العدد -5 - الإثنين 26 أغسطس 2002م الموافق 17 جمادى الآخرة 1423هـ

نشارك أم لا نشارك... ليس هذا السؤال

مناظرات «الوسط»: الدخول في الانتخابات النيابية

يدور جدل كبير في الساحة الوطنية حول جدوى المشاركة في الانتخابات النيابية القادمة على ضوء صلاحيات مجلس الشورى المعين والذي يتساوى أعضاؤه وأعضاء المجلس النيابي المنتخبين في العدد والصلاحيات، الأمر الذي يصفه المؤيدون للمشاركة بأنه حل بين حلين لتخفيف الصدام المحتمل بين البرلمان والحكومة، بينما يعترض عليه المتحفظون والمعارضون لدخول التجربة بأن ذلك يجعل من المستحيل على أعضاء المجلس النيابي تمرير أي قانون دون موافقة الحكومة.

وفي وسط هذه التجاذبات نظمت «الوسط» مناظرة بين الشيخ عبدالرحمن عبدالسلام، وهو من المؤيدين للمشاركة في الانتخابات النيابية، مع المحامية جليلة السيد وهي منتقدة للصلاحيات المعطاة لمجلس الشورى المعين في مقر جمعية المهندسين البحرينية في الجفير وذلك لطرح وجهتي النظر ومناقشتهما في جو هادئ يؤمن بتبادل الآراء.

«حجمنا» مقارنة بالآخرين

* «الوسط»: ما مبررات المشاركة في الانتخابات النيابية القادمة خصوصا وأن عددا من المنتديات الوطنية أخيراً لوحت بالمقاطعة؟

- الشيخ عبدالرحمن عبدالسلام: من المبررات أدبيا أن نقر بأن هناك إصلاحات، فلولا وجود الإصلاحات لما أتيحت لنا الفرصة للنقاش حول هذا الموضوع المهم وطرح آرائنا بحرية.

وعلى رغم أن الإصلاحات الحالية أقل من السقف الذي كنا نطمح إليه؛ فإن هذا لا يعني عدم وجودها من الأصل، فضلا عن ذلك، فإن المصالحة الوطنية والسياسية تعتبر الجزء الأهم في هذه الإصلاحات التي تستحق أن تحتل جزءاً كبيراً من ذاكرتنا حينما نريد أن نطلق قرارنا في المشاركة. فقد تم إطلاق جميع المعتقلين السياسيين بم فيهم المدانون، وتعويض عدد كبير من الشباب الموقوفين عن فترة الوقف عن أعمالهم، وكذلك إعادة جميع المبعدين إلى وطنهم.

* «الوسط»: هل تقصد مكافأة النظام على هذه الخطوات بالمشاركة؟

- الشيخ عبدالسلام: لا أقصد المكافأة! ولكنني أقصد أن على قرار المشاركة أو المقاطعة أن ينظر للخطوات الايجابية الماضية من الإصلاح، وعلى ضوئها إصدار قرار في ذلك.

وكذلك ينبغي علينا أن نعلم من نحن كوطن صغير في منظومة العالم، ومستوانا من الديمقراطية، فليس من الإنصاف أن نصطف مع الدول التي لديها من التجارب والخبرة ما يفوق المئتي سنة، فنطلب أن تطبق الديمقراطية كما هي في الغرب بنفس المفاهيم وبنفس استيعاب الشعب والمسئولين لها! ولابد لي من تحديد مستوى الديمقراطية التي أريدها.

كما أنه ليس من الصواب أن تجزم المعارضة في أي بلد كانت بصحة ومنطقية وواقعية كل مطالبها، فيجب أن تضع المعارضة في حسبانها احتمال أن يكون هناك جزء خاطئ من معتقداتها، ولنستفد من مقولة العلماء «رأيي صواب ويحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ ويحتمل الصواب».

ومن الواجب أن نستفيد من تجاربنا وأخطاء الغير ولاسيما في المنطقة بالذات. وأرى بأن من يعزف عن المشاركة في الانتخابات - وإن كان حقاً دستوريا - هو واحد من ثلاثة: فإما جاهل أو متكاسل أو معارض لأهداف معينة، وكلهم يضعون بهذه المقاطعة التوجه الإصلاحي في مأزق.

إن المشاركة في الانتخابات النيابية القادمة هو أخذ بما هو مطروح على أنه أفضل بكثير مما سبقه، وإن لم يكن المتوقع من قبل الناس، ففي بريطانيا - مثلا - كان مجلس اللوردات (المعيّن) يملك حق نقض قرارات مجلس العموم (المنتخب) لفترة أكثر من مئة عام، حتى استطاع الأخير انتزاع حقه...

