العدد -5 - الإثنين 26 أغسطس 2002م الموافق 17 جمادى الآخرة 1423هـ

مهرجان عجايب صيف البحرين... طيبين و حرانين وبنتفرج!!

ظاهرة تلفزيونية لم تسعفها «ليليان» في تحقيق الاستقطاب

لم يكن صيف البحرين للعام الجاري بدعاً بين آلاف مواسم الصيف التي مرت على البحرين منذ بدء الخليقة، ولعل من أبجديات صيف البحرين أن حرارة طقس البحرين تبلغ أوجها في شهر أغسطس/آب، ومتجاهلاً حقائق الجغرافيا والتاريخ وأبجديات البيئة البحرينية أصر مجلس التنمية الاقتصادية إلا أن يعقد مهرجان عجايب صيف البحرين في عز «حر البحرين».

و كما تقول ليليان: «طيبين وحلوين وبنحبكم وبنترجاكم تزوروا صيف البحرين»... ليليان معها كل الحق في رجائها للجميع بل وتوسلها لزيارة مهرجان البحرين فلم يبق إلا التوسل لإقناع الناس بزيارة لهيب البحرين!!

مجلس البحرين للتنمية أصر على إيلاء صيف البحرين لشركات أجنبية من العلاقات العامة إلى التنظيم، فمطرب الحي لا يطرب، ومتساوقا مع أفكار المنظمين وعقليتهم الغربية؛ جاءت فعاليات صيف البحرين أوروبية الوجه واليد واللسان، تلك النكهة الأوروبية تبلورت في رمز المهرجان أو تعويذته (الدولفين محبوب) حيث يمكن أن نفهم أن يكون احد اسماك الكنعد أو الشعري أو حتى المتوت بقليل من التطوير ومهارات مصممي الجرافيك تعويذة لصيف البحرين، فتلك الأسماك أسماكنا، لا الدولفين ولو أسميناه «محبوب»!! ولعل عجائب صيف قطر كانت أكثر تفوقاً في اختيار المها تعويذة لمهرجانها حيث يبقى المها قطرياً حتى النخاع.

ما هو حصاد المهرجان الدفتري؟ ما هي حصيلة المهرجان؟ ماذا نجح المهرجان في أن يحقق؟ وماذا أضاف المهرجان إلى البحرين؟ تلك هي الأسئلة المفتاحية التي لا ينفك يسألها المتابعون للمهرجان.

حسب مدير التسويق والعلاقات الدولية بمجلس التنمية الاقتصادية مازن مطر حقق صيف البحرين زيادة في الأعداد الاعتيادية الزائرة للبحرين في مثل هذا الموسم بنسبة 10 في المئة، وقال استقطبت البحرين - لعله بفضل المهرجان - بين 60 و70 ألف زائر خلال الشهر الأول من المهرجان الذي بدأ مطلع يوليو/تموز ويختتم نهاية أغسطس الجاري، لكن الإحصائيات - التي يتكتم عليها مجلس التنمية الاقتصادية - لا تثبت نجاحاً للمهرجان، كما لا تثبت فشلاً فلا إحصائيات متوفرة ولا الوصول إليها متيسراً.

وبرغم وعود مجلس التنمية بمد الصحافة بالإحصائيات مع انتهاء الشهر الأول من المهرجان (نهاية يوليو/ تموز) إلا أن وعودها تبخرت مع حرارة صيف البحرين، وفي اتصالات هاتفية متعددة مع المجلس ومع شركة العلاقات الوكيلة عن المهرجان كانت ردود المسئولين: «سنعلن الإحصائيات متى انتهى المهرجان وفي مؤتمر صحافي مفتوح»!!.

التخطيط... ثم التخطيط... ثم التخطيط... هذا ما افتقده المهرجان فلا أحد يعلم من هي الفئة المستهدفة بالمهرجان، ولا أحد يعلم هل يتوجه المهرجان للبحرينيين أم الخليجيين أم العرب أم الأجانب، ولا أحد يقول لنا ما هي الاستقطابية التي يمكن أن يتمتع بها عجايب صيف البحرين وسط زوبعة المهرجانات العربية المتزايدة يوما بعد يوم... ماذا يميز عجايب هذا الصيف حين يقارن مع مهرجان «جدة غير»، أو «مفاجآت صيف دبي»، أو مهرجان سوريا «ملتقى الحضارات»، أو «مهرجان صيف لبنان»، وأخيراً مهرجان «عجايب صيف قطر» الذي نبت فجأة ودون سابق إعلام؟!

