ماتَ القذافي وماتت معه حقبته. الحدث بالتأكيد كان كبيرًا، لكن ما هو أكبر منه، هو ما أظهره موت القذافي من أحداث تستحق التأمل. أحداث لها مشهد خاص، لكنه واضح، وبمدلولات (مع الأسف) ضاعت وسط حدَث موت الرجل بتلك الطريقة المرعبة والبشعة، والتي لم تخلُ حتى من اعتداءات جنسية مُورِست عليه. أول تلك الأحداث الضائعة، هو قراءة مسألة الإجماع الوطني الليبي في الأزمة، وثانيها، قراءة مشهد منصَّة الحفل الذي أقيم في ليبيا بحضور كلّ من الرئيس الفرنسي (ساركوزي) ورئيس الوزراء البريطاني (كاميرون).
في الحدث الأول، أظهرت الانتفاضة الليبية وما آلت إليه لاحقا، أن مسألة إصرار الأنظمة الحاكمة ومواليها على ضرورة استحصال الإجماع الوطني «التام» على المطالب السياسية، ما هو إلا شعار أجوف، وكارتوني، ولا يصمد أمام التيار العارم للتغيير. فحين كانت الأزمة الليبية في مهدها، ومنحصرة في مدينة بنغازي، بتجمِّع للمحامين الليبيين أمام إحدى المحاكم، كانت هناك مظاهرات أخرى في كلّ المدن الليبية من طرابلس إلى أجدابيا وسِرت وبني وليد ومناطق الجبل الغربي تؤيِّد نظام معمّر القذافي. وكان الأخير يُخاطب المنتفضين عليه: أيها الجرذان، الذين لا تحظون بتأييد جميع الليبيين.
لكن الذي جرى، هو أن المنتفضين في بنغازي، لم يستمعوا لذلك الخطاب، ولا لتظاهرات المؤيدين له، ومضوا في رفع مطالبهم، وفي خصومة النظام الليبي إلى النهاية. وحتى عندما سقطت طرابلس في 21 أغسطس/ آب المنصرف، بقيت هناك مدن ليبية أخرى مازالت تتمنع عن التسليم بالأمر للثوار. بل إن بلدة كبلدة بوهادي الواقعة جنوب سِرت، رفضت التوقيع حتى على وثيقة ولاء للنظام الجديد، أو إدارة شئونها تحت إشرافه، وهو الأمر ذاته الذي انسحب على منطقة ودان على نطاق الجفرة نحو سرت. بالتأكيد، فإن ما أعنيه، هو فقط مسألة الثورة ضد النظام، وليس مجموعًا معها تدخلات حلف شمال الأطلسي في ليبيا.
اليوم نسمع الخطاب ذاته لدى النظام السوري، الذي ما فتئ وهو يتحدث عن غياب الإجماع على التظاهرات ومطالب الناس. والحقيقة أن كل متابع للشأن السوري سيعلم، أن المسيحيين في سورية لا يريدون تغيير الواقع القائم خشية من وصول السلفيين إلى الحكم فيُطَّهدوا على أيديهم كما حصل في العراق. والعلويون لا يريدون تغيير الوضع القائم لأنهم في الحكم. بل وحتى الطائفة السُّنيَّة التي تنتمي إليها المؤسسة الصناعية وعُموم الطبقة الوسطى مازالت صامتة، وموقفها غير صريح من مناهضة الحكم البعثي هناك. لكن السؤال المطروح: هل يعني ذلك، أن مطالب المتظاهرين لا شرعية لها ولا أحقية؟! بالتأكيد لا.
الحال ينسحب على اليمن كذلك. فالرئيس علي عبدالله صالح يُمارس الدور نفسه، في وصف معارضيه، من أنهم لا يتجاوزون الـ 30 في المئة، في حين أنه يستحوذ على أزيد من 70 في المئة من تأييد اليمنيين، وبالتالي فهو يؤكد شرعية بقائه في الحكم، بل ويُشرعن بقاءه في السلطة، عبر أصوات رجال دين، مرَّة تدعو لعدم الخروج على ولي الأمر، وتارة بحرمة الاختلاط في المظاهرات، ما بين الرجال والنساء، وكأن الموضوع مرتبط بماخور للفساد الأخلاقي!
