العدد 3335 - الإثنين 24 أكتوبر 2011م الموافق 26 ذي القعدة 1432هـ

الدكتاتور يموت وحيداً دائماً

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من الأسئلة التي يطرحها الحدث الليبي بإلحاح: لماذا لم تصدر من داخل ليبيا أية اعتراضات أو أصوات احتجاج على مقتل معمر القذافي بالصورة الدامية التي شاهدناها... بينما جاءت الاعتراضات والإدانات والإشكالات من الخارج؟

ربما هو تقلّب الدول، وعامل الخوف من السلطة الجديدة يمنع مواليه من الظهور، في بلد خرج توّاً من تحت عباءة حكم تسلطي. ولكن المؤكد أن الدكتاتور الذي يعيش وحيداً في القمة، لا يتعطّف عليه أحد عند موته.

المجلس الانتقالي الليبي وجد نفسه محرَجاً، مع تكشّف مزيد من الأشرطة التي صوّرها الهواة، جنوداً مقاتلين أو مدنيين عابرين، ممن قضت الصدفة البحتة بوجودهم في ذلك المكان، في تلك اللحظة التاريخية الحاسمة.

حتى وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التي زارت ليبيا بصورة مفاجئة قبل يوم واحد من مقتله، وحامت حول زيارتها الشبهات، على أساس أن الاستخبارات الغربية كانت تترصّده وانتهت من تحديد مكانه، واعتبرت الزيارة إيذاناً بإطلاق رصاصة الرحمة على العقيد... لكن بعد ظهورها في شريط مصوَّر مبتهجةً لمقتله لحظة سماع الخبر، عادت أمس لتطالب المجلس الانتقالي بإجراء تحقيق شفاف، لتتدارك تصرفها الغرائزي الذي لا يليق بوزيرة خارجية دولة عظمى.

داخل ليبيا، كان مشهد الابتهاج حاسماً، فالدكتاتور لا يتعاطف معه أحدٌ من ضحاياه، كما رأينا في العراق وتونس ودول أخرى. وفي حالة مصر، كان حسني مبارك يمتلك جيشاً نظامياً، وجيشاً من الشرطة يقدر بمليون شخص، وعشرات الآلاف من الإعلاميين؛ وأربعة ملايين من أعضاء الحزب الحاكم... فأين ذهبت كل هذه الملايين؟ هل كانوا يكذبون عليه، أو يمالئونه وينافقونه، أم أن الدكتاتور يموت وحيداً دائماً؟

في بداية الثورة شهدت السفارات الليبية حركة انشقاق في عدد كبير من العواصم الغربية والآسيوية، توّجها إعلان وزير خارجية القذافي سابقاً، عبدالرحمن شلقم، الذي أعلن ذلك من على منبر الأمم المتحدة حيث كان يمثله. وقبل شهرين نشرت «الحياة» لقاءً معه في حلقات، وادعى في إحداها أنه خاطب القذافي في آخر لقاء معه بقوله إن «البلد ضائعة وأصبحت جيفة والدود يخرج منها»، فأجابه: «عندما أتينا للسلطة الذي كان لديه خمسة أشخاص أصبح لديه خمسين، كل شخص انحرف، الذي لم يكن (يخمر) أصبح الآن (يخمر)، الذي لم يكن يزني أصبح يزني، الذي لم يكن يسرق أصبح يسرق».

شلقم قال عن وزير دفاع القذافي الذي قتل معه، أبوبكر يونس: «كان نظيفاً لكن أولاده ورطوه في الفساد حتى أصبح أكبر الفاسدين». وذكر قصة تنصيبه «ملك ملوك أفريقيا»، وكيف صنع لنفسه تاجاً وأساور وخواتم، ليُرِيَ العالم أنه «رجل غير مسبوق في التاريخ»! وكيف صدم هذا المنظر الليبيين حتى كان أحد أسباب الثورة ضده بعدما فقد الليبيون أي أمل بإصلاحه، وأخذوا ينظرون إليه باعتباره مريضاً شاذاً، وإنساناً مجنوناً أو أهبل، وكان الإيطاليون يقولون عنه إنه «ممتلئ بذاته كالبطيخة»!