وسط زوبعة تلك المهرجانات يجيء صيف البحرين حارا على غير المعتاد، لكن حرارة الأربعة ملايين دينار التي رصدت للمهرجان لم تسهم في إنقاذ مناخه الذي حقق 10 في المئة زواراً زيادة على المعتاد، يعني 6 آلاف زائر. ولم نعرف بعد - ولعل المجلس ذاته لا يعرف- فئات أولئك الستة آلاف زائر من الداخل أو من الخارج، هل جاءوا إلى البحرين عرضا أم استهدفوا المهرجان قصداً؟

حرارة صيف البحرين لم تصب المهرجان في مقتل فحسب، فمن أتيحت له فرصة التفرس في وجوه أعضاء مجلس التنمية في لقاء ودي مع الصحافة المحلية نظمها مجمع السيف أخيراً، يعرف تواً أن حرارة الإحباط انتقلت إلى المنظمين أيضاً.

المنهج التبريري الذي تحدثوا به يقول بوضوح إن حر البحرين قضى على مهرجان البحرين... التبريرات تنوعت بين «فشل المهرجان السابق أثر على سمعة الحالي»... «نحن لا نزال في البداية»... «الفعاليات كانت أجنبية لأنه لم تتوافر أي فعالية عربية يمكن أن نستقطبها»... «لم يهدف مهرجاننا الحالي لتحقيق أرباح بل للتأسيس». لماذا لا نختصر كل هذا الكلام ونقول اننا فشلنا في وضع لبنات تأسيسية منافسة لمهرجانات قريبة جغرافياً منا.

نكهة مهرجان صيف البحرين اختفى منها أدنى طعم بحريني، العروض كانت أجنبية بالكامل ولم تسعفها الدعاية و الإعلان المحرر بصيغة «الأفضل والأكبر والأروع»، فكيف سيستقطب المهرجان زواره - و هو يتوجه إلى العائلات البحرينية والخليجية - مع تقديم فعاليات مثل عروض برنامج شارع السمسم، وبترويج شخصيات هزلية مثل: بيغ بيرد، إلمو، غوفي، كوكي مونستر، من خلال عرض ترفيهي للأطفال، أو فعالية الدب في البيت الأزرق الكبير وهو برنامج أطفال تليفزيوني يبث على قناة ديزني. هذه الفعاليات التي لم تستقطب غير تلاميذ المدارس الخاصة الوطنية والأجنبية ذوي الثقافة الأوروبية التي تمكنهم من التفاعل مع شارع السمسم!

بل ما الذي طرحه من جديد سيرك الأحلام الذي قدم مزيجا من استعراضات الأداء، الدراما، والأكروبات؟

وما الذي يميز فعالية عالم الخيال وما قدمه الفنان هراري طوال أسبوعين ضمن فعاليات المهرجان معتمدا على الخدع البصرية.

أو عروض أرض الألعاب للإنسان الآلي، ودمى الخزف العملاقة.

بل وما الذي أضافه من جديد مجمع الفضاء؟

أولى أخطاء المهرجان الذي استغرق المجلس ستة شهور في الإعداد له - يراها أعضاء المجلس غير كافية - كان تحديد أسعار الدخول للمهرجان، وتحت ضغط الانصراف الجماهيري عن المهرجان تم تخفيض أسعار تذاكر فعاليات المهرجان.

ومن العجيب إصرار مجلس التنمية الاقتصادية على التأكيد مرارا وتكرارا أن هدف المهرجان ليس تحقيق الأرباح!

وإذا لم يكن هدف المهرجان هو تنشيط السوق المحلي وتحقيق أرباح غير مباشرة وتحفيز صناعة السياحة، إذن لماذا نقيم من الأساس مهرجانا لعجائب البحرين؟ وعلى هذا: هل نصنف المهرجان ضمن جهود العمل التطوعي الأهلي على سبيل المثال؟!

وهل تكون على ذلك الأربعة ملايين دينار التي رصدت للمهرجان موازنة للعمل التطوعي؟!

وعلى أي حال يبقى المهرجان ظاهرة تلفزيونية لم تنجح حتى صاحبة: «طيبين حلوين وبنحبكم» في إسعافه من ضربة شمس حر البحرين

العدد -5 - الإثنين 26 أغسطس 2002م الموافق 17 جمادى الآخرة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً