شاب آخر حضر الاجتماع التأسيسي الأول الذي دعا إليه «مرزوق» واسمه يوسف، يبلغ من العمر 19 سنة، ولذلك فهو غير مخول له التصويت في الانتخابات... وقد حاول الانتماء إلى جمعية تدافع عنه، وسمع من مرزوق أنه سيسعى لتأسيس جمعية من لا برج لهم فاعتبر هذه الجمعية تشمل من «لا حظّ لهم» أيضاً.
يوسف المسكين تخرج في الثانوية وأخذ الدبلوم ومازال يبحث عن عمل من دون حظ... فعندما يذهب إلى شركة تطلب منه شهادة خبرة، وعندما يذهب إلى وزارة يُطلب منه الالتحاق بطابور المتقدمين الذي لا يستطيع أحد اختراقه إلا إذا كانت لديه وسائل خارقة... حاول يوسف أيضاً تأسيس عمل خاص به إلا أنه اصطدم بقضية السجل التجاري والحصول على رأس مال. فهو من ناحية لا يستطيع توظيف دراسته الثانوية أو الدبلوم في تأسيس عمل في السوق لأن تلك المناهج لم تصمم أساساً لتمكين أشخاص من تأسيس أعمالهم التجارية الحرة. ومن ناحية أخرى فهو لم يستطع أقناع حتى والدته - التي تحبه - ولو بفكرة واحدة من الممكن أن تنجح وتربح. وكانت والدته قد اقترحت عليه مهنة «الحلاقة» لأنه عادة يرفض الذهاب إلى الحلاق «الهندي» ويفضل حلق نفسه بنفسه ويعتبر تلك الحلاقة أفضل من حلاقة الهندي، كما انها توفر له بعض المال الذي هو أحوج الناس إليه. الا انه اعتبر هذا الاقتراح إهانة له، ورفض رفضاً باتاً الدخول في حوار معها أو مع غيرها حول أي اقتراح من هذا النوع.
أحس يوسف بأنه تعيس حظ أيضاً عندما لم يستطع التصويت في الانتخابات البلدية ولأنه لن يصوت أيضاً في الانتخابات النيابية ولن يفيده إن قال إنه سيقاطعها أو سيشارك فيها لأنه دون السن القانونية.
ومنذ ذلك الحين ويوسف يفكر في تعاسة حظه واعتبر عدم الاعتراف بصوته إهانة أشد من إهانة أمه له عندما اقترحت عليه مهنة الحلاقة.
ظل يوسف يفكر ويقلب الأوراق ليجد سبباً واحداً مقنعاً يمنعه من الإدلاء بصوته. فهو يعتبر نفسه أفهم من بعض الذين رشحوا أنفسهم، لانه يقرأ الصحف ويتابع الشئون السياسية كل يوم على مواقع الإنترنت سواء التي طالها قرار الإغلاق أو التي لم يطلها ذلك القرار.
طَرَحَ الأسئلة مراراً وتكراراً ولم يجد لها جواباً شافياً يقتنع به. إلا أنه وفي إحدى المرات التي قابل فيها مرزوق وجد بصيص أمل في الحل.
فمرزوق كان مشغولاً بالبحث عن أشخاص يشاركونه تأسيس جمعيته وصادف أن سمع يوسف يشتكي فقال له: «كلنا بلا حظوظ في هالدنيا ولازم نتوحد مثل ما توحدوا غيرنا وحققوا ما يريدون».
أعجب يوسف بما قاله مرزوق وسارع إلى حضور اجتماع التأسيس، ومن شدة إعجابه بما قاله مرزوق لم ينطق بكلمة واحدة أثناء تلك الجلسة على عكس عادته. ولكنه ومع قرب نهاية الجلسة شعر أنه سينفجر من القهر بسبب ما سمعه من أحاديث «المؤسسين» الا انه قرر السكوت مؤقتاً حتى لا يرفضونه كما رفضه قانون الانتخابات
إقرأ أيضا لـ "حظك يا مرزوق"العدد -6 - الثلثاء 03 سبتمبر 2002م الموافق 25 جمادى الآخرة 1423هـ