وأما المبرر الأخير، فهو أن نبدأ الديمقراطية وإن كانت ناقصة فهي أفضل من أن نبرح مكاننا دون إحراز التقدم.

تساوي المجلسين

ضعف ديموقراطي

* «الوسط»: وما هي آ راء المنتقدين لنظام المجلسين الوارد في دستور 2002؟

- جليلة السيد: يجب أن نكون دقيقين عندما نتناول مفهوم الإصلاح والمشروع الإصلاحي في هذا الموضوع، فقد استخدمنا في البحرين مصطلح «المشروع الإصلاحي» لنصف به المشروع الذي أتى به عظمة الملك للخروج بالبلاد من الأزمة السياسية العاصفة بناء على ميثاق العمل الوطني الذي حظي بنسبة تشبه الإجماع الوطني والذي نستمد منه كامل مشروعية المشروع الإصلاحي.

ويلاحظ بأن الميثاق لا يستخدم كلمة «الإصلاح»، وذلك لأن هذه الكلمة تحمل في معناها تخطئة الماضي، بينما اختار كلمات ألطف، فلم يرد تخطئة الماضي وإنما أراد البناء والتصحيح للمستقبل وبصياغة أخف فاستخدم كلمات «تحديث» و«دولة عصرية» و«تطوير» وكلها مصطلحات إيجابية.

ويستخدم الميثاق في فقراته المفصلية الكلمات «متوازن» و(الشراكة السياسية والدستورية) ويقول: «فقد استقر الرأي على... إدخال تحديث في دستور البلاد بالاستفادة من التجارب الديمقراطية لمختلف الشعوب في توسيع دائرة المشاركة الشعبية في أعباء الحكم والإدارة».

ويقول أيضا: «إن تطور الممارسة الديمقراطية ينبغي ألا يقف عند حدود معينة» - وهذا يجد أصداءه لدى الشيخ عبدالرحمن، ثم يقول: «طالما أن هنالك مساحات أرحب لهذه الممارسة يمكن ارتيادها من أجل فتح آفاق أوسع لمزيد من الديمقراطية» إذن لفتح آفاق أوسع لمزيد من الديمقراطية، يجب علينا أن ننظر أين كنا في أي ديمقراطية وأي ديمقراطية سنحصل عليها!

دعونا نرجع إلى دستور العام 1973 - الذي نأمل من خلال مشروعنا الإصلاحي - أن نزيد عليه ديمقراطية، وبلا شك فإن الصيغة المطروحة للسلطة التشريعية الحالية (دستور 2002) بتساوي عدد المعينين في مجلس الشورى مع المنتخبين في البرلمان وبتقاسمهما الصلاحيات التشريعية تضعف من حيز الديمقراطية، فتشكيلة المجلس الوطني للعام 1973 كانت بالتعيين (14) وزيرا بحكم مناصبهم والانتخاب (40 نائبا) أي أن مصدر 74 في المئة من تركيبة المجلس الوطني هي من الشعب مقابل 26 في المئة من الحكومة. ولكننا الآن إذا تفاءلنا فإن النسبة هي 50 في المئة من الشعب و50 في المئة من الحكومة، في حين أن الغلبة الواقعية ستكون لمجلس الشورى (المعينين) وذلك لأنه في حال اختلاف المجلسين يتم التصويت بينهما مجتمعين برئاسة رئيس مجلس الشورى، وسيتم ترجيح الجانب الذي يصوت معه الرئيس في حال تساوي أصوات المجلسين.

وبالنسبة لما قاله الشيخ عبدالرحمن من ضرورة الإقرار بوجود الإصلاحات، فإنني أقول بأن أي إنسان على درجة من العقل لا يستطيع أن ينكر وجود تقدم ملحوظ في ممارسة الحقوق مقارنة مع العهد الماضي، ولكن دعني اسأل: هل هامش الحرية المعطى يخرج عن إطار الحقوق المدنية المصنفة ضمن حقوق الإنسان؟

نحن لا ننكر على النظام الحاكم حسنة زيادة جرعة هذه الحقوق ولكن النظام عندما ألغى قانون ومحكمة امن الدولة لم يهبنا حقا جديدا!، وهذا في إطاره العام يعبر عن شجاعة عظمة الملك ليرفع ما وقع على المواطنين من حيف وظلم، وهذا ما لا نماري فيه، كما أننا حينما نذكر زيادة سقف الحرية فيجدر بنا أن نشير إلى أن هناك جزءاً من الحرية لم نحصل عليه بعد، فالمستوى الحالي يعتبر دون المستوى المطلوب، ومثال على ذلك التغطيات الإعلامية المبتورة للندوات السياسية.

كما ذكر الشيخ عبدالسلام «المصالحة السياسية»، فهي بلا شك حسنة من الحسنات المحسوبة لعظمة الملك، وفي تقديري أن ذلك راجع لأن يلعب كل مواطن دوره مع تمتعه بحقوقه ومن أجل أن يشارك في صنع القرار والإصلاح، وينطبق على ذلك إطلاق سراح المعتقلين والذين وصفهم الشيخ عبدالسلام بـ (المدانين)، رغم أنني أتحفظ على هذا التعبير، وذلك لأن غالبية من صدرت بشأنهم الأحكام القضائية من محكمة أمن الدولة لم يتمتعوا بوجود الضمانات المقررة في المحاكمات العادية ضمن المعايير الدولية، وبالتالي فإنني لا أعتبرهم مدانين حتى تتوفر لهم المحاكمة العادلة، ومع إلغاء هذه المحكمة فإن ذلك يحسب لعظمة الملك ولمشروع التطوير والتحديث.

نحن كشعب بحريني

نستحق الديمقراطية

وتواصل جليلة السيد حديثها: أما ما ذكره الشيخ عبدالرحمن حول «من نحن» مقابل دول مارست الديمقراطية لسنوات طويلة، فأقول نحن في البحرين من أكثر الشعوب في المنطقة التي عصرت اقتصاديا، ولم نملك الرفاه الذي أنعم الله به على جيراننا، وبالتالي فإن غالبية البحرينيين هم ممن ناضل وعمل بجد واجتهاد لتكوين نفسه ووطنه، وبالتالي فإن الإنسان البحريني لن يساوي نفسه بمن مارس الديمقراطية مئات السنين مثل فرنسا وسويسرا وغيرها، وإنما الديمقراطية التي طلبناها - في العرائض الشعبية وغيرها من الوسائل التي كانت توجه للحكم قبل تولي عظمة الملك الحكم - لم تخرج عن دستور العام 1973، والذي يعبَّر عنه بـ «دستور الحل الوسط» في تلك الفترة، فهو لا يمثل كل الطموح حيث لا يوجد في الدول العريقة ممن يمارس السلطة التشريعية من هو معين، ونحن كشعب بحريني نستحق ديمقراطية أكثر من هذا.

ويقول الشيخ عبدالسلام بأنه لا يجب على المعارضة أن تجزم بصحة كل مطالبها على أساس أن رأيها صحيح يحتمل الخطأ، ولكنني أقول بأن هناك أيضا قاعدة أصولية تنص على أن الحلال بيِّن والحرام بيِّن! وهناك حد أدنى للتصرف في أي أمر فلا يمكن التفريط بأي من الحقوق الأساسية مثل الحقوق السياسية وحرية التعبير والحقوق المدنية الأخرى، فهي - وغيرها - حقوق لصيقة بالإنسان. وعندما يقول الشيخ عبدالسلام لندرس كل حق تطالب به المعارضة لوحدها ونرى إن كان حقا قابلا أن نتفاوض عليه، فأنا لا اتفق معه في ذلك، لأننا لن نجتهد في هذا الأمر. فنتاج الحضارة الإنسانية واضح وجلي، وهو أن حقوق الإنسان حقوق غير قابلة للتصرف أو التفريط فيها.

وأما ما قيل عن الاستفادة من أخطاء الغير في المنطقة وتصنيف المشاركين وغيرهم وتعريض التوجه الإصلاحي للمأزق في حال عدم المشاركة، فقد قال الشيخ الكلمة الفصل او الكلمة الأهم وهي أن المعارضة حق دستوري، والمشروع الإصلاحي (التحديثي) قد أتى لإرساء مشاركة شعبية اكبر، ولكن المشاركة الشعبية يجب أن تكون مشاركة فعالة وحقيقية وفقا للمعايير الدولية، والمسألة لا تزيد عن كونها حسبة رياضيات، فالمعينون - مهما كانت نزاهتهم فإنهم - لا يستطيعون الاستقلال (حقيقة) عن توجهات وآراء من عينوهم، وأنا أقول ذلك من منطلق تعييني في لجنة تفعيل ميثاق العمل الوطني، وكذلك المجلس الأعلى للمرأة، رغم أن عملنا آت وفق ضميرنا، إلا أن الحرية لا يمكن أن تكون كاملة... وبالتالي فإنه من الصعب أن تفصل المعينين عن الجهة التي عينتهم.

وعند البحث سنرى بأنه لا يوجد في العالم ديمقراطية يمارس فيها المعينون صلاحية التشريع بتركيبة عضو معين مقابل كل عضو منتخب! وبالتالي فإنه لو كان عدد أعضاء مجلس الشورى أقل لأمكن لشريحة أكبر من الشعب المشاركة والقبول بهذا الوضع... كما أننا لسنا ضد مبدأ التعيين، بدليل أننا ارتضينا تعيين 14 وزيرا في المجلس الوطني بموجب دستور العام 1973 ولكننا ضد المساواة في العدد والصلاحيات التشريعية.

* «الوسط»: لم لا تأخذون الديمقراطية الحالية وتطورونها في المستقبل؟

- السيد: ولكننا نسأل: هل الآلية الحالية قابلة لذلك؟! فالصيغة المطروحة لا تمثل الحد الأدنى إذ لا يوجد للمعارضة أي حظوظ في نجاح أي مشروع تعرضه... وبالتالي لا يوجد إلا التغيير الفوقي الذي قد يطرحه عظمة الملك، كأن يعطينا دستورا جديدا وإلا فلا يمكن إحداث التغيير من داخل المجلس الوطني.

وقف «طغيان» المنتخبين

الشيخ عبدالسلام: أنا أوافق جليلة على كثير من النقاط التي طرحتها، ولكنني أردت أن ارجع لنظام المجلسين وما ذكر بأنه تراجع، وان المطلوب هو تطوير المجلس الوطني لدستور العام 1973، وإذا كان المتصور بأن البرلمان السابق يمثل الحد الأدنى للديمقراطية المطلوبة، ونتصور بأن عظمة الملك سيقدم لنا تجربة ديمقراطية أفضل من تلك، فأعتقد بأن ذلك يتطلب التوضيح، فما الذي أدى بالمجلس النيابي السابق إلى الحل؟!

طرحت فكرة المجلسين للحد من طغيان السلطة التشريعية على حساب السلطة التنفيذية في الكثير من الدول، مما يحدو برؤساء هذه الدول إلى حل الحكومات أو حل البرلمانات، وليس النظام الديمقراطي في الكويت ببعيد عن ذلك، فلو رأينا كم مرة تم حل مجلس الأمة لكفى عبرة لنا، وكذلك ما يعاني منه الجهاز الإداري في الكويت من تلقاء ممارسة الحل هذه، مما حدا بعدد من الوزراء السابقين إلى رفض الدخول مجددا في الوزارات الجديدة لتجرؤ بعض النواب عليهم بشكل غير رشيد، وكذلك توجيه الاتهامات للوزراء بغير وجه حق، ولولا العلة التي في الدستور السابق لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه.

المعينون مكبلون حتى

لو كانوا مستقلين!

* «الوسط»: وكيف تريد أن تشارك في سلطة المجلس التشريعي والمنتخب وهو لا يملك صنع القرار؟

- الشيخ عبدالسلام: ليس بالضرورة أن يكون هذا صحيحا، فجليلة كانت عضوا معيناً في لجنة تفعيل مبادئ ميثاق العمل الوطني، وكنت عضوا معينا في مجلس الشورى، وصحيح أن هناك حاجزاً نفسياً للمعيّن لا يستطيع تجاوزه أثناء تأديته لمهامه، ولكنه يجب عليه العمل وفقا لما يمليه عليه ضميره ومعتقداته بقول كلمة الحق، وبالتالي لا ينبغي أن نعتقد بأن كل المعينين هم مع الحكومة وكل المنتخبين ضدها.

والنقاط الحساسة مثل تعديل الدستور وغيرها وهي من أهم النقاط التي ستكون محل جدل وفصل وحساسية، وأما بقية التشريعات، فلن تكون كذلك، لأنها تصب في الاقتصاد وتنظيم شئون المجتمع وهذا لن يكون فيها خلاف كبير بين الحكومة وممثلي الشعب، وأعتقد بان المعارضة ستجد من المعينين من سيقف معها في كثير من التشريعات التي تهم المجتمع.