لكن كلّ تلك الادعاءات لم تنتقص لا من صراحة المطالب السورية واليمنية الحقة، ولا من شرعيتها الواضحة، ولا من أحقيتها، فاصطفاف قطاعات شعبية إلى جانب أنظمة قمعيّة، لا يمنح تلك الأنظمة شرعية أبدًا، مهما زادت أعداد تلك القطاعات، لأن موقفها ليس نابعًا من وطنية صرفة، بل لأنها مستفيدة منه، ومن الامتيازات التي يمنحها النظام لها. هذه هي الحقيقة، وليست شيئاً آخر.
لو كانت الشرعية تتأتي للأنظمة الفاسدة من تظاهرات الموالين لها كما يجري اليوم في سورية واليمن، لحصل حكَّام البوربون في أوروبا خلال القرن الثامن عشر على تلك الشرعية، عندما خرَج الفلاحون الفقراء والليبراليون المنتفعون يُؤيدونهم. ولو كانت الشرعية تتأتي للأنظمة الفاسدة من تظاهرات الموالين لها أيضًا لحصل القيصر الروسي والكنيسة الأرثوذكسية على الشرعية من تظاهرات الفقراء ضد الثوار، حين خدعت السلطة أولئك البسطاء من أن الثوار يسعون إلى إخراجهم من حقولهم الزراعية ونهب ماشيتهم.
النقطة التالية التي تلَتْ مقتل القذافي، وغاب على الكثيرين لحاظها، هي قراءة مشهد المنصَّة التي جمَعَت الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، بالإضافة إلى رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبدالجليل. فهل هذا المشهد يتناسب ووقوف الجنرال الفرنسي فيليب بيتان، مع أدولف هتلر، عندما دخلت قوات الأخير إلى باريس خلال الحرب العالمية الثانية؟ وهل يتناسب هذا المشهد، مع وقوف الساسة العراقيين من إسلاميين (سُنة وشيعة) وليبراليين علمانيين وشيوعيين إلى جانب بول برايمر الحاكم المدني في العراق، شاكرين الولايات المتحدة الأميركية على إسقاطها نظام صدام؟
هل هذه الصورة تدلِّل على أن النظرة إلى الاستعمار قد تغيَّرت في العالميْن العربي والإسلامي، أم أن السياسة ومن يسوسها قد زادت من قذارتها وآثامها، فحصل ما رأيناه منذ العام 2003م؟ فالزعيم الليبي التاريخي عمر المختار عاش في ليبيا، ولم يكن على ودّ تام مع مَنْ يديرونها لكنه حارب الإيطاليين في ألف معركة عندما دخلوا ليبيا، ولمدة عشرين عامًا، وأعدِم وهو في الثالثة والسبعين من العمر. اليوم الساسة الليبيون، لا يستعينون بالقوات الأميركية والبريطانية والفرنسية فقط في قصف مواقع داخل ليبيا بـ 9646 غارة جوية، بل يطلبون من قوات الناتو، أن تمدِّد بقاءها في ليبيا شهرًا إضافيًا، كما صرَّح بذلك المجلس الوطني الانتقالي قبل أيام. إنها مفارقة غريبة، تستحق التأمل، مع استحضار ما كان قد فعله العراقيون.