قائمة المنشقين عن القذافي كانت طويلة، بمن فيهم مدير مخابراته موسى كوسا، الذي كان يعذّب السجناء بنفسه وتطالب بمحاكمته منظمات حقوق الإنسان. حتى زملاؤه في «مجلس قيادة الثورة»، مثل عبدالمنعم الهوني، ونائبه الأول عبدالسلام جلود الذي أجّلت «الحياة» نشر مقابلته حتى نهاية هذا الأسبوع.

ليس هناك دكتاتور يعيش سعيداً، فلذلك يعيش ويموت وحيداً، ولا يحزن لموته أحد

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3335 - الإثنين 24 أكتوبر 2011م الموافق 26 ذي القعدة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 29 | 10:30 ص

      قال الامام علي عليه الســــــــــــلام : إن من السنين سنوات جوادع , تجدع فيها عطارفة و هراقلة . (أي تقضي فيها على جبابرة الحكام ) ... ام محمود

      قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
      تكون فتنة ثم تكون جماعة ثم تكون فتنة ثم تكون جماعة ثم فتنة تعوج فيها عقول الرجال حتى لا يكاد يُرى رجل عاقل.
      وقال أيضا: ويح هذه الأمة من ملوك جبابرة كيف يقتلون و يخيفون المطيعين إلا من أظهر طاعتهم فالمؤمن التقي يصانعهم بلسانه و يفر منهم بقلبه فاذا أراد الله عز وجل أن يعيد الإسلام عزيزا قصم كل جبار عنيد و هو القادر على ما يشاء ليصلح الأمة بعد فسادها ..

      ما حدث للزعماء المفسدين والظالمين واللاعبين بالاموال والثروات وأرواح الناس يستحقونه بسبب سوء عملهم الدنيوي

    • زائر 28 | 8:36 ص

      لم يترك مجالا

      للتعاطف معه ماذا فعل القذافي من خير لنتعاطف معه اتمنى شخص يذكر لي حسنة للقذافي وشكرااا

    • زائر 27 | 5:35 ص

      لو فعل العراقيون كذلك؟

      ليس أسفاً عليه...فقد تكون الكتبة الإلهية أن تكون نهاية القذافي بهذه الطريقة لما فعله من ظلم برغم من تحفظاتنا البشرية وطريقة التمثيل به بعد قتله بما لا يتوافق مع انسانيتنا وديننا وأخلاقنا، ولكن أين القرضاوي وأمثاله ممن خرجوا بثوب الحداد على صدام وراحوا يترحمون عليه رغم تاريخه من الظلم والطغيان؟ لقد أثبت العراقيون تحضرهم فهم لم يذلوا صدام برغم ما يستحق بثوب السجناء كما هو حال حسني مبارك ولا ذبحوه كالجرذان كالقذافي..ولو فعلوا لقامت الدنيا ولم تقعد من أجل صدام الطاغية!

    • زائر 25 | 4:35 ص

      موقف كلينتون

      اان اللي قهرتني كلينتون، اول يوم قامت تضحك مستانسة ولكن بعدما صدرت الانتقادات لقتل القذافي بهذه الصورة تراجعة وسوت روحها دبلوماسية.

    • زائر 24 | 4:33 ص

      لو فعل العراقيون كذلك؟!

      ليس أسفاً عليه...فقد تكون الكتبة الإلهية أن تكون نهاية القذافي بهذه الطريقة لما فعله من ظلم برغم من تحفظاتنا البشرية وطريقة التمثيل به بعد قتله بما لا يتوافق مع انسانيتنا وديننا وأخلاقنا، ولكن أين القرضاوي وأمثاله ممن خرجوا بثوب الحداد على صدام وراحوا يترحمون عليه رغم تاريخه من الظلم والطغيان؟ لقد أثبت العراقيون تحضرهم فهم لم يذلوا صدام برغم ما يستحق بثوب السجناء كما هو حال حسني مبارك ولا ذبحوه كالجرذان كالقذافي..ولو فعلوا لقامت الدنيا ولم تقعد من أجل صدام الطاغية!

    • زائر 23 | 4:23 ص

      لو فعل العراقيون كذلك؟!

      ليس أسفاً عليه...فقد تكون الكتبة الإلهية أن تكون نهاية القذافي بهذه الطريقة لما فعله من ظلم برغم من تحفظاتنا البشرية وطريقة التمثيل به بعد قتله بما لا يتوافق مع انسانيتنا وديننا وأخلاقنا، ولكن أين القرضاوي وأمثاله ممن خرجوا بثوب الحداد على صدام وراحوا يترحمون عليه رغم تاريخ من الظلم والطغيان؟ لقد أثبت العراقيون تحضرهم فهم لم يذلوا صدام برغم ما يستحق بثوب السجناء كما هو حال حسني مبارك ولا ذبحوه كالجرذان كالقذافي..ولو فعلوا لقامت الدنيا ولم تقعد من أجل صدام الطاغية!

    • زائر 17 | 3:25 ص

      من يصفق للعار..

      العجب كل العجب من يتملق للطغاة حتى بعد الموت ويظل يتشدق به وبأفعاله الشنيعة رغم كل الاهات والويلات طوال تلك السنين العجاف-وأصدق ما يفسر ذلك الظاهرة إلا مصداق الحديث الشريف"من أحب عمل قوم حشر معهم" وبئس المصير!!!.

    • زائر 15 | 2:38 ص

      هكذا هم العرب

      هكذا نحن العرب نمجد المشهورين حتى لو كانوا قتلة ، بينما لا يهمنا مقتل الآلاف من الأبرياء ، ونترحم على الطغاة حتى لو قتلوا الملايين ، بينما لا نذكر الفقراء والمعدمين والمشردين والمسحوقين والمسجونين العشرات من السنين من قبل الزعماء والمشهورين ..وا أسفاه على أفكار العرب وطريقة نظرتهم للأمور ...

    • زائر 14 | 2:25 ص

      نشكر الكاتب ونتمنى المزيد

      انه لمن الطبيعي أن الضحايا لأتتعاطف مع الجلاد ولأكن السؤال من أوصل الرجل وأعطاه جميع الألقاب: المناضل: المنقذ المجاهد لوطنه :صاحب العفة والحكمة ومنا من بالغ فإلهه وعبد الحاكم إلى أن أوصله ,إلي درجة الطاغية : وبعدها غير الأسماء فأصبحا القاتل :السارق الناهب :الدكتاتور الفرعوني الم تكن الشعوب نفسها التي رضت لنفسها بالذل طوال هذه السنيين, فبعدان يطيح هد وذاك ويصبح أسير في يد أحفاده ونامن شره وجبروته نقول فيه مانريد بل نزيد علي مافيه ولأ أرتكبه بعيدين عما عمله من حسنات وتضحيات فانه النفاق فكلنا ياعرب

    • زائر 13 | 2:12 ص

      لا عزاء للدكتاتور

      يعيش تعيسا ويموت ملعونا ويفرح لموته الملايين.

    • زائر 12 | 1:59 ص

      نعم كل دكتاتور يعيش ويموت وحيد . أكيد

      أبوالهواشم : تذكرني بأحد مدرسي مادة التاريخ وهو المدرس الوحيد الذي لم يتعامل قط بالصراخ أو حتى كلمة رجاء سكوت ولم يحصل أن قال أحد الطلبة أعد يا استاذ لأن طريقة طرحه سلسة ومقنعة وتدخل القلوب قبل العقول والقضية ليست سرد وإنما هي كيفية الطرح , وانني حين أقرأ مقالاتك أتصور نفسي أمام ذلك العملاق رحمه الله وأقول لن تخلى الساحة من أرباب العقول الشريفة والنفوس الطيبة المتواضعة. وأنني لأستغرب لمن يقرأ لك ويعرض عن ما المضمون فقط من أجل العناد والمكابرة . خلاصة مقالك اليوم كل دكتاتور يعيش ويموت وحيد. أكيد