* «الوسط»: إلى أي مدى ستكون هناك فاعلية للمنتخبين في صنع التشريع من خلال دستور العام 2002؟

- الشيخ عبدالسلام: الفاعلية للمنتخبين ستكون جيدة، وسيستطيعون المشاركة في صنع القرار، لأن القرار في التشريعات غير الحساسة ستكون ممكنة، فهذه القرارات الساخنة كانت السبب في حل برلمان العام 1975 من خلال الصدام، وعلى رأس ذلك مطالبات إلغاء القاعدة الأميركية في البحرين، حيث اجتمعت الحكومة مع أعضاء البرلمان وتم نقاش هذا الموضوع بشكل سري للغاية فليس بمقدور دولة صغيرة مثل البحرين أن تطرد دولة عظمى مثل الولايات المتحدة، فهذا فوق طاقتها... وكذلك ما تلاه من رفض البرلمان لقانون أمن الدولة ومن ثم إقراره من قبل الحكومة وحل البرلمان.

* «الوسط»: ولكن هل تتصور بأنه لو طرح قانون أمن الدولة نفسه من جديد على المجلس الوطني لدستور 2002 لتم إقراره؟!

- الشيخ عبدالسلام: لا... لا... لا، والله لا يمكن، حتى لو عرض على مجلس الشورى لما أقره!!

* «الوسط»: ولكن ألا تتذكر عندما صوت مجلس الشورى في العام 1996 في جلسة واحدة على توسيع صلاحيات قانون أمن الدولة واعتبرت هذه الخطوة من قبل عدد من المعارضة بأنها أخطر من قانون أمن الدولة نفسه؟!

- السيد: نعم هذا صحيح، فقد تم طرح توسيع اختصاصات قانون أمن الدولة، وذلك أن قانون العقوبات من قبل كان يخصص ثلاثة أبواب فقط لمحكمة أمن الدولة وهي التجمهر والشغب وأمن الدولة الخارجي وأمن الدولة الخارجي، فطلبت الحكومة آنذاك أن تبسط سلطة المحكمة على جرائم أخرى مصنفة ضمن أبواب أخرى.

* «الوسط»: ما رأي الشيخ عبدالسلام في هذا؟!

- الشيخ عبدالسلام: أنا متفائل ولكنني أتفق مع جليلة السيد في نقطة تساوي المجلسين في العدد والسلطة التشريعية، فهي ليست في صالح المعارضة ولا في صالح الديمقراطية المطلوبة.

المجلس الآخر أوروبياً وأردنياً

السيد: الشيخ عبدالسلام تطرق للتجربة الكويتية وأن برلمان أحادي الغرفة يطرح مشاكل التجاذب المستمر وخصوصا فيما يتعلق بحجب الثقة والتصلبات لرأي معين، ونتفق معه كذلك على أن نظام المجلسين له إيجابياته من الجهة المقابلة، وقد وافق شعب البحرين على هذا النظام على أن يكون المجلس المعين لا يمارس السلطة التشريعية ويكون استشاريا للحكومة فقط، وهذه هي تعبيرات الميثاق نفسه.

ولو فرض أن مجلس الشورى له سلطة تشريعية فهذا لا بأس به، شريطة أن يكون منتخبا مثل الديمقراطيات العريقة، وبالتالي يجب علينا أن ندرس ونستفيد من تجارب الشعوب لا أن نعيد التجربة من جديد... ومثال آخر بالنسبة لممارسة المعينين للسلطة التشريعية هو الأردن، ولكن عدد المعينين هو نصف عدد المنتخبين.

وبالنسبة لما قاله الشيخ بان النقاط الحساسة هي التي ستكون محل خلاف بين المعارضة والحكومة بينما ستمر بقية الأمور بدون صعوبة، فهذا صحيح، ولكننا نريد لنظامنا الديمقراطي أن يكون محكما حين يقع الاختلاف، ونحن لا نحتاجه حين نتفق... وخطأ الماضي قابل لأن يتكرر حتى اليوم، حيث يمكن للمجلس التشريعي لدستور 2002 أن يقر قانوناً مثل قانون أمن الدولة بوجود المنتخبين! وأتصور أن تمرير هذا القانون الآن أسهل منه في العام 1973.

أنا أعرف بأن عظمة الملك ومستشاريه لم يطرحوا توليفة 40 منتخباً مقابل 40 معيناً وهم يعلمون أن هناك عدداً كبيراً من المواطنين سيعارضها، إلا وهم يعلمون بأن هناك ثماراً تؤكل منها، ألا وهي تمرير كل مشاريع الحكومة بسهولة وإسقاط كل مشاريع المعارضة بسهولة!!

