستقراً حتى وقت قريب. وألمح إلى خروج بعض بنوك الأفشور إلى دول مجاورة، بعدما عملت البحرين على جذبها في العقدين الأخيرين. وتساءل: أين الـ 3 آلاف مفصول عن رقم البطالة الثابت الذي دأبت وزارة العمل على ترويجه منذ سنوات من دون تغيير؟

في إشارة إحصائية مهمة، أوضح الشهابي أن 44 في المئة من المفصولين تتراوح أعمارهم ما بين 30 و39 عاماً، وهو ما يشير إلى الطابع الشبابي الغالب على المفصولين. وهؤلاء غالبيتهم العظمى من أرباب العوائل والأطفال، ولدى أكثرهم التزامات مع المصارف أو المدارس الخاصة أو مشاريع الإسكان. وحرمان هؤلاء من العمل وقطع أرزاقهم لأسبابٍ سياسية، لا يربك حياتهم فحسب، بل ينقلهم إلى خانة الفئات المستحقة للمعونات. أية جريمة غير مسبوقة نرتكبها في حق هذا الجيل؟

هناك من يدّعي أن أغلب المفصولين من القطاع الخاص، لتبرئة القطاع العام مما جرى فيه من تصفيات، لكن الأرقام التي يوردها توضح أن نسبة المسرّحين من القطاع العام والشركات الحكومية تبلغ 75.9 في المئة.

فصل العمال قضية إنسانية بامتياز، لاقت تعاطفاً واسعاً من مختلف النقابات والمنظمات العمالية عبر العالم، عربيةً وأجنبيةً. والمفارقة التي ستسجل عن هذه الحقبة الداكنة، أن هناك نواباً وقّعوا بياناً ذات يوم، يرفض إرجاع المفصولين إلى أعمالهم. وفي لحظة عمىً وطني طارئ، مخالف لطبيعة وأخلاق هذا الشعب، يبصم أحد وعشرون نائباً بالعشر، على تبرير أوسع عملية قطع أرزاق في تاريخ البحرين