أظهرت الاضطرابات في شوارعنا هذا الصيف لنا أهمية الانخراط مع الشباب في بلدنا. يمثّل النظام التربوي فرصة مثالية لعمل ذلك في سن مبكرة. وبالطبع، سيطر تعليم الشباب في المملكة المتحدة على العناوين مرة أخرى أثناء مؤتمرات الحزب السياسي الأخيرة في المملكة المتحدة.
نادى زعيم حزب العمال إد ميليباند، على سبيل المثال بسقف أقل انخفاضاً على الرسوم المدرسية، وتحدّث نائب رئيس الوزراء نيك كليغ عن ضخ 2.5 مليار جنيه أسترليني في Pupil Premium، وهو برنامج تموّله الحكومة يستهدف الأطفال الأقل حظاً. ولكن في الوقت الذي يناقش فيه السياسيون كيفية جعل التعليم أسهل وصولاً، يجب ألا يبتعد نظرنا عن القضية الأهم: نوعية التعليم وهدفه.
يعتبر ما شهدناه أثناء الاضرابات بالنسبة للكثير من الناس مزعجاً بشكل خاص بسبب العدمية التي تقشعرّ لها الأبدان التي أظهرها الكثير من المشاركين، ولكن كيف يمكنك التواصل مع شخص يثمّن سرقة زوج جديد من الأحذية أكثر مما يخاف من احتمالات دخوله السجن؟ يؤدي هذا المنظور في نهاية المطاف إلى تدمير الذات وفقدان كبير للاحتمالات الكامنة لدى جماعات كبيرة من الشباب.
لم ترتبط الاضطرابات بالأصول العرقية، ولكنها توفر فرصة للمجتمع ليفكّر ويبحث في اهتمامات هؤلاء الذين لا يحصدون فوائد التعليم.
يكمن أسلوب معالجة هذه المسألة في المشاركة والتواصل مع شبابنا. على رغم عيوبه، لدينا نظام تعليمي عظيم في هذا البلد، لسوء الحظ أن الكثير من الأسر، وخاصة هؤلاء الذين ينتمون إلى أقليات عرقية، فشلوا في الاستفادة من هذه الفرص التي يقدمها النظام التعليمي. على سبيل المثال، وفي بعض الأسر من جنوب آسيا، تقع الحياة المهنية بعد التعليم بالنسبة للبنات أسفل سلم الأولويات عند أهلهن.
في محاولة لمجابهة هذه المشكلة، عملت مع إحدى مؤسسات الأمير تشارلز الخيرية وهي موزاييك. نقوم بإرسال مجال واسع من المهنيين وأصحاب الأعمال المبدعين إلى المدارس في كل أنحاء البلاد لرعاية وإرشاد أطفال تلاميذ أثناء الفصل الدراسي. من الأمور الحاسمة في البرنامج أن الكثير من هؤلاء المهنيين والمبدعين يأتون من خلفيات مماثلة للتلاميذ الذين يقومون برعايتهم وإرشادهم. لذا، وعلى سبيل المثال، تجري توأمة تلاميذ مسلمين صغار من الأقل حظاً مع مرشدين من خلفيات مماثلة، تطوروا لتحقيق الكثير في حياتهم.
خلال السنة الدراسية يقوم الصغار باتباع برنامج مهيكل من الانخراط في العمل مع مرشديهم بهدف تعزيز ثقتهم وشعورهم بالإيمان الشخصي والمهارات التي ستساعدهم على النجاح في دراستهم وفي عملهم. تم ربط تلميذ تعمل معه موزاييك، على سبيل المثال، تم ربطه أخيراً مع شركة خدمات مالية مركزها في المدينة يعمل متدرباً خلال الصيف. كانت عملية التدريب ناجحة، وأظهرت له قيمة التعليم الجيد، إضافة إلى الاحتمالات الكامنة لنجاحه في العمل. كنتيجة مباشرة لذلك، حصل التلميذ على مكان في الجامعة، وهو أمر لم تكن مدرسته تتوقعه.
يُستَخدم الإرشاد المهني والتدريب في عالم الأعمال بشكل متزايد لزيادة أداء الموظفين على كل المستويات. فائدته الجوهرية زيادة الوعي الذاتي، وهي خاصية غالباً ما يتم تجاهلها، ولكن قام علماء النفس المعاصرين والفلاسفة القدماء بتقييمها لأنها تشكّل مكوناً أساسياً للتطوير الذاتي.
يبدأ التلاميذ، بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية، من خلال الحصول على سعي الوصول إلى شخص يستغل الوقت لينصت لهم ولاهتماماتهم ومخاوفهم وإحباطاتهم ويعمل معهم للتغلب عليها، يبدأون بالشعور بالتمكين والإلهام لتحقيق إمكاناتهم الكامنة.
استطعت من خلال عملي اليومي وانخراطي مع موزاييك أن أرى قيمة الاستثمار في العنصر البشري كل يوم. أصبحت أرى علاقة مباشرة بين رعاية وإرشاد التلاميذ اليوم، ووجود مستوى من المواهب التي يحتاجها اقتصادنا غداً لتحويل مجتمع صحي تنافسي بالكثير من الفرص التي يمكن للأعمال فيها أن تزدهر، ليس فقط في المملكة المتحدة وإنما في أماكن أخرى في العالم حيث يمكن للشباب أن يستفيدوا من برنامج كهذا.
على رغم أن النوافذ التي تكسرت في اضطرابات المملكة المتحدة قد تم إصلاحها، إلا أن العمل على بناء احتمالات إيجابية لأجيالنا المستقبلية في اقتصاد عالمي مازال باقياً. وأنا أعتقد أن الرعاية والإرشاد من خلال منظمة مثل موزاييك هي أسلوب فاعل وكفؤ جداً لعمل ذلك.
وبعيداً عن هدف بعيد الأمد كهذا، فإن أحد الأمور الأكثر مكافأة من وجهة نظر شخصية هو السعادة التي أشعر بها عند رؤية طفل صحا على شعور جديد بالهدف. في هذه الأوقات المضطربة اقتصادياً، تشكّل رعاية التلاميذ وإرشادهم بالتأكيد مهمة تعطي مردوداً جيداً على الاستثمار
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 3335 - الإثنين 24 أكتوبر 2011م الموافق 26 ذي القعدة 1432هـ