في ظل الوضع المتراكم من القضايا التي تزيد يوماً بعد آخر وإبقاء المشاكل تتفاقم دون وضع ضوابط، يعقد الموقف في تداولها ووضع الحلول لها إذا ما تشعبت وتجذرت. فهناك قضايا عديدة، لكننا سنركز على القضايا الأساسية المعقدة لوضع البلد والمهمة في الاستقرار لهذا الوطن الغالي.
من أهم هذه القضايا المؤثرة في النسيج الاجتماعي والأسري ما يتعلق بالتمييز بشتى أنواعه، الذي لم يستطع نواب الشعب على مدى ثلاثة فصول وضع قانون ينظمه ويجرم من يقوم بتفعيله، فالتمييز نعتبره الداء الذي ليس له دواء، ومن أبشع الأمراض التي عمت الكثير من المؤسسات والوزارات. ولأثره المدمر على المجتمعات البشرية خصصت له الأمم المتحدة يوماً باسم «اليوم العالمي لمكافحة التمييز العنصري». ولكن يؤسفنا القول، إنه أصبح ظاهرة سياسية مقيتة يتداولها الكثيرون كلقمة سائغة من غير تجريم، وبسببه تفاقمت الكثير من الأزمات وتضررت بسببه حياة كثير من الناس.
والمشكلة الأخرى قضية المفصولين التي كتب عنها الكثير، لكننا في هذا المقال نحذر من تداعياتها بعد أن تعقدت وطال أمدها، ونتج عنها أشواك تنغز في النسيج المجتمعي، كما أصبح لها أبعاد خطيرة يهدد السلم الأهلي والاقتصادي والأخلاقي. فإذا لم نتداركها بشكل سريع بإرجاع المفصولين إلى أعمالهم ورد اعتبارهم وحقوقهم المكتسبة، ستفرز عنها قضايا متسلسلة (Chain Cases)، لا نهاية لها منها تعميق حالات الكراهية وزيادة تشطير المجتمع واتساع حالات الفقر. كما سيتعمق حالة الاحساس بالغربة، فالفقر في الوطن غربة والغنى في الغربة وطن.
وهناك تأثير غير مباشر على اقتصاد البلد لضعف القوة الشرائية، وزيادة البطالة التي ينتج عنها أطفال محرومون من أبسط الحقوق، وأسر معوزة ومحتاجة وكل هذه الأمور تزيد من حالة الاحتقان ما يهدد الأمن والاستقرار. ومن الناحية الاجتماعية سيهيئ البيئة لزيادة حالات الجريمة والسرقات، وقد تزيد من حالة الغليان في الشارع إذا ما حرم الفرد من أبسط حقوقه في بلده، وهذه الحلقة ينتج منها حلقات ندور في أفلاكها ولا نخرج من شبكاتها وأزماتها.
وهناك قضية البعثات التي لم توضع لها ضوابط محكمة ما دفع البعض إلى التلاعب في مصائر الناس باستلاب حقوق المستحقين لهذه البعثات. هذه التراكمات من المشاكل لا تخدم البلد، بل تجعله على فوهة بركان. ونحن نستغرب، كيف يسمح للجنة بعثات وضع قوانين جديدة ارتجالية من غير دراسة أبعادها وأهدافها واستراتيجيتها في بلد تحكمه القوانين ودولة المؤسسات.
كلما قمنا بتأجيل المشكلات المذكورة وغيرها التي لم نستطع تداولها لقلة المساحة المتاحة لنا، تفاقمت وتزايدت، وسنصبح أمام مشاكل مستجدة، واحدة تلو الأخرى. فوجب علينا كي ينجو مركبنا من العواصف التي تقذفه ذات اليمين والشمال، أن نغير من فلسفتنا الحوارية ومنهجيته مع الشعب، ففلسفة الإقصاء والفصل والتهميش لم تجدي نفعاً، وتوجيه الحوار ليكون على أساس مبادئ العدل والمساواة بين الناس وتطبيق حكم القانون على الجميع، وتعزيز الممارسة الديمقراطية ودعمها، قد يفرز لنا حلولاً جذرية، يمكن أن تخرجنا من أزمتنا التي لا نرتضيها لبلدنا.
لو اتخذت الحكومة إجراءات صارمة فيما يتم التعامل به، واقترحت مرسوماً بقانون أو فعلت مشاريع القوانين بالتعاون مع البرلمان لتجريم الظلم والتمييز، لما سلبت حقوق مكتسبة ولما ضاعت حقوق.
لا نختلف بأن قوانين الدستور وميثاق العمل الوطني تتضمن الكثير من المواد الرائعة كالمساواة بين أفراد الشعب والحقوق العامة للمواطن، إلا أن كثيراً منها تطبق بشكل معكوس، ما جعل البلد يغرق في الكثير من المشاكل التي يصعب حلها بعد أن نتج عنها إفرازات خطيرة متشعبة ومتداخلة.
للأسف أن التمييز أصبح يسري في حياتنا اليومية كوجبة طعام نتناولها بشكل يومي، يتغذى عليها البعض ويدفع كلفتها البعض الآخر. فلذلك تتعالى صرخات المواطن الذي يعاني من التمييز، فينادي بالحرية ويصدح بصوت عالٍ لوقف هذا المرض المستشري على فئة من الناس، في بلد ما يزال يبحث عن المساواة والحقوق للجميع
إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"العدد 3337 - الأربعاء 26 أكتوبر 2011م الموافق 28 ذي القعدة 1432هـ
مقال رائعه
شكرآ على مقالك والله يتيك عافية.
لقد ابتلينا بظالمين
شكرا للكاتب على وعيه التام بأساس المشكلة
إن ما يحز في النفس هو ظلم ذوي القربى وخصوصا النواب والذي يفترض أن يكونو محايدين ويقفون مع المظلوم لا الظالم مهما بلغ الأمر حيث أنهم يشرعون للعدل ولكن نرى العكس فإنهم يسيئون الى المجلس باتخاذهم مواقف مجحفة بحق البشر لإنهموبحق المجلس نفسه من حيث يشعرون أو لا يشعرون كما يلحقون الأذى بسمعة البلد من هذه المواقف المضحكة.
اللهم إهدي قومي
ابراهيم
شكرًا لكم
Thanks alot and well done dear
احبج يا البحرين
و الغريب يا استاذنا ان من يعزز لهذا التمييز هو مجلس النواب الذين رفضوا قانون تجريم اللتمييز و الذين من المفترض ان يمثلون الشعب و يبحثون في مصلحته و مصلحة البحرين و لكن لقد اسمعت لو ناديت حيا لكن لا حياة لمن تنادي!
احبج يا البحرين
و الغريب يا استاذنا ان من يعزز لهذا التمييز هو مجلس النواب الذين رفضوا قانون تجريم اللتمييز و الذين من المفترض ان يمثلون الشعب و يبحثون في مصلحته و مصلحة البحرين و لكن لقد اسمعت لو ناديت حيا لكن لا حياة لمن تنادي!