هذا المشهد الجديد، أو الموقف اللافت من النظرة العربية إلى الدول الغربية، ولاستخدامها القوة المادية التدخليّة في البلدان يطرح الباب للتساؤل: هل تبدَّل الحرام والحلال في شأن ذلك؟ وهل أصبحت الوطنية تقرَأ وتفهَم بشكل مختلف؟ والأهم: هل أصبحت أنظمتنا العربية، أكثر سوءًا من الاستعمار، فيُفضل الأخير عليها؟ هذه أسئلة تستحق النظر، والإجابة عليها فعلاً في مقال منفرد
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 3339 - الجمعة 28 أكتوبر 2011م الموافق 01 ذي الحجة 1432هـ
الثورات العربية
رسالة اوجهها الى كل ثائر عربي بان يتعظ من اول ثورة عربية اطاحت بالنظام العثماني بدعم من الغرب والذي نتج عنه خسارتنا لفلسطين
واستعمار الوطن العربي
نعم تحتاج لاجماع وطني
تحتاج لاجماع وطني اذا اجتمعت كل فئات الوطن المظلومه والمهمشه والمجوعة في بوتقه واحدة وصهرت بالقهر يكتمل نصاب الإجماع
نموذج الرسول
الرسول عليه الصلاة والسلام لم يكن هناك اجماع على دعوته ولكن هل ترك الدعوة؟ لا لأنه على حق والآخرين على خطأ
الاتفاق على الثورة
حتى في الولايات المتحدة قبل قيام الجمهورية بشكل كامل لم يكن هناك اجماع بل كانت الولايات الجنوبية غير متفقة على ما كانت تريده الولايات الشمالية
شكرآ اخي علي ذكر الراحل القذافي
هد الرجل الذي مثل بيه بعد موته والذي كان يجبرنا على مشاهدة التلفاز عند خطاباته سو ا في الجامعة العربية أو الأمم المتحدة ,لسماع مستجدياته ونكاته ولجرأته, فما جرا عليه امرأ صعب يرفضه الدين والأعراف بغط النظر عن دوافعه فان جميع الأديان وخاضتا الإسلام تحرم ما جرى وإذا كنا بعيدين وشاهدنا القليل فتأثرنا وارتفع ضغطنا وتكدرنا فتعا طفنا معه فما بالك من أهله ومحبيه ومؤيديه وشعبه ومن كان له عندهم شان.
أن السياسة ومن يسوسها قد زادت من قذارتها وآثامها... هذا أكيد يا أخي ......... ام محمود
البعض يريد اقتسام الكعكة العربية
و البعض الآخر يريد التهام الكعكة الايرانية
و كل ذلك بسبب تدهور الاقتصاد العالمي بسبب السياسات الهوجاء والمجنونة للقادة و منهم اوباما
امريكا واوربا تعانيان من أزمات شديدة واعتمادهم بات يعتمد على الغنائم العربية بعد تساقط الأنظمة المتتالي
أنظارهم تدخلاتهم توجهاتهم أحاسيسهم مشاعرهم دائما تتجه للمنطقة العربية ليس من أجل سواد العيون أو مساعدة الفقراء ومن فقدوا أعزاؤهم في الثورات وانما لوضع مخطط التفرقة والكراهية و للتدخل العسكري المشكوك فيه و جني الأرباح والمليارات
هل أصبحت أنظمتنا العربية، أكثر سوءًا من الاستعمار، فيُفضل الأخير عليها؟
نعم الانظمة العربية اكثر سوءا والدليل تمسكهم بالسلطة حتى الموت ويكفينا قول احد حكام بني العباس وهو هارون الرشيد الى ولده ((انت ابني ولو نازعتني في الملك لسلبت الذي فيه عينيك)) اي سيقطع راسه
وما دام الامر كذلك فلياتي غير المسلم ليحكمني اذا كان سينصفني ويعطيني حقوقي بدون نقصان فحاتم الطائي كان كافرا وقد حظي باعجاب صاحب الرسالة النبي محمد ولا زال مضرب المثل بين المسلمين لماذا ؟ لان صفة من الصفات الحميدة كانت فيه.وليذهب المسلم الى الجحيم اذا كان سيظلمني
الاستعمار الأجنبي عاد للدول العربية ولكن بأشكال و أثواب جديدة ... ام محمود
طوال السنوات التي مرت على عالمنا العربي لا نستطيع أن نقول اننا تخلصنا من الاستعمار بشكل جذري و نهائي .. الاستعمار والتحكم الغربي و النهب والتدخل المباشر من الغربيين كان موجودا و لم يتوقف في يوم من الأيام
هناك استعمار فرنسي - بريطاني - امريكي مستمر و دائم و مستوطن وهناك دمى لتنفيذ أطماع المستعمرين وهم زعماؤنا العرب و لهذا السبب الدول العربية لا تستطيع الوقوف على أرجلها و لا الدفاع عن نفسها الا بمساعدة جيوش الغرب
لا نلوم الليبيين لأننا لم نرى الجيش الليبي القادر على اسقاط نظامه
فلجأوا للناتو القذر