    • زائر 10 | 1:17 ص

      لا يتعظ الإنسان

      هل يتعض بقية الرؤساء من مثل هذه الحوادث ؟ أم أنها لحضة مؤقتة وينتهي الأمر بالنسيان؟ عندما ندفن الميت ينتابنا خوف ونقرر في ذات الساعة أننا سنتجه إلى الله وسوف نترك ملذات الدنيا ولكن بعد ساعتين نعود كما كنا وكأن شيئا لم يكن ، وحال الرؤساء هكذا يحزنون ويقررون تعديل أوضاع مواطنيهم وبعد يوم ينسى ما حصل بالأمس. هي الدنيا كذلك

    • زائر 9 | 12:55 ص

      كلامك صحيح و لكن

      نعم يا سيد لا أحد يشفق على الدكتاتوريين عندما يسقطوا خصوصاً عندما تتطلخ أياديهم بدماء مئات الأبرياء. و لكن مقتل القذافي بهذه الطريقة هو عار على الثوار الليبيين الذين قد خرجوا من أجل إرساء قواعد دولة حق و ديموقراطية فالقذافي كان أسيراً لديهم و كان من المفترض أن يحاكم و أن يعامل معاملة أسير. المشكلة ليست في أن القذافي يستحق معاملة الأسير كقاتل أو لا. المشكلة هل الليبيين قادرون على إقامة دولة حق و عدل إذا كان الغضب و العواطف من يقرر إتخاذ الموقف؟؟

    • زائر 8 | 12:46 ص

      صح لسانك

      الى الامام دائما

    • زائر 7 | 12:44 ص

      وتطارده اللعنات كلما جاء ذكره.. ويلقى عذاب شديد في قبره وفي الآخرة حهنم وبئس المصير..

      ليس هناك دكتاتور يعيش سعيداً، فلذلك يعيش ويموت وحيداً، ولا يحزن لموته أحد

    • زائر 6 | 12:41 ص

      إنها .................

      إياك وظلم من لا يجد عليك ناصرا إلا الله

    • زائر 5 | 12:40 ص

      كيف حكم ليبيا ؟؟ وكيف قبل الليبيون به ؟؟ اسئلة محيرة.

      هو فعلا شخص مريض وشاذ ومجنون وأهبل، و «ممتلئ بذاته كالبطيخة»!
      .
      كان يعتقد ان شعبه كله يحبه ومستعد يموت دفاعا عنه
      .
      حقا إنه مصاب بمرض مزمن... وكيف لا يصاب به بعد 42 عالم من التأليه والتقديس.
      .
      وهو يقتل كان يقول لقاتليه من الشعب "أنا أبوكم أنا قائدكم".
      .
      بنعلي في الآخير فهم الشعب التونسي، لكن القذافي لغبائه الشديد وهبالته وغطرسته الغبية، مــــــــــــات ولم يفهـــــــــــــم الشعب الليبي.
      لماذا الغباء وعدم فهم الشعوب العربية ؟؟

    • زائر 4 | 12:33 ص

      سيدنا هذا امر ربك

      ياتيهم الموت ولو هم في بروج مشيده مو في بيب مجاري هذا اجله ولو اجتمع العالم باسره عشان يمدده يوم واحد مايصير

    • زائر 3 | 12:20 ص

      المصلي

      هذه سنن الحياة والعبرة لمن يعتبر ( ولاتحسبن الله غافلا عم يعملوا الظالمون) ( وسيعلموا الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين ولا عدوان الا على الظالمين ) اما قول الشاعر فحكيم لاتظلمن اذا ماكنت مقتدرا فالظلم يرجع عقباه مع الندم تنام عيناك والمظلوم منتبها يدعو عليك وعين الله لم تنمي عسى ان يكون القدافي وصدام واضرابهم ممن شملهم العقاب الدنيوي قبل العقاب الرباني ان يكون درسا للبقية الباقية من طواغيت الأرض وأن يتصالحوا مع شعوبهم بحوار جاد وهادف للخروج باوطانهم الى البناء والتقدم والرقي

    • زائر 1 | 11:29 م

      من قمة الجبل الى المنحدر

      الدنيا بالية حشم وخدم وغطرسة بلا حدود والنهاية ذل وموت على ايدي المظلومين من شعوبهم .

اقرأ ايضاً