لا أجد أشدَّ ضررا على الأمم من تناقض قرارات أولياء الأمور، فالأب على سبيل المثال، إذا أمَر أمْرا فلابد للأم أن تتفق معه، وان كان هناك تعارض في شأن ما، فلا يتناقش رب الأسرة مع الأم أمام الأبناء، فيحاولان الاتفاق حتى لا يتشوّش الطفل بين الاثنين!

كذلك المدير في إدارته والوزير في وزارته، فإن تدخلت أطراف أخرى في قرار إداري أو وزاري فإننا نقول: على الدنيا السلام، لأن هذا التخبط بين هذا وذاك وبين الرئيس والمرؤوس، يؤدّي الى فشل الإدارة والوزارة.

موقف من مواقف هذه الدنيا، نستغرب من خلاله بمستوى ثقافة الناس، ومدى درجات فهمهم، إذ تقوم أنتَ بتطبيق قرار، ويتدخل الجميع من أجل كسر هذا القرار، من دون معرفة منهم بظروف المشكلة أو سبب العقاب، وتنتهي بمشكلة أخرى تبدأ قصتها عند زوجة الوزير أو المدير، اللتين لا دخل لهما في تطبيق القرار، إلا انهما صديقتا إحدى موظفات الوزارة أو الإدارة التي لم تُعجب بقرار أحدهم!

ليس هذا فقط، ففي بعض الأحيان يتم تهديد موظف ما بالتشهير به، عن طريق شبكة التواصل الاجتماعي أو مع المغرّدين في الشبكة الواسعة، ظنا من هؤلاء الصغار بأنهم «واصلين» في تلك الوزارة أو هذه، ولكأن الوزير ومدير الإدارة تحت السمع والطاعة، وليس لهم شأن كريم أو عمل أهم من هذه الترهات!

هناك غصة وإحباط لدى من يتفانون في العمل، لأنهم قدروا أهمية تطبيق قرارات وزارية من شأنها تعديل أثر خاطئ في المجتمع، ويتفاجأون عندما يهددهم قليل الشأن بكبير شأن حول مشكلة ما!

من الأمور الغريبة في هذه الدنيا أنك تكون مُحترما ولكنك تجد من لا يحترم نفسه فلا يحترمك، وتحاول بشتى الطرق عدم شخصنة قضايا معينة من أجل قضية عامة ذات قيمة كبيرة لديك أو لوطنك، ولكن للأسف تجد أن من لا يحترم القانون يتدخل في عملك دون أن تتدخل أنت في عمله!

لا يعلم البعض مدى تدهور الإدارات والوزارات عندما يتدخل الآخر في شأن غير شأنه وفي عمل غير عمله، فهم يسيئون لسمعة المدير والوزير وغيرهم ممّن تحمـَّل مسئولية ما، كُلـِّفَ بها لا شُرِّف بها، وفي تلك القصة الآنفة الذكر، نسمع أن ذاك المدير وذاك الوزير «تخبَّط شرًّا» ليقع على هاوية حادة مميتة والعياذ بالله. وجمعة مباركة