مشاركة الشورى التشريعية بين التصريحات والنص

الشيخ عبدالسلام: ردا على ما ذكرته جليلة السيد بان الميثاق حدد وظيفة مجلس الشورى بأنه استشاري فقط، أقول بأن ما ذكره الميثاق مفهوم واسع، وأستدل هنا إلى ما ذكره عظمة الملك قبل صدور الميثاق في اجتماعين منفصلين حضرتهما، الأول مع أعضاء مجلس الشورى والثاني مع رؤساء الجمعيات الأهلية وقد ذكر بأن وظيفة مجلس الشورى ستكون مشاركة في العمل التشريعي... وقد عرض هذه الفكرة على دول مجلس التعاون وقد استحسنوا الفكرة.

وقد سألت شخصيات أخرى زارت عظمة الملك خلال تلك الزيارات فكرروا نفس المقولة، مما جعلني استغرب من تصريح وزير العدل والشئون الإسلامية قبيل التصويت على الميثاق بأن مجلس الشورى سيكون استشاريا فقط وأعتقد بأن هذا التصريح كان غير دقيق.

* «الوسط»: ولكن ماذا عما تم بثه في مجلس السيد علوي الغريفي لسمو الأمير (آنذاك) حول مرجعية الدستور وتصريح سمو ولي العهد وفي مؤتمره الصحافي قبيل التصويت على الميثاق والذي أكد فيه على حاكمية الدستور على الميثاق؟

- الشيخ عبدالسلام: لم يقولوا صراحة ذلك، وإنما كان تصريح وزير العدل هو التصريح الأوضح.

السيد: لقد كرر عظمة الملك تصريحات أن مجلس الشورى له صلاحيات تشريعية في مجالس مع بعض المواطنين، في حين أن وزير العدل وسمو ولي العهد قالا في مجالس عامة (مؤتمرات صحافية) عكس ذلك، ومعروف أن عظمة الملك يمارس الحكم من خلال وزرائه ونائبه، ولنفرض أن نائبه ووزيره سهيا عن نقطة مفصلية، فقد كان الأجدر أن يصحح هذا الخطأ عندما صدرت التصريحات، وليس لاحقا.

الشيخ عبدالسلام: ولكنني أعتقد بأن وجود مجلس معين له سلطة استشارية سيكون عبئا إداريا وماليا على الحكومة لا معينا لها، خصوصا مع وجود المستشارين والكوادر الحكومية الضخمة، وبالتالي فإنه لا يمكن تقبل أن يكون مجلس الشورى استشاريا فقط!

السيد: ولكن هذا ما ذكره «الميثاق» بالنص: «تتكون السلطة التشريعية من مجلسين، مجلس منتخب انتخابا حراً مباشراً يتولى المهام التشريعية إلى جانب مجلس معيّن يضم أصحاب الخبرة والاختصاص للاستعانة بآرائهم فيما تتطلبه الشورى من علم وتجربة!!».

الشيخ عبدالسلام: ولكن وجود كلمة (إلى جانب) تعني اشتراك المجلسين في السلطة التشريعية!

السيد: هل تريدني أن أحاسب الناس على تصويتهم على إضافة كلمة (إلى جانب) وأفسرها وأؤولها؟! هل هذا عدل؟ أم أنه كان يجدر الأخذ بصريح النص؟! وإذا أردنا أن نعطيهم ذات الدور وذات العدد فكان يجدر بصياغة الميثاق أن تكون صريحة في هذا المجال، لا أن اصف المجلس المنتخب بممارسة السلطة التشريعية والمجلس المعين ذا الخبرة بالاستعانة بآرائهم في المشورة.

الشيخ عبدالسلام: المجلس المنتخب يمثل رأي الشعب والمجلس المعين يمثل الخبرة المنتقاة من قبل الحكومة.

السيد: لو أن الإرادة السامية كانت تعني ذلك منذ البداية لكان أجدر أن ينص الميثاق على (تتكون السلطة التشريعية من مجلسين، الأول منتخب والآخر معين يمارسان المهام التشريعية) لتتضح الصورة... وهذا يدل على تعمد الغموض في صياغة الميثاق إذ كانت النية مبيتة على أن يتناصف المجلسان السلطة التشريعية

العدد -5 - الإثنين 26 أغسطس 2002م الموافق 17 جمادى الآخرة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً